متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خامساً : استقالة وزارة السعدون،وتكليف جعفر العسكري
الكتاب : من تاريخ العراق الحديث ج1    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

خامساً:استقالة وزارة السعدون،وتكليف جعفر العسكري :

 

على اثر الخلاف الذي نشب بين [عبد المحسن السعدون ] ومجلس النواب ، حول انتخاب رئيس المجلس ، حيث جرى انتخاب السيد [رشيد عالي الكيلاني] رئيساً للمجلس ، على الرغم من إرادة السعدون الذي رشح السيد [حكمت سليمان ]، سارع السعدون إلى تقديم استقالة حكومته إلى الملك  في 1 تشرين الثاني  1926، معتبراً خذلانه في مجلس النواب بمثابة حجب للثقة عن وزارته، وقد قبل الملك الاستقالة ، وكلف السيد جعفر العسكري بتأليف وزارته الثانية ، وجاءت الوزارة الجديدة على الوجه التالي :

 1 ـ جعفر العسكري ـ رئيساً للوزراء .   

 2 ـ رشيد عالي الكيلاني ـ وزيراً للداخلية .

 3ـ محمد أمين زكي  ـ وزيراً للمواصلات

 4 ـ ياسين الهاشمي ـ وزيراً للمالية .              

 5 ـ نوري السعيد  ـ وزيراً للدفاع

 6 ـ عبد المهدي  ـ وزيراً للمعارف

 7 ـ رؤوف الجادرجي ـ وزيراً للعدل .           

8 ـ أمين باش أعيان ـ وزيراً للأوقاف .

كان أهم ما جاء في منهاج الوزارة الجديدة ما يلي :

1 ـ العمل على تعديل الاتفاقيات التي وقعتها الوزارة السابقة ، والمتعلقة بالجانبين العسكري والمالي.

2 ـ إنجاز لائحة قانون الميزانية .

3 ـ إنجاز لائحة قانون الدفاع الوطني ، وإصدار قانون التجنيد الإجباري .

وفي 24 آذار قرر مجلس الوزراء تصديق لائحة قانون الدفاع الوطني ، التي أعدتها وزارة الدفاع ، وأحال مسودة القانون إلى مجلس الأمة .

وخلال مناقشة مجلس الوزراء لمسودة القانون ، وقع خلاف بين أعضاء المجلس حول اللائحة، فقد أصر وزير المالية [ عبد المهدي ] على تعديل الاتفاقيتين المالية والعسكرية مع بريطانيا ، قبل إصدار القانون حرصاً على مصلحة البلاد ، ولما لم يأخذ مجلس الوزراء برأي الوزير عبد المهدي ، سارع إلى تقديم استقالته من الوزارة في 7 حزيران 1927 .

عارضت بريطانيا صدور قانون التجنيد الإجباري ،فقد بعث المندوب السامي [ هنري دوبس ] بمذكرة إلى رئيس الوزراء حول الموضوع ، تنم عن التهديد ، لكن مجلس الوزراء مضى في خطته في إقرار لائحة القانون ، وأحالها إلى مجلس النواب  .

ماطلت بريطانيا في مفاوضاتها حول تعديل المعاهدة العراقية البريطانية وملاحقها، وبالأخص الاتفاقيتين العسكرية والمالية ، وشعر رئيس الوزراء أن بريطانيا لا تريد أجراء أي تغير جوهري على المعاهدة ، والاتفاقيات الملحقة بها ، مما دفع برئيس الوزراء إلى تقديم استقالة حكومته في 25 أيار 1927، وأعلم الملك عن رغبته في نشر أسباب الاستقالة ، لكي يطلع عليها الشعب ، وقد تسببت هذه الرغبة في إثارة المندوب السامي، الذي سارع إلى الملك فيصل، لتدارك الأمر، حيث عقد اجتماعاً مع الملك ورئيس الوزراء ، والوزراء كل من نوري السعيد ، ورشيد عالي الكيلاني، وياسين الهاشمي، لمعالجة موضوع الاستقالة ، وإصرار رئيس الوزراء على نشر أسباب الاستقالة ، مما أغضب المندوب السامي ، لكنه عاد وأبدى استعداه  لعرض مطالب الحكومة أمام الحكومة البريطانية إذا ما سحبت الوزارة استقالتها ، وقد مارس المندوب السامي، والملك فيصل الضغط على جعفر العسكري لسحب استقالته ، كما بعث الملك كتاباً لرئيس الوزراء في 30 أيار 1927، يرفض الاستقالة، ويطلب منه مواصلة مهامه كرئيس للوزراء .

وبعد أن عرض المندوب السامي الأمر على حكومته، قررت بريطانيا نقل المفاوضات إلى لندن، وطلب المندوب السامي من الملك فيصل أن يكون على مقربة من المفاوضات التي ستجرى هناك ، لغرض التأثير على الوفد العراقي المفاوض .

 وبناء على رغبة المندوب السامي ، قرر الملك فيصل السفر إلى لندن في 6 آب 1927 ، بحجة الاستشفاء ، ذلك لأن الملك مصون ، وغير مسؤول ، ولكي لا يكون وجوده مشاركة رسمية في المفاوضات ، كما خول مجلس الوزراء السيد جعفر العسكري بإدارة المفاوضات مع بريطانيا ، وغادر رئيس الوزراء إلى لندن في 5 أيلول 1927 .

افتتحت المفاوضات رسمياً في 25 تشرين الأول ، وتركزت حول ضرورة دخول العراق عصبة الأمم ، وطلب رئيس الوزراء من الوفد البريطاني المفاوض ، أن تطلب بريطانيا من العصبة قبول العراق في عضويتها ، كما طلب تعديل الاتفاقيتين، العسكرية والمالية ، بما يتفق وآمال الشعب العراقي في الحرية والاستقلال والسيادة، لكن بريطانيا عارضت الاستعجال !! في طلب دخول العراق عصبة الأمم ، بحجة أنه لا يزال غير مؤهل لذلك ، معتبرة  طلب الدخول سابق لأوانه ، وطلبت الحكومة البريطانية تأجيل ذلك حتى عام 1932 .  

أما بخصوص المعاهدة ، فقد أعرب الوفد العراقي عن رغبته بعقد معاهدة جديدة ، تحل محل المعاهدة الحالية . ورغم محاولات الحكومة البريطانية وضع العراقيل أمام مطالب الحكومة العراقية ، إلا أنها وافقت في النهاية على إجراء مفاوضات لعقد معاهدة جديدة .

لكن الحكومة البريطانية عادت ووضعت مسودة معاهدة جديدة لم تختلف في جوهرها عن المعاهدة السارية إلا في بعض الجوانب الثانوية ، وقد رفض الوفد العراقي التوقيع على المعاهدة المعروضة قبل تعديل الاتفاقيتين ، العسكرية والمالية ، كما طالب الوفد العراقي بإطلاق يد الحكومة في تنفيذ خطتها بتشريع قانون الخدمة العسكرية الإجبارية ، بغية إنشاء جيش قوي ، قادر على القيام بمهام الدفاع عن البلاد، لكن رئيس الوزراء[جعفر العسكري]لم يجد أي تجاوب من قبل بريطانيا ، واضطر إلى قطع المفاوضات، والعودة إلى بغداد في 27 تشرين الثاني 1927، بعد أن استمرت المفاوضات أكثر من شهرين ، وقد قرر الملك فيصل هو أيضاً العودة إلى بغداد مصرحاً :{ أفضل العودة إلى بلادي صفر اليدين ، على أن أوقع على معاهدة جديدة ، لا تختلف عن سابقتها } (5)

شعرت الحكومة البريطانية بخطورة تصاعد الأزمة مع العراق ، وطلبت من الملك إعادة النظر في مقاطعة المفاوضات ، واعدة إياه بإبداء المرونة مع الوفد العراقي المفاوض ، ودراسة مطالبه بجدية ، مما دفع الملك، وهو في طريق العودة إلى بغداد ، أن يبرق إلى رئيس الوزراء طالباً منه استئناف المفاوضات من جديد، وموضحا له الموقف البريطاني المستجد .

عاد جعفر العسكري إلى لندن ، بناء على طلب الملك ، في 12 تشرين الثاني 1927، حيث جرى استكمال المفاوضات مع الوفد البريطاني حول المعاهدة الجديدة

وموضوع تعديل الاتفاقيتين المالية والعسكرية، وفي نهاية المطاف تم الاتفاق على  مسودة معاهدة جديدة في 14 تشرين الثاني  بمقر وزارة المستعمرات البريطانية، وجرى الاتفاق على تأجيل المفاوضات حول تعديل الاتفاقيتين ، العسكرية والمالية، إلى ما بعد تصديق المعاهدة الجديدة .

لكن [رشيد عالي الكيلاني] و [ياسين الهاشمي ] احتجا على بنود المعاهدة الجديدة، وعلى عدم البت في الاتفاقيتين ، العسكرية والمالية ، وقدما استقالتيهما من الحكومة في 18 كانون الأول 1927 .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net