متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
التمثيل الثالث و الخمسون
الكتاب : الأمثال في القرآن    |    القسم : مكتبة القرآن و الحديث
التمثيل الثالث و الخمسون

(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القُرآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدّعاً مِنْ خَشْيَةِ الله وَتِلْكَ الاََمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) . (1)
تفسير الآية
"الخشوع": الضراعة، وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح على عكس الضراعة، فانّ أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب، وقد روي إذا ضرع القلب خشعت الجوارح.
ويوَيد ما ذكره انّه سبحانه ينسب الخشوع إلى الاَصوات و الاَبصار، و يقول: (وخشعت الاَصوات )، (خاشعة أبصارهم )، (أبصارهم خاشعة ) .
ولو أردنا أن نُعرّفه، فنقول: هو عبارة عن السكينة الحاكمة على الجوارح مستشعراً بعظمة الخالق.
و "التصدع": التفرق بعد التلاوَم.
إنّ للمفسرين في تفسير الآية رأيين:
أحدهما: انّه لو أنزلنا هذا القرآن على جبل، مع ما له من الغلظة والقسوة
____________
1 ـ الحشر:21.

( 266 )
وكبر الجسم وقوة المقاومة قبال النوازل، لتأثّر وتصدّع من خشية الله ، فإذا كان هذا حال الجبل، فالاِنسان أحقّ بأن يخشع لله إذا تلا آياته.
فما أقسى قلوب هوَلاء الكفّار وأغلظ طباعهم حيث لا يتأثرون بسماع القرآن واستماعه وتلاوته.
ثانيهما: انّ كلّ من له حظّ في الوجود فله حظ من العلم والشعور، و من جملتها الجبال فلها نوع من الاِدراك والشعور، كما قال سبحانه: (وَإِنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الاََنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْها لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ). (1)
فعلى هذا، فمعنى الآية انّ هذا القرآن لو نزل على جبل لتلاشى و تصدّع من خشية الله ، غير انّه لم ينزل عليه.
وعلى كلا المعنيين، فليست الآية من قبيل التمثيل أي تشبيه شيء بشىء، بل من قبيل وصف القرآن و بيان عظمته بما يحتوى من الحقائق والاَُصول، وإنّها على الوصف التالي: "لو أنزلناه على جبل لصار كذا و كذا".
نعم يمكن أن يعد لازم معنى الآية من قبيل التشبيه، وهو انّه سبحانه يشبّه قلوب الكفّار والعصاة الذين لا يتأثرون بالقرآن بالجبل والحجارة، وانّ قلوبهم كالحجارة لو لم تكن أكثر صلابة، بشهادة انّ الحجارة يتفجر منها الاَنهار أو تهبط من خشية الله ، فلاَجل ذلك جعلنا الآية من قبيل التمثيل وإن كان بلحاظ المعنى الالتزامي لها.

____________
1 ـ البقرة:74.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net