متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المغالاة في المهور
الكتاب : كلمة و دعوة    |    القسم : مكتبة المرأة

المغالاة في المهور

 

اختاه ...
ما اسعدني وانا أتوجه إليك بهذا النداء ، وما اشد فخري واعتزازي إذ اكتب ، إليك من جديد وأنا واثقة هذه المرة من أنك تقرئين ما أكتب ، وتستمعين إلى ندائي بقلبك وفكرك وعواطفك . وقد كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ صبر ، والآن وقد تحقق حلمي الذهبي ، وأصبحت واثقة من وصول صدى صوتي إليك ونفوذه إلى صفحات قلبك الطاهرة بعدما تحسست بقلبي وعيني المحصول الرائع لسنتين خضناهما معا جنباً إلى جنب ، وقلباً مع قلب ، ويداً واحدة وفكراً واحداً حتى تبلورت أفكارنا ، وتعقمت من الادران وخلصت من كل شائبة ، وغدوت أرى فتياتنا الناشئات وقد تبدلت نظرة اكثرهن نحو واقع الحياة ، واكتسبت أفكارهن إطارات جديدة تشعرهن بالمسؤولية وتنبههن إلى رسالتهن الغالية .
والآن وبعد أن أبعدتني الظروف عنك شهوراً قليلة في حساب الزمن ، كثيرة في حساب قلبي وعواطفي ، أعود إليك


( 181 )

وانا اكثر ما اكون لهفة وحنيناً إلى لقائنا هذا ، وعلى صفحات نشرتنا الغالية الأضواء وهي قد تخطت عامها الثاني موفورة الكرامة ، مكللة بأكاليل الفخر الواقعي والمجد الحقيقي المترفع عن كل مادة أرضية غلت او رخصت ! فأنا اشعر وكأن الأضواء قد أصبحت جزء من حياتي لا يتجزأ ! لأنها تقربني إليك ، وتجمعني بك في أول كل شهر ، ولأنها أيضا تستطيع ان ترفع عن كاهلي بعض ما أحسه من مسؤولية تجاه ديني أولا وبنات جنسي ثانيا ، وانا واثقة ايضاً من انك تشعرين نحوها نفس الشعور فان نسبة القارئات والمشتركات في الأضواء نسبة مبشرة بكل خير والحمد لله .
أختاه ... أنا أريدك معي في هذا اللقاء لنعالج معاً نقطة حساسة في حياتنا نحن المسلمات تمس كرامتنا وعزتنا بالصميم . وتجعل من فتيات الاسلام سلعة رخيصة كالاماء في سوق الرقاق ! فأنا أريد أن أتحدث وإياك عن المهر أو الصداق بعد أن أصبح الغلو فيه موضه ومظهراً من مظاهر البذخ والدلال والاعتزاز بالفتاة ، متى اصبحت الفتاة سلعة يساوم عليها ؟ وأي ضمير انساني يسمح ان تكون للفتاة قيمة معينة قد تزيد وقد تنقص ؟ . وهي المخلوقة الطاهرة التي جاءت لتنشئ أجيالاً وأجيالاً ! وأنا إذ أكتب هذا إنما اكتبه للآباء اولاً وبالذات فهم وحدهم المسؤولون عما وصلن إليه بناتهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، فهم في الوقت الذي يريدون فيه ان يرتفعوا ببناتهم ينزلون بهن إلى مصاف


( 182 )

الأماء ! جاهلين أو متجاهلين جميع الأضرار الاجتماعية التي تنتج عن غلاء المهور وفي عصر كعصرنا هذا !! فهم يظنون أن البنت مهما غلت بنفسها غلت بمهرها في الوقت الذي يعلمنا فيه الاسلام ، وواقع الحياة ، أن الفتاة مهما غلت بنفسها رخصت بمهرها وقبلت الزواج على أنه شركة روحية لا أكثر ولا أقل .
ولكن فتاتنا المسكينة لا تزال تحت وطأة بقايا الجاهلية فهي أما فتاة متحررة منطلقة من كل قيد وشرط ، وأما فتاة مسكينة لا حول لها ولا طول ولا تتمكن حتى من إثبات وجودها وإبداء رأيها في هذا المضمار ! فأنا لا أكاد أصدق أن هناك فتاة واحدة تقبل بكل عواطفها أن يحدد لها قيمة عقد الزواج . ولكن العرف الأعمى والتقاليد الظالمة هي التي انحرفت بنا عن طريق اسلامنا وما جاء به من تعاليم . أو ليس لنا في رسول الله ( ص ) وابنته أسوة حسنة إن كنا مسلمين ؟ فان فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وبنت سيد الأمة وحامل الرسالة والنبوة ، كان صداقها درع باعه ابن عمها ليشتري بدراهمه مستلزمات المعيشة ! وقد زفت إلى بيت ليس فيه إلا حشية من قش وبعض الأواني ومطحنة للطحين ! ولم تكن صلوات الله عليها مغصوبة في ذلك أو مجبورة عليه ، فقد استشارها أبوها فوافقت ولم يكن يبت في أمرها بغير رضاها ، نعم وافقت وهي تعلم أن عريسها فقير في ماله متواضع في بيته ولكنه علي أمير المؤمنين ( ع ) وكفى بذلك


( 183 )

فخراً . كانت تتمكن أن تخطب إلى أثرى رجل في مكة ، وكانت تتمكن لو أرادت أن تأخذ الدنيا زاهية براقة ، فهي بنت رسول الله قبلة أنظار الخاطبين وكعبة الطالبين لكنها اختارت السعادة الواقعية وفضلت الرتبة الروحية وأرادت بهذا بنفس الوقت أن تعطينا درساً نعتبر فيه في كل عصر وزمان فهل نحن معتبرون ؟ .

بنت الهدى


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net