عن رسول الله (ص) : (من سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم)، وقد إستفاضت رواية هذا الحديث- بالمضمون- عن رسول الله (ص) عن طريق الفريقين، وممن روى هذا الحديث عن رسول الله(ص) من المحدثين الشيعة الحر العاملي رحمه الله في ( وسائل الشيعة) ج11 ص108 ح1.
ونور النبوة والوحي يلوح من هذا الحديث الشريف، وهو حديث عجيب يستوقف الإنسان طويلاً، فهو يوجب على نحو الفرض إغاثة المسلمين، إذا حلّت بهم نكبة أو ظلم، والذي لا يستجيب لاستغاثة المسلمين، ولا يسرع إلى إغاثتهم فهو ليس بمسلم.
ولا يقتصر أمره على نفي التقوى والطاعة، وإنّما ينفي هذا الحديث الشريف عنه الإسلام، وليس معنى نفي الإسلام أنه لا يشهد الشهادتين وإنما المعنى خروجه عن دائرة الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، فلا يكون عضواً في الأسرة المسلمة الكبيرة، إن للإنتماء إلى هذه الأسرة شروط وتكاليف، وفي مقدمة هذه الشروط والتكاليف النجدة والنصرة والإسراع إلى إغاثة المسلمين، أينما كانوا من مشارق الأرض ومغاربها.
وقد ورد بهذا المضمون نصوص كثيرة في ثقافة الانتماء والولاء في الإسلام، من ذلك ما رواه المحدثون من الفريقين عن رسول الله (ص): (من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين، فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي يالمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم) ( رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق ص 143)
* * *
لقد تعرضت حركة( حماس) لظلم فظيع من قبل إسرائيل، في حادث أسر الجندي الإسرائيلي... الذي أسرته(حماس) ليقايضوا به إسرائيل في إطلاق سراح الأطفال والنساء، فقط، من مجموعة عشرة ألاف رهينة فلسطينية في سجون إسرائيل، إختطفتهم إسرائيل من داخل بيوتهم وسجنتهم منذ سنين طويلة.
فغضبت الحكومة الإسرائيلية لهذه الجرأة الفلسطينية، ودخلت بقواتها غزة، وقتلت الأبرياء، ودخلت البيوت عنوة، واختطفت الوزراء وأعضاء مجلس الأمة من داخل بيوتهم في إستهتار وغطرسة وهمجية، ودخلت بجرّافاتها فهدمت بيوت الناس على أصحابها، واستمرت هذه العملّية الهمجية الإسرائيلية، على مسمع ومنظر من المسلمين، وهم يستغيثون، وليس من مغيث، والقنوات الفضائية تحمل كل يوم وليلة إلى مسلمي العالم مشاهد من هذا الظلم الفظيع والغطرسة والعنجهية الإسرائيلية على مسلمي فلسطين.
والأنظمة العربية، وهي تمثل شطراً واسعاً من العالم الإسلامي، لم ترفع استنكار، ولم تعلن إدانة، ولم تستنكر، ولم تتدخل، ولم تتوسّط، وكان القوم الذين يصيبهم هذا الظلم الفظيع قوم من تاميل في سريلانكا، والإسلام لا يقر هذا الظلم حتى إذا كان يجري على التاميل في جزيرة بجنوب الهند ... ولهؤلاء الحكام سفراء في تل أبيب، ولتل أبيب سفراء في القاهرة والأردن، وغيرها فلم يعترض سفراؤهم، ولم يطلبوا سفيراً إسرائيلياً لإعلان اعتراض الأنظمة العربية على هذه الهمجية والغطرسة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
انه شاهد صدق على موت (الضمير الإسلامي) وفقدان( الغيرة الإسلامية) في هذه الأنظمة، وهي حالة مؤسفة ومؤلمة، ومنذرة بالخطر الوشيك على المسلمين، إذا لم يبادر المسلمون لعلاج هذا الأمر.
يحدّثنا التاريخ أن معاوية بن أبي سفيان كان يرسل جماعات من أهل الشام، ليغيروا على أطراف العراق، على الرجال والنساء والأطفال، فيقتلونهم ويسلبون النساء المسلمات والذميات فيقول الإمام أمير المؤمنين (ع) : (( ولقد بلغني أن الرجل منهم ( من جماعة معاوية ) كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها، وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه الإبا للاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجل منهم كلم، ولا أريق لهم دم ... فلو أن إمرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان عندي جديراً ))( نهج البلاغة: 69-70 خطبة 27) .
اجل، لقد كانت الأنظمة العربية تشهد أفظع مشاهد الظلم على حكومة فلسطينية من قبل الإسرائيليين، فلم تحرك ساكناً، حتى على قدر براءة الذمة!! وانبرى(حزب الله) في وسط هذا الوجوم والسكوت، ليعلن غضبه على الغطرسة الإسرائيلية، ملّبياً دعوة حماس، فاختطف جنديين وقتل ثمانية من جنود العدو، وأخرج صرخة الاستغاثة الفلسطينية للمسلمين إلى حيّز الإجابة والإغاثة والتلبية.
ويناقش البعض في مبادرة حزب الله، بان هذه المبادرة كلّفتهم وكلفت لبنان كثيراً من الخراب والدمار، وليس له توجيه لمن يعرف حجم الرد الإسرائيلي على مبادرة حزب الله.
أقول لهؤلاء، إن ما حققه حزب الله هو أعظم بكثير، عما خسره لبنان من العمران، ومما خسره حزب الله من عناصره.
ولقد حقق حزب الله – في هذه المعركة أمرين عظيمين: الأمر الأول النصر الذي حققه الله على يده على إسرائيل والهزيمة التي الحقها الله بإسرائيل على أيديهم، وقد كسر ذلك النصر وهذه الهزيمة هيبة إسرائيل العسكرية، التي طالما كانت تتغنى بها منذ سنة 1967م حرب الأيام الستة حتى الآن.
والأمر الثاني الذي حققه حزب الله الاستجابة والإغاثة لاستغاثة حماس من المسلمين، فلا يسجل التاريخ أن ظلماً فظيعاً بهذا الحجم جرى على فئة من المسلمين، ولم ينبر احد من المسلمين لإغاثتهم.
|