ولابد أن نتساءل في هذه الجولة الثقافية - السياسية: من أين نطلب النصر؟ وعلى الإجابة على هذا السؤال يتوقف كثير من قضايانا ومواقفنا السياسية.
لقد كان أمل الأنظمة العربية وثقتها في 67 في الاتحاد السوفيتي، أن يمدهم بالجسر الجوي الذي ينقل إليهم السلاح والعتاد من موسكو إلى القاهرة، فخيّب الله أمل الأنظمة العربية في السوفييت، لعلهم إلى الله يعودون.
ولست أقول: إننا لا نطلب السلاح من السوفييت أو غيرهم في المعركة. فلابد في المعركة من السلاح، والسلاح اما ان نصنعها نحن، أو نطلبها من هنا وهناك. وإلى هنا المسألة طبيعية وتجري طبقا لسنن الله تعالى.
ولكن الذي كان يجري في الساحة العربية يومئذ داخل الأنظمة العربية الموالية للسوفييت، إنهم كانوا ينشدون النصر من السوفييت، وليس من الله.
وقد عشت أنا هذه الفترة الصعبة العسيرة، وكنت أقرأ وأسمع أدبيات معركة حزيران 67 م في الأيام الستة وبعدها.
وشتان بين وجهة (حزب الله) اليوم في قتاله لإسرائيل ووجهة الأنظمة العربية في قتال إسرائيل قبل أربعين سنة تقريباً ... أما الأنظمة الإسلامية غير العربية، فلم تدخل المعركة في حينها من قريب أو بعيد ... ولم تزد على شعارات جوفاء فارغة.
وقد أوكل الله الأنظمة في حينها إلى أنفسها وإلى السوفييت في قتالها لإسرائيل، فانتهت فيه إلى السلام مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات، وإقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها.
وكان الله تعالى هو وحده وجهة (حزب الله) في هذه المعركة وثقتهم وأملهم، فتولّى الله أمرهم، وألقى الرعب في قلوب أعداءهم، وأنزل عليهم النصر.
والفرق بين الوجهتين واضح، ونُكِلّ الذين يناقشون في البديهيات إلى تصوراتهم فعلاً، لئلاً نتوقف كثيراً عند هذه المقدمة، وندخل الموضوع مباشرة ... ضمن مجموعة نقاط: 1- النصر من عند الله : هذه حقيقة قرآنية بارزة، لكل من يقرأ القرآن: ان النصر من عند الله، والله تعالى هو مصدر النصر، وهو من أوليات ثقافة القرآن. ولو أن الناس إجتمعوا جميعاً ليهزموا جيشاً أو فرداً، لا يريد الله هزيمته، لم يقدروا على ذلك، ولو أن الناس اجتمعوا كلهم، لينصروا من يريد الله تعالى هزيمته لم يقدروا على ذلك.
والقرآن واضح وصريح في ذلك، وإليك طائفة من آيات كتاب الله، على سبيل الاستشهاد، وليس على سبيل الحصر. (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، آل عمران/ 126. (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، الأنفال/ 10. (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ)، التوبة/ 40 .
وإذا آمن الإنسان بهذه الحقيقة، فسوف لا يلجأ إلى أحد غير الله تعالى في ابتغاء النصر، ويضع كل ثقته ورجاءه ودعاءه في الله تعالى.
|