متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
5- شروط النصر
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

5- شروط النصر:
وليس معنى ما تقدم من الكلام إنّ الله تعالى يهب النصر لعباده من دون حساب ولا نظام، بلى، إن الله يهب النصر لمن يشاء، ويمنع النصر عمن يشاء، ولكن ضمن حساب ونظام وقانون ... وهذا الكون يقوم على اساس النظام والقانون. والله تعالى هو خالق هذا النظام والقانون.

ولكل شيء في هذا الكون شروط وأسباب.
وهذه الشروط والأسباب لا تنافي أن النصر من عند الله يهبه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء.
وهذا واضح لمن يفهم لغة القرآن في هذه المسائل.
فإن الرزق من عند الله، من دون شك، والله هو الرزاق المتين، وليس لغيره من عباده وخلقه شأن في الرزق .
(وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)، آل عمران/ 27.
(نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)، الانعام/ 151.
(وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، البقرة/ 212.
(إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، آل عمران/ 37.
(اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ)، الرعد/ 26.
(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، الذاريات/ 58.

ولكن الله تعالى جعل للرزق أسباباً ومفاتيح، أمر عباده ان يطلبوا رزقه من خلال هذه الأسباب والأبواب.
(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ)، الملك/ 15.
وكذلك الأمر في النصر، فإن النصر من عند الله لا ريب في ذلك، ولكن الله تعالى جعل للنصر مفاتيح وأبواباً وأسباباً وأُمرنا أن نطلب النصر من خلالها.

وليس معنى الإيمان والثقة بنصر الله إهمال الأسباب والشروط والإعداد الميداني لعوامل النصر.
وإن من الشطط في الفهم أن نفهم ما تقدم من الآيات أن الله يرزق النصر لمن يشاء من عباده، إعتباطاً ومن دون نظام وقانون.

ومن أسباب النصر إعداد القوة للمعركة، والتخطيط لها، والإعداد لها إعداداً كاملاً.
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ، وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ، لاَ تَعْلَمُونَهُمُ)، الانفال/ 60.

إن إعداد القوة على وجه الأرض، وفي الميدان من ضرورات القتال، ولابد من هذا الإعداد والتحضير، ولكن لا يجوز الاعتماد عليه، فإن الاعتماد على الله.

وقد نصر الله الفئة الضعيفة على الفئة القوية، فلا يصح الاعتماد على قوة السلاح والتحضير الميداني للمعركة، ولكن لابد منه، وهو من شروط نزول النصر من عند الله، ومن مفاتيح نصر الله والجمع بين هذا وذاك من رقائق ثقافة القرآن، نسأل الله ان ينعم علينا بها.

ومن شروط النصر ان ينتصر المؤمنون لله تعالى، وينصرون الله، فإذا وجد الله منهم الصدق والجدّ في نصر دينه نصرهم.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، محمد/ 7.
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، الحج/ 40.

ومن أهم أسباب النصر: الصبر والصلاة.
(وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، البقرة/ 45.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، البقرة/ 153.
والصبر معنى واسع وشامل يشمل الصبر على الأذى والاضطهاد، والمقاومة لوسائل الظالمين في اضطهاد المؤمنين وعذابهم وملاحقتهم.
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا)، الانعام/ 34 .
وكان من دعاء المؤمنين في ساحات القتال والمواجهة طلب النصر من عند الله،
وتثبيت اقدامهم على ارض المعركة، (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
البقرة/ 250.

ولابد في المعركة والمواجهة من الصبر، ومن يصبر ينصره الله تعالى.
ومن معاني الصبر: الصبر على الإعداد والتحضير الميداني، والنفسي، والسياسي، والتخطيط الإعلامي، والمالي، والعلمي، والتسليحي للمعركة.

فان المعركة بحاجة إليها جميعاً، والإعداد للمعركة يحتاج إلى جهد كبير وصبر كثير، فإذا وجد الله تعالى من عباده الصدق في الصبر فتح الله عليهم أبواب النصر ورزقهم السلاح والمال والقوة والإعلام والدعم والخطة والنظام، كما تحتاجه المعركة.

والعنصر الآخر من متطلبات المعركة (الصلاة)، (واستعينوا بالصبر والصلاة).
ان الذكر والإقبال على الله، واللجوء إليه تعالى، والاستغاثة به، وطلب النصر منه، من أعظم متطلبات المعركة، وأبواب النصر.

ولقد رفع رسول الله (ص) يديه إلى الله في بدر، واقبل على الله في دعاء
وإلحاح في الدعاء، فقال: (اللهم ان شئت ألاّ تُعْبَد لا تُعْبد). فقد كانت هذه الفئة القليلة في بدر التي واجهت عتاة قريش هي وحدها التي تعبُد الله تعالى من دون سائر الناس، فإذا هُزِمت في هذه المعركة، ومحقت، وهلكت، فسوف لن يكون هناك من يعبدُ الله على وجه الأرض، واستغرق رسول الله في الدعاء حتى وقع ردائه عن متنه.

وإن للإقبال على الله في المعركة وطلب النصر من عند الله، واللجوء الصادق إلى الصادق دوراً كبيراً في تحقق النصر.
يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ)، الانفال/ 45.
وقد كان أنبياء الله عليهم السلام والمؤمنون يطلبون النصر من عند الله ويستنصرون الله، (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، أَنتَ مَوْلاَنَا، فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، البقرة/ 286.

ومن دعاء طالوت ومن معه من المؤمنين لما برزوا لجالوت: (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، البقرة/ 250 .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net