منزلة المرأة الصالحة عند الامام الصادق عليه السلام اختاه ...
دفعتني رواية مقدسة وردت على لسان الامام أبي عبدالله جعفر الصادق عليه السلام أن أعود فألتقي بك ثانية بعد أن كنا افترقنا فترة كنت فيها تلك الفضولية الملحاحة المستطلعة عليك أنت وحدك لا غير وكنت أتفاءل أيضاً بأنك سوف تشبعين فضولي بما سوف تطالعين به من إنتاج أدبي اسلامي ، تتبين فيه كفاءتك في هذا الميدان ، ولكنني ومع الأسف لم أزدد إلا فضولاً ، ولم أكتسب إلا حسرة وألماً ؛ فكلما قلبت صفحات وطالعت وريقات افتقدت صوتك بين الأصوات ! ولم أكد أنحس مكانك في مفترق التيارات ، ولست ادري وايم الحق وما الذي حدا بلبوات الاسلام الى هذا السكوت المشين وألعي أعيذهن منه !؟ او لتجاهل بعمق رسالتهن في الحياة ؟ أو الجهل لخصوصيات اسلامهن لا قدر الله ؟ أو لدواع أخر يمليها عليهن مجتمع فاسد في إفراطه أو تفريطه ؟ هذا المجتمع الذي ندعو إلى اصلاحه اصلاحاً جذرياً كي لا يكمم أفواه
( 151 ) النساء بأكمام التحلل الإجنبي أو التعنت الجاهلي والله ولي التوفيق ... والآن وبعد أن استميحك العذر إذ كنت قد أسأت إلى مشاعرك العزيزة فما أنا إلا أختك الناصحة التي تأبى أن تكون دائما على هامش الحياة مدعوة وليست بداعية . أعود الآن إلى الرواية التي جاءت على لسان الامام العظيم أبي عبد الله جعفر الصدق عليه السلام إذ يحدد فيها مفهومه عن المرأة الصالحة فيقول : ( المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح ) وهو يقصد بها أن يقرر بأن الانسانية في نظر الاسلام لها قيمة واحدة ، وميزان واحد للكرامة ـ بقطع النظر عن كل الصفات الطبيعية التي يتميز بها الأفراد ـ وهذا الميزان الوحيد في نظر الاسلام هو الصلاح والتقوى ، فمهما كانا متوافرين كانت الانسانية أفضل وأكمل ، ومهما ابتعد الانسان عنهما خسر بذلك كرامته في مفهوم الاسلام كائناً من كان ، فلا الرجل بما هو رجل يفضل المرأة ، ولا المرأة بما هي مرأة تفضل الرجل في حساب الانسانية العامة ، بل قد تكون المرأة الواحدة خيراً من ألف رجل إذا كانت صالحة ! ولا يتعارض هذا مع الوظائف التي وزعت على الرجل والمرأة في الأسرة الاسلامية ، ولا مع القيمومة التي أعطيت للرجل على المرأة فيها ، فإن هذه القيمومة التي اضطلع الرجل بموجبها بإدارة معاش البيت والحفاظ على وحدته لا تعبر إلا عن توزيع طبيعي للوظائف في مجتمع صغير وهو الأسرة المتكونة من أب يعيل ويحافظ ، وأم تلد وتربي ، فيه ليست قيمومة أفضلية
( 152 ) وإلا لكان كل رجل قيما على المرأة التي يعايشها وإن كانت أمه وأخته وليس الأمر كذلك . هذا بعض ما عناه الامام عليه السلام في قوله : ( المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح ) والصلاح هنا معنى عام يمتد إلى كثير من النواحي والمجالات فصلاح المرأة لنفسها هو تطبيقها لأحكام الاسلام على سلوكها الخاص . فصلاح المرأة لبيتها أن تشيع روح الاستقرار والسعادة ، وتكفل أولادها إذا كان لها أولاد كفالة تتيح لهم اكتساب الشخصية الاسلامية الحقيقة وتبث في نفوسهم بذور الورع والتقوى والأدب ، وصلاحها للانسانية أن تساهم في الحقول النافعة التي لا تتعارض مع وظائفها الأولية . وأهم تلك الحقول هو تبني الدعوة إلى أشرف مبدأ عرفته الانسانية ألا وهو الاسلام .
فإلى هذا الصلاح يا أخواتي المسلمات ، إلى الصلاح والاصلاح في مختلف الميادين والمجالات لتكون الواحدة منكن خيراً من ألف رجل غير صالح ، وألف امرأة غير صالحة والسلام عليكن وعلى من اتبع الهدى .
|