متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
قاعدة الهلال
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

قاعدة الهلال


لقد كان النظام العراقي مرشحاً للسقوط ... ولم يُعد يشك من كان يتتبّع أحداث العراق قبل السقوط في حقيقتين:
الحقيقة الأولى: ان النظام التكريتي أصبح هشاً ضعيفاً في معرض السقوط، ولم يُعد بإمكان النظام الأمني الحديدي الذي أسّسه حزب البعث في العراق أن يقاوم سخط الجمهور وثورة الغضب في الشارع العراقي كثيراً ... وهذه هي الحقيقة الأولى.

والحقيقة الثانية: إن المعارضة الإسلامية هي أقوى البدائل المرشحة للقيام مقام النظام الذي أرهقته الحروب والمغامرات والحماقات التي ارتكبها صدام مرة بعد أخرى.

وكانت هاتان الحقيقتان لا تخفيان على غرف الرصد الأمريكية ... وكانت النتيجة واضحة لدى الأمريكان، إن سارت الأمور على طبيعتها، فسوف يسقط نظام صدام لا محالة، وسوف يحل الإسلاميون محل صدام ونظامه في الحكم في العراق، والإسلاميون - كما هو معروف - حالة سياسية مستعصية على النفوذ الأمريكي.

كل هذه الحقائق كانت تستقطب الاهتمام الأمريكي. فكان لابد من تغيير سريع لمجرى الأحداث ... والآلية الوحيدة التي تغيّر مجرى الأحداث، ويحوّل السلطة في العراق من صدام إلى الأمريكان، هي أن يقوم الأمريكان أنفسهم بإسقاط صدام، لتتحول السلطة من قبضة صدام إلى قبضة الأمريكان، مباشرة، من دون العبور بالشارع العراقي، فينتهي كل شيء، ويصبح الأمريكان وعملاؤهم البدائل الشرعية لنظام صدام ... وهذه خطة دقيقة محكمة، إن سارت الأمور على ما يرومه الأمريكان في تحويل مجرى الأحداث من البديل الإسلامي إلى البديل الأمريكي.

وعلى هذا الأساس تمّ سقوط نظام صدام على يد الأمريكان مباشرة، ووضع الأمريكان أيديهم على كل شيء.
غير أن الأمريكان لم يحسبوا حساباً لحضور الإسلاميين الواسع في العراق، وثقة الشارع العراقي بالمرجعية الدينية والإسلاميين، وثقة المرجعية الدينية في الإسلاميين أولاً، وقدرة الإسلاميين في العراق على التعاطي السياسي مع الأمريكان، وقدرتهم على المرونة السياسية في التعامل مع الأمريكان في سلامة من دينهم وكرامتهم واستقلالهم ثانياً.

وقد كانت هذه النقطة موضع نقاش كثير في صفوف الإسلاميين، فكان رأي أكثرهم أنّ حضور الإسلاميين في مواقع الحكم والقرار، وإن كان في دائرة النفوذ الأمريكي أفضل من الغياب ... وعلى هذا إستقر موقف الإسلاميين من الحكم في العراق، وكان رأي المرجعية الدينية في هذه المسألة إيجابية، وهو أمر أساسي في هذه المسألة.

والنتيجة التي حصلت من هذه وتلك: إن الإسلاميين سجلّوا حضوراً جيداً في مواقع القرار والحكم، وانتخبهم الناس، ووضعوا أمريكا أمام أمر واقع، وبدأوا يضغطون على أمريكا بالانسحاب من العراق ... وهكذا وجدت أمريكا نفسها في مقلب سياسي، لم تكن تحسب له حساباً من قبل.

صحيح أن القوات الأمريكية تجول في الشوارع والطرق بمدرعاتها، وتجوب سماء العراق بطائراتها العسكرية، ولكن الأحداث كانت تتفاعل بسرعة في الشارع العراقي، باتجاه رفض حضور الأجنبي وسيادته في العراق، والمطالبة بانسحابه، أو على الأقل بجدولة الأنسحاب في فترة قصيرة على الأقل، وحصلت مواجهات مسلّحة كثيرة في الشارع العراقي ضد الحضور الأمريكي، وكانت غرف الرصد الأمريكية بتجاربها الكثيرة في هذا الميدان تتوقع قيام مقاومة مسلحة ضد الحضور الأمريكي في العراق في وقت قريب.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net