متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحلقة السابعة
الكتاب : لقاء في المستشفى    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات
عادت ورقاء إلى البيت فاستقبلتها جدتها عند الباب وقالت لها باهتمام : إن عندنا ضيوف فاصعدي إلى غرفتك واصلحي من وضعك وتعالى يا ورقاء .


( 164 )

فاستغربت ورقاء ذلك وقالت باستغراب : ضيوف ... ومن هم يا جدتي ؟
قالت : أنه الاستاذ ماهر ابن عم أبيك وأمه .
فردت ورقاء بنفور : وما دخلي أنا بهم ؟
قالت الجدة : أليس هو ابن عمك يا ورقاء ؟
قالت : نعم أنه قريبي ولكنه رجل أجنبي من الأفضل لي أن لا أجالسه وأحادثه بدون فائدة .
قال الجدة : ومن قال لك أن جلوسك معه بدون فائدة ؟ إنه إنسان عظيم .
فابتسمت ورقاء في تهكم وقالت : ما هو الوجه في عظمته يا جدتي ؟
قالت : أنه مثقف وفاهم ، وهو واسع الثراء أيضاً .
فتوجهت ورقاء نحو السلم وهي تقول بلهجة ساخرة : تشرفنا .
فأمسكت بها الجدة وقالت : لا أدعك تصعدين إلا إذا أعطيتني عهداً بالنزول ، ألم تعاهديني على الاطاعة يا ورقاء ؟.
ولكن ...
كلا ، لا تصعدي تعالي وسلمي قبل ذلك فأنا أجدك غير نازلة لو صعدت يا ورقاء .


( 165 )

قالت ورقاء في توسل : دعيني أصعد يا جدتي ، أرجوك .
قالت : كلا لن أدعك تصعدين لقد قطعت لي عهداً أن تطيعينني في كل شيء ؟ تعالى يا ورقاء .
قالت ورقاء : شريطة أن تكتفي مني بالسلام فقط ثم أصعد بعده إلى غرفتي .
قالت الجدة : نعم أنه كاف في الوقت الحاضر . فلم تجد ورقاء بداً في الاستجابة لجدتها فتوجهت إلى غرفة الاستقبال حسماً للنزاع ، وكان الأستاذ ماهر يجلس على الكرسي المواجه للباب وإلى جواره أمه العجوز .
فدخلت ورقاء وسلمت عليهم بصوت هادىء فنهض الأستاذ ماهر مجيباً لها ومرحباً لها ثم أشار إلى الكرسي الذي بجواره وهو يقول : تفضلي بالجلوس هنا يا ورقاء .
وهنا ضمت الجدة صوتها إلى صوت ماهر فأردفت تقول : تعالي يا ابنتي واجلسي إلى جوار ابن عمك الأستاذ ماهر حرسه الله .
ولكن ورقاء لم تتقدم خطوة وإنما قالت بأدب : أن عندي دروساً مهمة عليّ مراجعتها يا جدتي ولهذا فأنا اعتذر عن الجلوس ومع السلامة .
قالت هذا وخرجت من الغرفة تشايعها نظرات الجدة الغاضبة وتعليقات ماهر الرخيصة . وما أن وصلت إلى غرفتها


( 166 )

حتى ألقت برأسها على الوسادة واندفعت تبكي في حرقة وألم ، فلم تكن تعرف كيف يمكنها التخلص من هذا المأزق الجديد ، أنها كانت ومنذ البداية تكره ماهر ولا ترضاه زوجاً لها لضعف شخصيته وميوعته ، أما الآن وقد عرفت من دينها أكثر مما كانت تعرف فقد أصبح من المستحيل أن ترضاه وهو على ما هو عليه من انحراف وتبذل ، وصممت أن تخوضها معركة قوية وصريحة مع الجدة مهما كلفها ذلك من صعاب .
وبعد مضي ساعة صعدت إليها الجدة وهي بين الشدة واللين وقالت لها : لقد تصرفت اليوم تصرفت الأطفال يا ورقاء فلم يكن من اللائق بك أن تعاملي ابن عمك هذه المعاملة الجافة وهو يحبك ويحترمك وما جاء إلا للتعرف عليك .
قالت ورقاء : ولكنني لا أريد التعرف على أمثاله يا جدتي . إنه إنسان غير صالح .
قالت الجدة : انك غلطانة يا ورقاء فهو شاب جميل ومثقف وناجح في عمله وليس لديه سوى أمه العجوز ، تصوري أنه عنده من السيارات الخصوصية ثلاثة .
قالت ورقاء : ولهذا فهو انسان تافه ، وإلا فما حاجة فرد واحد بثلاث سيارات ؟
قالت الجدة متجاهلة كلمات ورقاء الأخيرة : أنك تعلمين أنه تقدم لخطبتك قبل ستة أشهر وقد أجلت الموضوع


( 167 )

إلى ما بعد تخرجك ، وها هو قد جاء يجدد الخطبة لأنك على أبواب الامتحانات النهائية وهو يقول أنه مستعد لتقديم أغلى مهر مع سيارة مرسيدس خاصة بك .
فقالت ورقاء : هل أنت جادة في حديثك يا جدتي ؟ هل تحتملين حقاً بأنني أوافق على الاقتران بماهر ؟ وأن آلافه وسياراته سوف تغريني بأن أبيع ديني من أجلها ؟
قالت الجدة : وما دخل دينك في الموضوع ؟
قالت ورقاء : ألا تعلمين أنه انسان غير ملتزم حتى بالصلاة ؟.
قالت الجدة : إن حسابه ليس عليك يا ورقاء . إن له رباً يحاسبه ويعاقبه يا عزيزتي .
قالت ورقاء : ان الاقتران برجل غير متدين غير وارد في حسابي يا جدتي .
قالت الجدة : ولكنه انسان محترم ، هبيه غير ملتزم دينياً ولكن عدم التزامه سوف لن يضرك أنت يا ورقاء .
قالت ورقاء بشيء من العنف : أنك لا تريدين فهم ما أعني يا جدتي ولهذا فأنا أقول لك كلمة واحدة وهي كلا ...
قالت الجدة : ولكن لديك فترة للتفكير فأنا أخشى أن تندمي على هذا الرفض .


( 168 )

قالت : كوني مطمئنة فأني لن أندم على ذلك .
قالت الجدة : وإذا لم تحصلي على الرجل الذي نسجته أفكارك يا ورقاء ؟
قالت : سوف لن أتزوج حين ذاك . ولكنه غير متعذر المنال يا جدتي .
قالت الجدة : أراك ما زلت طفلة يا ورقاء وإلا فليس من صالحك أبداً أن ترفضي ماهر من أجل قضايا غير مهمة .
فابتسمت ورقاء بمرارة وقالت : كيف تقولين أنها قضايا غير مهمة يا جدتي ؟ أنني رفضت سناد لأن أباه قاتل أبي أي أن أباه قد أجرم بحق أبي مع أن سناد لم يرتكب أي خطأ في حق أبي أليس كذلك ؟ وماهر هذا هو بشخصه قد أساء لربي وقد أجرم بحقه لكفرانه بالنعم واستهانته بالعذاب وتجنبه للاطاعة ، وديني هو أثمن شيء عندي وأعزّ عليّ من أبي ، فكيف تريدين مني أن أقرن حياتي مع انسان يعاديني عن طريق عداء ديني ؟.
قالت الجدة بشيء من الضيق : ها أنت ما زلت تذكرين سناد بكل خير ولا أحسبك إلا عازمة عن الزواج بسببه .
قالت ورقاء : أما أنني أذكره بكل خير فهو لا يستحق مني ذكر السوء يا جدتي ، وأما أنني عازفة عن الزواج بسببه


( 169 )

فهذا غير صحيح لأن موضوعه قد انغلق ولعله الآن في طريقه للزواج .
قالت الجدة : أنني لا أريد أن تذكرينه بالسوء فما وجدنا منه ما يسيء ، وأنا اعترف لك بأنه انسان كامل وأنه خير من ماهر ولكنه ابن قاتل أبيك ، وما هر ابن عمك ، ولولا هذا لما قدمت أحداً عليه ، وعلى كل حال فأنا أرجو أن تراجعي نفسك في موضوع ماهر ولا تسيئي إليّ وإلى ذكرى أبيك في رفضه .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net