متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحلقة الثامنة
الكتاب : لقاء في المستشفى    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات
لم تتمكن ورقاء أن تنام ليلتها تلك ، فقد هزتها هذه الحادثة وأسلمتها للحيرة والقلق ، وفي اليوم الثاني ذهبت إلى معاد فتناست هناك بعض آلامها ، وفكرت أن تحدثها بأمر ماهر ولكنها آثرت أن تستغل الوقت في حديث ذي فائدة فقالت : بودي لو أكملت حديث أمس يا معاد .
قالت معاد : ولكنني أجدك اليوم غير منشرحة الصدر وأخشى أن يضايقك ذلك .
قالت ورقاء : كلا فأنني أريد أن أتناسى الألم بين أفكار المعرفة ، فإن من أسعد الساعات عندي ساعة تزيدني علماً .
قالت معاد : إذن دعينا نبدأ معهم من جديد .
قالت ورقاء : مع من ؟


( 170 )

قالت : مع هؤلاء الذين يقولون بأزلية المادة ويوعزون الخلق إلى حركتها فنقول لهم : هبوا أننا قلنا معكم بأزلية المادة فكيف نتمكن أن نفسر انتقال المادة من حال إلى حال وإختلافها في النتيجة مع أن المادة في حالتها البسيطة واحدة ؟ أو كيف نفسر اختلاف بعض أجزاء المادة عن البعض ؟.
قالت ورقاء : ماذا تعنين بانتقال المادة من حال إلى حال ؟.
قالت معاد : أقصد تحول المادة مثل الهيدروجين يتطور إلى أن يصل إاى اليورانيوم ثم اليورانيوم يتحول بعد اشعاعه إلى عنصر الراديوم ثم يتحول الراديوم إلى عنصر آخر ، وهكذا حتى يصير رصاصاً وهنا يقف التطور .
قالت ورقاء : ولماذا يقف التطور ؟
قالت معاد : نعم لماذا يقف التطور ؟ ولماذا يتطور بعض الهيدروجين دون البعض ؟
قالت ورقاء : انهم يقولون أن التطور هو نتيجة لاحتواء كل عنصر على نقيضه .
قالت معاد : ولكن إذا كان هذا صحيحاً فهو يعني أن جميع الهيدروجين يحتوي على نقيضه فلماذا لم يتطور بمجموعه حتى تتلاشى مادة الهيدروجين وتتحول بمجموعها إلى اليورانيوم ؟.


( 171 )

فردت ورقاء تقول : نعم لماذا ؟
قالت معاد : إذن فلا بد من وجود عاقل مؤثر وراء تطور المادة ، إن المادة وكما أثبت العلم تتكون من شحنات كهربائية لا غير ، إذن فهي غير عاقلة فكيف أمكنها أن توجد الخلق بهذا الشكل المنظم المتقن ؟.
وسكت معاد عند هذا الحد وهي تتطلع إلى وجه ورقاء ، ثم قالت : ماذا بك يا ورقاء ؟
قالت ورقاء : لا شيء .
قالت معاد : سواء كان هناك شيء أو لم يكن فأنا أرجو أن تكوني قوية وقوية جداً .
قالت ورقاء : سوف أكون قوية باذن الله يا أختاه . وها أنا الآن قد ارتحت لجلوسي معك وازددت قوة وثباتاً .
قالت معاد : ولكنك شاحبة الوجه قليلاً ولهذا فإليك هذا القرص الفوار أشربيه مع نصف كوب ماء .
فابتسمت ورقاء وقالت : لقد نسيت يا معاد أنك طبيبة أبدان وما عدت أعرف عنك سوى طب الروح والفكر .
فضحكت معاد وقالت : أنني أعتز بطب الأرواح أكثر من طب الأبدان.


( 172 )

قالت ورقاء : والآن فأن عليّ أن أذهب وسوف لن أتمكن أن آتي إليك غداً لأن دوامي يستمر حتى الغروب .
قالت معاد : أما بعد غد فسوف تجدينني وحدي هنا إن شاء الله .
فنهضت ورقاء وهي تقول : إذن إلى اللقاء ، وهكذا افترقنا على أمل اللقاء بعد يومين .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net