رابعاً:إقرار القانون الأساسي،وقانون السلطة التشريعية :
بعد أن تم لبريطانيا ما أرادت ، وصادق المجلس التأسيسي على المعاهدة العراقية البريطانية ، تحول المجلس نحو مناقشة وإقرار القانون الأساسي [ الدستور ] حيث حرصت بريطانيا على أن يجري إقرار المعاهدة قبل إقرار القانون الأساسي ، كما اشترطت أن يأتي القانون الأساسي غير متعارض مع بنود المعاهدة .
كان المفروض أن ينفض المجلس في 26 تموز ، ولكن بسبب تأخر إقرار المعاهدة، واستمرار المناقشات حول القانون الأساسي ، تطلب تمديد انعقاد المجلس التأسيسي الى 12 كانون الأول 1924 لغرض إكمال مناقشة وإقرار القانون الأساسي ، وقانون السلطة التشريعية .لم يستطع المجلس إجراء أي تغيير جوهري على مسودة القانون الأساسي الذي جرى وضعه من قبل وزارة المستعمرات البريطانية ، لكي يتمشى وبنود المعاهدة العراقية البريطانية ، وصادق المجلس على مسودة القانون في 10 تموز 1924 .
وبعد الفراغ من إقرار القانون الأساسي ، باشر المجلس بمناقشة مسودة قانون السلطة التشريعية ، الذي تم إقراره في 2 آب ، وقد نص القانون على قيام مجلسين للسلطة التشريعية [ مجلس النواب ]، و [مجلس الأعيان ] على أن ينتخب الشعب مجلس النواب ، على أساس الانتخاب على مرحلتين، أي [غير مباشر] ، المرحلة الأولى يتم من خلالها انتخاب ما يسمى [ المنتخبين الثانويين]، والمرحلة الثانية يتم من خلالها انتخاب النواب من قبل المنتخبين الثانويين ، وطبيعي أن بريطانيا والسلطة الحاكمة استهدفتا من وراء هذا القانون السيطرة على عملية الانتخاب ، والمجيء بالأشخاص الذين يريدهم المندوب السامي ، والبلاط إلى مجلس النواب ، حيث يمكن التأثير على المنتخبين الثانويين ، والذين غالبيتهم من الموظفين والمختارين ، بشتى الوسائل والسبل لانتخاب من ترشحهم السلطة بالتعاون والتنسيق مع المندوب السامي البريطاني، وهكذا كانت المجالس المتعاقبة تضم أعداداً كبيرة من كبار الإقطاعيين الذين منحتهم بريطانيا مقاطعات واسعة من الأراضي ، ومنحتهم سلطة واسعة على ملايين الفلاحين الكادحين ، وحيث اصبحوا نواباً مخضرمين ، يفوزون بالتزكية في كل انتخاب دون أن يجرأ أحد على منافستهم ، وكانوا أدوات طيعة بيد المندوب السامي والبلاط الملكي .
أما المجلس الثاني ـ مجلس الأعيان ـ فيتم تعينهم من قبل الملك ، وبالتنسيق مع المندوب السامي ، والسفارة البريطانية فيما بعد ، ويجري تعينهم من بين الوزراء والنواب السابقين ، وكبار الإقطاعيين الذين ربطوا مصيرهم بمصير الإمبريالية البريطانية . وفي 16 تموز 1925 أصدر الملك فيصل إرادة ملكية بتعيين 20 شخصية من السياسيين ، والضباط الشريفيين، ورجال الدين، وكبار الإقطاعيين، والملاكين العقاريين أعضاء في أول مجلس للأعيان وهم :
1ـ ابراهيم الحيدري 2ـ آصف قاسم اغا
3 ـ صالح باش أعيان 4 ـ حسن الشبوط
5ـ عبد الغني كبه 6 ـ عبد الله النقيب
7ـ محمد علي فاضل 8 ـ أحمد الفخري
9 ـ عبد الله صافي 10ـ عداي الجريان
11 ـ جميل الزهاوي 12 ـ مولود مخلص
13 ـ فؤاد الدفتري 14 ـ حسن عطية
15 ـ يوسف عما نوئيل 16 ـ يوسف السويدي
17 ـ محمد الصدر 18ـ عبد الحسين الكلدار
19ـ قادر سعيد زادة 20ـ مناحيم دانيال
استقالة العسكري،وتكليف يسين الهاشمي بتأليف الوزارة الجديدة :
بعد أن أتمت حكومة جعفر العسكري إقرار المعاهدة العراقية البريطانية،وإقرار القانون الأساسي ، وقانون الانتخاب ، سارع رئيس الوزراء الى تقديم استقالة حكومته الى الملك فيصل ، في 2 آب 1924، وتم قبول الاستقالة في نفس اليوم ، وكلف الملك فيصل ياسين الهاشمي بتأليف الوزارة الجديدة ، والتي جرى تأليفها على الوجه التالي :
1 ـ ياسين الهاشمي ـ رئيساً للوزراء .
2 ـ عبد المحسن السعدون ـ وزيراً للداخلية .
3ـ ساسون حسقيل ـ وزيراً للمالية .
4 ـ رشيد عالي الكيلاني ـ وزيراً للعدلية .
5 ـ محمد رضا الشبيبي ـ وزيراً للمعارف .
6ـ إبراهيم الحيدري ـ وزيراً للأوقاف
7 ـ صبيح نشأت ـ وزيراً للأشغال والمواصلات .
وقد قامت الحكومة الجديدة بإجراء انتخاب أول مجلس للنواب في 15 تشرين الأول 1924، وكانت تلك الانتخابات مبعث شكوى من التصرفات الإدارية ، وتدخلاتها في العملية الانتخابية لإنجاح مرشحي الحكومة فيها ، حيث مارست الحكومة ضغوطا كبيرة على المنتخبين الثانويين .
وقد أكد ذلك السيد[ توفيق السويدي]، وهو من رؤساء الوزارات الذي شغل هذا المنصب عدة مرات ، حيث ذكر في مذكراته قائلاً :
{ إن تلك الانتخابات انتهت بانتخاب مرشحين كان يقف على تعينهم الملك، ورئيس الوزراء ، ووزير الداخلية ، ومن ورائه المستشار البريطاني للوزارة . وكانت قائمة الترشيح هذه تبقى مكتومة حتى يوم الانتخاب ، إذ تبلغ بالتلفون إلى متصرفي الألوية ، ويطلب منهم أن يبذلوا جهدهم لإنجاحها }.
وفي 20 أيلول 1924، وصل الأمير غازي ، أبن الملك فيصل،الى العراق ، ليصبح ولياً للعهد ، وقد جرى للأمير استقبال رسمي شارك فيه أعضاء الحكومة والأعيان والنواب وكبار موظفي الدولة .
|