بسم الله الرحمن الرحيم
بطولة المرأة وعلاقتها بالحضارة قد يكون أهم مايميز الاسلام في موقفه من المرأة عن غيره من المبادئ والنظم التي عاشت قبله واستجدت بعده هو نظرته الانسانية الى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه ونظرته للمرأة بما هي انثى الى صف نظرته للرجل بما هو ذكر فالاسلام حين ينظر الى الرجل بوصفه انساناً وينظمه ويوجهه ينظر الى المرأة باعتبارها انساناً ايضاً ويساويها مع الرجل على الصعيد الانساني في كل تنظيماته وتوجيهاته لانهما سواء في كرامة الانسانية وحاجاتها ومتطلباتها . وأما حين ينظر الاسلام الى المرأة بما هي انثى وينظم انوثتها ويوجهها ينظر في مقابل ذلك الى الرجل باعتباره ذكرا ، ويفرض على كل منهما من الواجبات ويعطي لكل منها من الحقوق ما يتفق مع طبيعته وفقاً لمبدأ تقسيم العمل بين افراد المجتمع ، وتنشأ عن ذلك الفروق بين احكام المرأة وأحكام الرجل .
فمرد الفرق ين أحكام المرأة واحكام الرجل الى تقدير
( 210 ) حاجات ومتطلبات الانوثة والذكورية ، وتحديد كل منهما وفقا لمقتضيات طبيعته . أما في مجال التنظيم الذي يرتبط بانسانية الانسان فلا فرق فيه بين المرأة والرجل ، لانهما في نظر الاسلام انسان على السواء . وقد شرحنا هذه النظرة الانسانية للاسلام الى المرأة التي تساوي فيها الرجل في كتاب ( المرأة مع النبي ) بكل تفصيل ، وقلنا ان الاسلام وحده هو الذي نظر الى المرأة نظرة انسانية على قدم المساواة مع الرجل ، بينما لم تنظر الحضارات الاخرى وحتى الحضارة الاوربية الحديثة الى المرأة الا بوصفها انثى وتعبيرا عن المتعة والتسلية والموقف الحضاري لكل مجتمع من المرأة ينعكس بدرجة كبيرة . وبقدر تغلغل تلك الحضارة على دور المرأة في تاريخ ذلك المجتمع وطبيعة موقفها من الاحداث . فالمرأة في مجتمع يؤمن بانسانية المرأة والرجل على السواء تمارس دورها الاجتماعي بوصفها انسانة فتساهم مع الرجل في مختلف حقول البطولات الانسانية ، وتقدم أروع النماذج في تلك الحقول نتيجة للاعتراف بمساواتها مع الرجل على الصعيد الانساني . وعلى العكس من ذلك المرأة في مجتمع ينظر اليها بوصفها انثى ، قبل ان ينظر اليها بوصفها انسانة ، فانها تنكمش وفقاً لهذه النظرة ، وتحرم من ممارسة اي دور بطولي على اساس انساني بل يرغمها المجتمع على التعويض عن ذلك بمختلف ألوان الظهور على اساس انوثتها ، وما تعبر عنه من متعة ولذة للرجل . ونجد خير مصداق لذلك في تاريخ المرأة التي عاشت
( 211 ) في كنف الاسلام ، وفي ظل مختلف الحضارات الاخرى فكان دورها ومختلف بطولاتها تتكيف وفقا لطبيعة المبدأ ومفهومه الحضاري عنها . فقد عبرت في ظل الاسلام عن انسانيتها أروع تعبير وأقامت بطولاتها على هذا الاساس ، بينما لم تعبر في المجتمعات الاخرى اللااسلامية الا عن انوثتها ولم يتح لها ان تقيم لها مجداً الى على اساس هذه الانوثة وبقدر ما فيها من وسائل الاغراء للرجال لاعلى اساس انسانيتها وبقدر ما فيها من طاقات الخير والاصلاح .
|