متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
النظرية الطبية في القرآن الكريم
الكتاب : النظرية الإجتماعية في القرآن الكريم    |    القسم : مكتبة الثقافة العامة

النظرية الطبية في القرآن الكريم

واستمر الانسان في حياته الاجتماعية منذ بداية الخليقة يتساءل ماذا أتناول من طعام حتى احافظ على حيويتي الجسمية ؟ وايهما أفضل لصحتي كثرة الطعام أم كفاية الغذاء ؟ ولو ترك الأمر للناس في اختيار نوعية الطعام على أساس انه شهي أو على أساس انه نافع ، لاختار الناس الطعام الشهي على الطعام النافع لأن الرغبة الشخصية للفرد هي التي تحدد نوعية الطعام الذي يأكل . فاذا أصبحت شهوة الفرد الحكم في اختيار الطعام أضحى الفرد عبداً لشهوته . ولا يختلف الحيوان في ذلك عن الانسان . فيخضع الحيوان لنفس المنهج المذكور لأن شهوته هي التي تحدد كمية الطعام التي يستهلكها حتى لو كان ذلك مضراً لجسمه . فلا غرابة ـ اذن ـ ان يشبه القرآن الكريم بعض الافراد بالدواب : ( ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون ) (1) ، ولاشك ان وصفهم بالدواب هو وصفٌ لسلوكهم ، مع انهم بشر بالتأكيد . ولكن العلم الحديث والنظام الرأسمالي أخضعا الحيوان لطعام مصنع يحتوي على نسبة محددة من الكاربوهيدرات والبروتينات والدهنيات ، حتى يستطيع المستثمر الذي يمتلك قطيعاً من الاغنام مثلاً ، جني أقصى الأرباح عند بيعه تلك الحيوانات الصحيحة المتعافية ، على
____________
(1) الانفال : 22.

( 132 )

عكس النتيجة فيما لو باع الحيوانات المريضة ، أو الحيوانات التي تستهلك علفاً لاينفع جسمها ، فتقل ـ عندئذٍ ـ الارباح التي يفترض جنيها من تلك الثروة الحيوانية.
ولكن هنا يبرز سؤال مهم ، وهو كيف يستطيع الانسان اختيار طعامه الصحيح وهو جاهل بمحتويات المواد الغذائية التي يتناولها ؟ وللجواب على هذا السؤال نقول ان للانسان طريقين ، وهما : اما ان يختار العلم التجريبي ليدليه على المواد الغذائية التي تنفع الجسم ، وهذا مالم يحصل في تاريخ البشرية الا في القرن الاخير.
واما ان يفتش عن نظام غيبي يدليه على اسرار الوقاية والغذاء حتى يتجنب الامراض النازلة بالافراد . ولاشك ان النظام الغيبي الذي نقصده هو الاسلام ، حيث جاء بنظام وقائي ونظام غذائي في غاية الدقة والكمال . ولو ان المائة سنة الأخيرة التي بحث العلم التجريبي فيها عن اسرار الطعام ومحتويات المواد الغذائية وعلاقتها بصحة الانسان ، صرفت على أحكام الأطعمة والأشربة في الاسلام لدفعت العلم البشري اشواطاً عديدة الى الامام ، ولاستغنى العالم عن ملايين الاطنان من الأدوية والحقن والامصال التي اريد لها ان تشفي الأمراض ، ولكنها لم تحقق الشفاء التام لحد اليوم.
ولو استطرد السائل الآنف الذكر مستفسراً عما يعمله الغذاء الجيد بجسم الانسان ؟ لأجبناه بأن الفرد الذي يتبع النظام الوقائي والغذائي الذي دعا اليه القرآن سيكون فرداً سليماً من الناحية الصحية . حيث ان المفترض ـ طبياً ـ ان يتمتع الفرد السليم بالصفات التالية :


( 133 )

1 ـ ان ظهوره العام ظهور صحي مصحوب بحيوية فائقة . وان تعبيرات الوجه ، ووضوح العينين ، وسرعة حركتهما ، وقوة ملاحظتهما ، تعكس الحالة الصحية الطبيعية لذلك الفرد.
2 ـ تركيبة العظام تركيبة جيدة . فيلاحظ ان السواعد والسيقان مستقيمة ، وان الرأس والصدر والاسنان ذات بناء قوي في المادة واعتدال في الاتجاه.
3 ـ ان عضلات الجسم قوية ونامية بشكل صحيح . ويظهر ذلك في القيام والجلوس والمشي ، والحركة الرياضية.
4 ـ ان الانسجة الشحمية تحت الجلد تغطي العظام والعضلات بشكل كافٍ بحيث يكون مظهر جسم الانسان مظهراً طبيعياً.
5 ـ ان وظائف الجسم تعمل بكفاءة . فيؤدي الجهاز الهضمي وظيفته في الهضم وامتصاص المواد الغذائية واخراج الفضلات . وكذلك الجهاز التنفسي . وان الفرد ينام باطمئنان ويستيقظ بنشاط.
وانسان بهذه الصفات يعتبر من الناحية الطبية كائناً طبيعياً وصحياً . فالفرد لايحتاج الى كمية كبيرة من الطعام حتى يكون قادراً على تأدية دوره الحياتي . بل انه ـ اذا وضع الشهوة الجامحة بأكل اللذيذ من الطعام جانباً ـ يحتاج الى الاساسيات فقط حتى يستطيع القيام بدوره الفعال في الحياة الاجتماعية . فهو يحتاج الى كمية كافية من البروتينات لاصلاح أنسجة الجسم ، وكمية كافية من المعادن والاملاح لتنمية العظام والاسنان ، وكمية كافية من الكاربوهيدرات للطاقة ، وكمية كافية من الفيتامينات لاعطاء


( 134 )

حيوية للاعصاب والدماغ وحفظ بقية الأنسجة ، وكمية قليلة من الدهنيات للحفاظ على ظاهر الجسم . وعندما يتم اكتمال بناء الجسم في العشرينيات من عمر الانسان ، تصبح كثرة تناول الطعام من هذه المواد بمثابة حقن الجسم بالسموم . ولذلك فان الرسل (ص) والائمة (ع) كانوا يكتفون بالخبز والتمر واللبن احياناً في وجباتهم الغذائية لأن الخبز ـ وهو يحتوي على الكاربوهيدرات ـ يمنح الجسم الطاقة ؛ والتمر ـ وهو يحتوي على سكر واملاح وفيتامينات ـ يحفظ حيوية الدماغ والاعصاب ؛ واللبن ـ وهو يحتوي على بروتينات وفيتامينات ـ يصلح الأنسجة ويحافظ على حيويتها . اما بقية الحبوب والفاكهة والخضار فقد ورد استحباب أكلها لأنها تحتوي على كل هذه المواد النافعة لجسم الانسان . وورد التأكيد على الاعتدال في أكل اللحوم . وهذه المواد الغذائية البسيطة ، هي الاساس في تقوية وتحريك الجسم ، وما عداها زائد ليست له قيمة حقيقية في بناء جسم الفرد صحياً.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net