ماذا يفعل المسلمون بمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، وهما خاضعان بالكامل لنفوذ أمريكا، وبعد ذلك لنفوذ الدول الأربعة الأخرى صاحبة قرار الرفض في مجلس الأمن.
إن ملياراً وثلاثمائة مليون مسلم لا شأن لهم في قرار الرفض في مجلس الأمن، ويختص هذا القرار بالدول الكبرى فقط... وبإمكان أمريكا وحدها، أن توقف رأي 180 دولة مشاركة في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن باستخدام (الفيتو: حق الرفض)، فلا يستطيع مجلس الأمن أن يصنع شيئاً بعد ذلك.
وقد افتتح كوفي أنان سكرتير مجلس الأمن الجلسة الأخيرة التي قررت وقف أطلاق النار بعد 34 يوماً يحترق فيه لبنان تحت قصف إسرائيل بهذه الكلمة الموجعة: قال في افتتاح الجلسة، وأنا لا اذكر نص الكلمة وإنما انقل مضمونها: إنني أكون خائناً لمسؤوليتي في مجلس الأمن- إذا لم أسجل هنا خبيتي في هذا المجلس، إن لبنان يحترق بالنار منذ 34 يوماً، ومجلس الأمن لم يتمكن أن يتخذ قراراً لوقف إطلاق النار.
لقد اجتمع مجلس الأمن خلال هذه الفترة أكثر من مرة، وكان المجتمعون يقررون وقف إطلاق النار في لبنان فوراً.
ولكن أمريكا وحليفتها بريطانيا لوحدهما كانا يرفضان القرار، ويوقفانه.وبإمكان أمريكا وحدها أن توقف قرار مجلس الأمن، فماذا يصنع المسلمون بمجلس الأمن هذا؟
وهذا السؤال جاد، ليس فيه تعجيز ولا تحدي، وإنما فيه دعوة للمسلمين إلى أن يفهموا جيداً قيمة هذه المؤسسة الدولية، ودورها، وحدّها من الحياد والانحياز تجاه أمريكا خصوصاً، وتجاه سائر أنظمة الاستكبار العالمي عموماً.
كان لبنان يحترق تحت القصف الإسرائيلي، ونزح مليون إنسان في لبنان إلى الأردن وسوريا، سكنوا المدارس، والمساجد، وبيوت الناس، وأكثر من 15.000 داراً تهدمت على ما فيها من الناس والأثاث، وتهدمت البنى التحتية في لبنان من الجسور ومحطّات الكهرباء ومخازن الماء والوقود والمستشفيات وشبكات الهاتف، وجرت مجزرة قانا السيئة الصيت في هذه الأيام، وانتفض الضمير الإنساني، في كل مكان لقصف قرية قانا على يد الطيارين الإسرائيليين بهذه الطريقة الهمجية.
وكان القصف والتخريب والقتل والمجازر البشرية يومئذ على أشدّها. واجتمع مجلس الأمن، ولم يتمكن من وقف إطلاق النار!! ولم يتمكن من إدانة هذه الهمجية الإسرائيلية على اقل التقادير!! ... ولم يتمكن من إدانة إسرائيل في مجزرة قانا التي هزت الضمير الإنساني في كل مكان!! فماذا يفعل المسلمون بمجلس الأمن؟ ولو أن المسلمين علقوا علاقاتهم بمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة إنقاد لهم هذا المجلس الاستكباري البتة... ولكن ما الحيلة، وقرار المقاطعة والمتابعة والرفض والتسليم ليس بأيدي جماهير المسلمين، وإنّما يتحكم فيه الحكام الذين باعوا كل شيء لأنظمة الاستكبار العالمي، حتى ضمائرهم. إن مصيبتنا في حكامنا (حاشا القليل منهم) أكبر من مصيبتنا بأمريكا ومجلس الأمن وإسرائيل.
إن انحصار قرار الرفض(الفيتو) في الدول الخمسة فقط أكبر إحتقار توجهه المنظمة الدولية الى المسلمين والعرب جميعاً، ولكننا للأسف، تطّبعنا على هذا الاحتقار، حتى عدنا لا نشعر به.
إن الأسرة الدولية الكبيرة بحاجة إلى منظمة دولية تعبرّ عن رأي الأسرة الكبيرة، وليس فقط عن إرادة وموقف أنظمة الاستكبار العالمي. ولم تعد المنظمة الدولية الحاضرة قادرة على أداء هذا الدور العادل في العلاقات الدولية.
ولو أن المسلمين قاطعوا هذه المنظمة الدولية لسقطت المنظمة المنحازة، وفقد الاستكبار العالمي آلية دولية من أعظم آليات الاستكبار في علاقاتها مع الأنظمة المستضعفة، مسلمين وغير مسلمين.
ولكن ماذا نفعل إذا كنا نحن بأيدينا نعطي الشرعية لهذه المنظمة المنحازة التي تمارس أقبح أنواع الظلم والإمتهان والإحتقار بحق مليار وثلاثمائة مليون مسلم.
إن مجلس الأمن يحتكر الشرعية والقوة والقرار لصالح دول الاستكبار الخمسة لضرب من تريد أمريكا ضربه، وإدانة من تريد إدانته، والتغاضي عن عدوان من تريد التغاضي عنه.
وسوف يأتي اليوم الذي يعجب ويأسف فيه أبناؤنا من الجيل القادم لرضوخنا المعيب، ومشاركتنا الضعيفة الموهونة في مجلس الأمن، ويتساءلون ماذا دهى آباءنا حتى قبلوا بكل هذا الإحتقار والإمتهان في علاقاتهم الدولية.
أو ليس الله قد اعزهم بالإسلام (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فلماذا تقبلوا كل هذا الامتهان من المنظمة الدولية المنحازة.
|