بسم الله الرحمن الرحيم
قيمة المرأة في الإسلام
المرأة هي المدرسة الأولى في الحياة ، وهي أحد العنصرين الأساسيين في تكوين المجموعة البشرية . فنحن حينما نذكر المرأة نرى أنها مدرسة نشء ومربية أجيال . وحينما نأتي لنتحدث عن دورها في المجتمع نلاحظ أنها في الواقع نقطة لانطلاق المجموعة البشرية ، ولولاها لما كان هناك بشر على وجه الأرض .
ونظراً لكونها المعهد الفطري للوليد ولكون صدرها هو واهب الحياة للجيل اهتم الإسلام بأن يلقي الضوء في شريعته وأحكامه على المرأة ومكانتها في المجتمع والحياة ، وأن يرتفع بها إلى مصاف الرجل لها ما له وعليها ما عليه ، بعد أن كانت المرأة مهضومة الحق في جميع الأنظمة الدولية التي وجدت قبل الإسلام .
( 308 )
حتى أن كثيراً من الأمم كان قد راج فيها وأد البنات خوفاً من عار وجودهن على وجه الأرض . وكان العلماء وزعماء الديانات يبحثون ويتناقشون على طول قرون عديدة في أن المرأة هل هي إنسان أو غير إنسان ، وهل تحمل روحاً أم لا . ، وكانت الديانة الهندوكية مثلاً قد سدت أبواب تعليم كتبهم المقدسة على المرأة لعدم جدارتها لذلك . والديانة البوذية لم يكن فيها سبيل للنجاة لمن اتصل بامرأة . وأما في الديانات النصرانية واليهودية فقد كانت المرأة هي مصدر الإثم ومرجعه فيهما . وكذلك اليونان فلم يكن للمرأة عندهم أي نصيب من العلم والحضارة ولا ثقافة ولا حقوق مدنية ، وعلى مثله كانت الحال في الروم وفارس والصين وما عداها من مراكز الحضارة الإنسانية . وكان نتيجة لهذا المقت العام الذي كانت تشعر به المرأة أنها نسيت أن لها مكانة اجتماعية وأن لها كياناً خاصاً .
ولكن الإسلام هو الدين الوحيد الذي جاء لكي يعطي الصنفين الذكر والأنثى حقه في الحياة ، وهو الدين الوحيد الذي أصلح عقلية الصنفين وبعث في الأذهان فكرة إعطاء حقوق المرأة وحفظ كرامتها . ومن ناحية أخرى فتح
( 309 ) أمامها أبواب العلم والمعرفة وأباح لها أن تتعلم ما تشاء من العلوم المقدسة كقراءة القرآن ودراسته وتفسيره إذا أمكنها ذلك . وقد جاء في الروايات عن رسول الله ( ص ) أنه قال : طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة . وقد أشاد القرآن بالمرأة وخصها في آيات كثيرة تبين مكانتها في المجتمع ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ) (1) . ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) (2) . ( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ) (3) .
وذلك لكي تشعر المرأة المسلمة بمسؤوليتها في المجتمع ولكي يشعر المجتمع بوجودها وباعتبارها عضواً أساسياً في حياته ، ولكي لا تستغل إمكانياتها العاطفية والتكوينية استغلالا ظالماً . وعلى هذا الأساس فإن المرأة ____________ (1) سورة آل عمران آية 195 . (2) سورة النحل آية 97 . (3) سورة غافر آية 40 .
( 310 ) المسلمة قد حصلت في ظل الإسلام على حقوق وإمكانيات لم تحصل عليها أية امرأة سواها في شتى القوانين والتشريعات . وقد ارتفع الإسلام بالمرأة لحسابها الخاص ولمجرد كونها إنسانة وأعطاها حقها الطبيعي في كل أدوار حياتها الاجتماعية ، ونحن الآن في صدد إعطاء فكرة مختصرة عن المرأة في تشريعات الإسلام ومفاهيمه .
|