التمثيل الرابع والعشرون
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ منْ فَوْقِ الاََرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَار). (1)
تفسير الآية
مثّل سبحانه تبارك وتعالى للعقيدة الصالحة بالمثل السابق ومقتضى الحال أن يمثل للعقيدة الباطلة بضد المثل السابق، فهي على طرف النقيض مما ذكر في الآية السابقة، وإليك البيان:
فالكفر كشجرة لها هذه الاَوصاف:
أ: انّها خبيثة مقابلة الطيبة، أي لا يطيب ثمارها كشجرة الحنظل.
ب: (اجتثت من فوق الاَرض) في مقابل قوله (أصلها ثابت) وحقيقة الاجتثاث هي اقتلاع الشيء من أصله ، أي اقتطعت واستؤصلت واقتلعت جذورها من الاَرض.
ج: (ما لها من قرار) أي ليس لتلك الشجرة من ثبات، فالريح تنسفها وتذهب بها، وبالتالي ليس لها فروع وأغصان أو ثمار.
____________
1 ـ إبراهيم:26.
( 169 )هذا هو المشبه به، وأمّا المشبه فهو عبارة عن العقيدة الضالة الكافرة التي لا تعتمد على برهان ولا دليل، يزعزعها أدنى شبهة وشك.
فينطبق صدر الآية التالية على التمثيل الاَوّل، وذيله على التمثيل التالى، أعني: قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) هذا هو المنطبق على التمثيل الاَوّل
وأمّا المنطبق على التمثيل الثاني فهو قوله: (وَيُضِلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) أي يضل أهل الكتاب بحرمانهم من الهداية، وذلك لاَجل قصورهم في الاستفادة عن الهداية العامة التي هي متوفرة لكل إنسان، أعني: الفطرة ودعوة الاَنبياء.
وقوله: (يفعل الله ما يشاء) بمعنى انّه تعلّقت مشيئته بتثبيت الموَمنين وتأييدهم وإضلال الظالمين وخذلانهم، ولم تكن مشيئته عبثاً وإنّما نابعة من حكمة بالغة.
|