الطلاق في نظر الاسلام أختاه ...
قالت صاحبتي وهي تحاورني بأسلوبها التهكمي : هبينا جاريناك بما تدعينه للمرأة المسلمة من تركيز وسمو في محيطها إذا كان مسلماً حقيقياً فما عساك أن تقولي أنت في الطلاق وتشريعه وفيه ما فيه من هدم للسعادة الزوجية وتخريب للعش الهانىء وهو لا يعدو أن يكون كلمة ينطق بها الرجل متى شاء وأنى رغب ، أفليس في هذا اجحافاً بالمرأة ووأداً لحقوقها الطبيعية ؟ فقلت لها وبصوتي رنة المرارة والأسى عليها وعلى جميع مثيلاتها من التائهات المخدوعات ، قلت : فاتك يا أخية أن تراجعي أحكام الطلاق كما شرعت وعلى حقيقتها الناصعة الواضحة وأن لم يفتك مراجعة أحدث أزياء باريس لهذا العام . فهكذا أنت ومثيلاتك المسكينات تتسابقن لتحرزن قصب السبق في أضاليل الأعداء ولتتفاخرن بتفاهات الاستعمار التي لا يراد منها إلا تخدير أرواحكن بأفيونها السام فهل فاتك أن الاسلام حمانا إذ شرع الطلاق جاء به كآخر دواء لحياة مريضة موبوءة . وبعد إذ تشغل جميع الأساليب
( 193 ) الحكيمة لترميم ما تصدع من الحياة الزوجية كما جاء في الآية الكريمة ـ 35 النساء ـ ( وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمات من أهلها أن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما أن الله كان عليماً خبيراً ) فان تشريع القضاء يضع الحل الوحيد والنهائي للمسشكلة أو الانحطاط إلى درك الرذيلة ، وتسد أمام الزوجين أبواب الخلاص والفراق مع استحالة الحياة والانسجام بينهما وانعدام الروابط الروحية والمعنوية وفاتك أيضا ياصاحبتي أن الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى كما قد روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ما من شيء أبغض عند الله من بيت يهدم بالفرقة ـ ، وكما روي عنه صلوات الله عليه أيضاً تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز منه العرش !! ـ ولكن الاسلام أراد أن يهيئ للزوجين غير المتكافئين ، أو غير المتوافقين طريقة سليمة تقيهما شر الهبوط إلى الرذيلة ، ولذلك فقد شدد فيه ووكد لكي لا يستهين به الرجال ، ولا يعتبرونه مضغة في الأفواه ، كما جاء في الرواية : ـ أن الله عز وجل إنما شدد في الطلاق وكرر القول فيه من بغضة للفرقة ـ ، وان الله عز وجل يحب البيت الذي فيه العرس ويكره البيت الذي فيه الطلاق ـ . والسلام كما أنه أباح للرجل الطلاق عند الضرورة أباحه للمرأة أيضاً في حالات معينة إذا رفعت شكواها إلى الحاكم الشرع المسلم وأقرها على ذلك ، كما وقد أباح لها أن تشترط في العقد على زواجها فرض الطلاق عليها متى شاءت ، إن
( 194 ) كانت على غير ثقة وركون من زوجها المقبل ، مع قلة ما يتفق هذا في مجتمع اسلامي لا يفرض على المرأة إرادة تتعارض ومصلحتها الخاصة .
وأني لآسفة جداً لكونكن تأخذن أحكام الاسلام من مجتمع فاسد لا يعرف من الاسلام إلا اسمه ، فيخيل للرجل فيه أنه وقد خول هذه السلطة ، وله أن يستعملها وفقا لأغراضه الشخصية ، ويتخيل للمرأة فيه أنها أسيرة مهيضة الجناح لا حول لها ولا طول إلا إذا نقمت على الاسلام وكفرت بمثلة وتراكضت وراء المبادئ المستوردة ، فتروح تسعى لتثبت وجودها تحت بريق متكهربة كاذبة ، ولو كانت تعلم الحقيقة لاستطاعت أن تثبت كيانها الأدبي والاجتماعي على ضوء منهج الاسلام التربوي والاجتماعي تستطيع أن تشترط الطلاق ، وهي تتمكن من الفسخ إذا اكتشفت في زوجها عيباً شرعيا وهي حرة في إثبات شكايتها أمام الحاكم الشرعي المسلم ليحكم لها في الطلاق وهي قبل ذلك كله حرة في اختيار الزوج الذي ترضاه لنفسها في محيطها ومجتمعها الاسلامي الحقيقي ! لا في محيط متأرجح متحلل لا يمكنها من ذلك إلا بعد أن تسف إلى حيث الوحل اللزج ، وبعد أن تفقد عبير أنوثتها وتملأ منه أنوف الشباب ولهذا فلن يصلح المجتمع ، ولن تنال المرأة حقوقها كاملة إلا إذا تم تطبيق الحكم الاسلامي الحقيقي كما هو لا أكثر ولا أقل وعلى حقيقته الناصعة البيضاء وليس هذا ببعيد . ( نصر من الله وفتح قريب ) .
( 195 )
سترفع راية اسلامهنا * نحو العلى خفاقة صاعدة وينتصر دستور قرآننا رغم أنوف الزمرة الحاقدة
|