متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
2- الوعي
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

2- الوعي


والعنصر الثاني من العناصر المكونة للمقاومة الإسلامية الوعي الجهادي والحركي والسياسي. وهذا الوعي من ثمرات الإيمان بالله، لا تنفك عنه.
وهذا الوعي تقتبسه من كتاب الله مباشرة (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)، البقرة/193.
إن الاستكبار الكافر المتمثل اليوم في إسرائيل مبعث فتنة واسعة، وحريق واسع من الفتن في العالم الإسلامي ... وما دامت إسرائيل قائمة تدوم هذه الفتنة، فلابد من ان يعمل المسلمون لإجتثاث هذه الفتنة من الجذور، لئلا تكون هناك فتنة، وليكون الدين والحاكمية لله تعالى.

يقول تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ)، النساء/ 75.
إن هذه المقاومة والقتال هو سبيل خلاص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا الله.

إن إسرائيل اليوم محرقة وفتنة في المنطقة، وعقبة في طريق إستقرار المنطقة وسلامتها، وفي طريق توحيد الله وعبوديته، وأداة أمريكا لاستضعاف المسلمين، وهي تختزل أكثر مصائب المسلمين في الوقت الحاضر. ولا سبيل للمسلمين للتخلّص من ذلك كله إلا بإزالة إسرائيل من الخارطة السياسية بالكامل.

وما لم يتوصل المسلمون إلى هذه الحقيقة السياسية الكبيرة فإن المنطقة الإسلامية كلها تعاني من حالة عدم إستقرار دائم، وسوف تمارس إسرائيل دوراً منظماً مدروساً في تثبيت إقدام الاستكبار الأمريكي في المنطقة.

يقول أمير المؤمنين (ع) لجنده يوم صفين حينما استولى جند الشام على الفرات ومنعوا عسكر الإمام من الماء، يقول لهم الإمام (ع) :( قد استطعموكم القتال، فأقروا على مذلة، أو روّوا السيوف من الدماء تُرْووا الماء ).
يقول (ع) لهم: ليس أمامكم الا خيارين اثنين:
إما أن تُقرّوا بالمذلة أو ترووا السيوف من الدماء فتُسقون الماء عندئذ.
ثم يقول (ع) لهم: (فالموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين).
الذي يستقبل الموت يقهر عدوه، لا محالة، والذي يهرب من الموت، وتطيب له الحياة يعيش حياة ذليلة البتة.
ان حياة العز والقوة في استقبال الموت، وحياة الذل والهوان في الهروب من الموت.
فاختاروا لأنفسكم ما شئتم، أيّها الناس.
ويقول (ع) لهم: (ان اكرم الموت القتل).
ان الموت حقيقة حتمية لا مفر منه، ومهما يتقدم الإنسان في حياته ساعة يقرب من الموت مثلها.

يقول (ع) : (ان الموت طالب حثيث، لا يفوته المقيم ولا يُعْجزه الهارب).
فإذا كان الأمر كذلك، وكان لابد من لقاء الموت على كل حال، ولا سبيل للإنسان إلى التخلّص من الموت، فلماذا يدفع الإنسان عن نفسه اكرم الموت، وهو القتل في سبيل الله، ويموت كما تموت الدواب.

ويقول (ع) : (رُدّوا الحجر من حيث جاء، فإن الشر لا يدفعه الا الشر).
وهذه الكلمة هي جوهر الوعي السياسي والجهادي في مواجهتنا الدائمة لإسرائيل.
فإن إسرائيل لا تزال تكيد بالمسلمين، وتمكر بهم، وتتآمر عليهم، وتتفق مع كل قوى الشر والاستكبار في العالم في إستضعاف المسلمين وفي النيل منهم.
فإذا تحفظ المسلمون أن يردوا هذا الشر بشرّ يكافؤه، فلا يزال هذا الشر يصلهم من ناحية إسرائيل والاستكبار العالمي.
ولا سبيل لهم إلى دفع هذا الشر الا بشر مثله وهذا الوعي هو الوعي السياسي والجهادي والحركي الذي خطته المقاومة الإسلامية لنفسها.
إن من الخطأ أن نلتمس من إسرائيل إطلاق سراح عشرة آلاف من سجنائنا رجالاً ونساءً، وأطفالاً ومرضى وأصحاء.

فان إسرائيل لا تفهم لغة الحوار والرحمة والتفاهم، واللغة الوحيدة التي تفهمها وتسمعها وتصغي لها، هي اللغة التي خاطبهم بها حزب الله في لبنان وحماس وشباب الانتفاظة في فلسطين، وهو لغة القوة والمقاومة.
وهذا هو الوعي السياسي والحركي الذي لابد منه في هذا المقطع الحساس من تاريخنا المعاصر.
وهذا الوعي الحركي، من مكونات (المقاومة).

ولو أنّ المقاومة كانت تنطلق من منطلقات حبّ العافية، وإيثار السلامة، وحب الدنيا، والثقة بوعود الاستكبار العالمي، والمساومة، والمداهنة، لاختلف الأمر، ولم تكن المقاومة مقاومة، ولكان الاستكبار العالمي يعمل على تدجين المقاومة، كما دجّن قبل ذلك الأنظمة.
إنّ العطاء والحركة و(الموقف) من نتائج (الوعي) والوعي من نتائج (الإيمان).
وهاتان معادلتان، لا سبيل للتشكيك فيهما.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net