ثامناً: ظهور الأحزاب السياسية،وصدور قانون الأحزاب والجمعيات:
أثار ظهور عدد من الأحزاب السياسية المناوئة للاستعمار، والمتطلعة لعراق مستقل وديمقراطي، يعيداً عن الهيمنة البريطانية ، رغم عدم وجود قانون ينظم مسألة قيام الأحزاب والجمعيات ، ويجعل من قيامها أمراً شرعياً ، قلق المندوب السامي البريطاني والحكومة من الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الأحزاب في قيادة وتوجيه الجماهير الشعبية ، ولذلك فقد سعت الحكومة ، والمندوب السامي إلى السيطرة على عملية تكوين هذه الأحزاب ، وتقرر إصدار قانون للأحزاب والجمعيات، وقد جاء القانون الذي أصدرته الحكومة في 29 حزيران 1922، مقيداً للحريات العامة والاجتماعات ، واعتبرته القوى السياسية الوطنية ضربة موجهة لها .
ومع ذلك سارع عدد من الشخصيات السياسية إلى تقديم طلباتهم إلى الحكومة لإجازة أحزابهم فور صدور القانون المذكور، فقد تقدم المناضل الوطني البارز [جعفر أبو التمن ] ورفاقه السادة بهجت زينل ، ومهدي البصير، وعبد الغفور البدري ، وحمدي الباجه جي ، ومولود مخلص ، والشيخ أحمد الداؤد ، طلباً بتأسيس {الحزب الوطني العراقي }.(9)
كما تقدم كل من السادة : الحاج أمين الجرجفجي، والشيخ أحمد الظاهر، ومهدي البير، وأصف وفائي، ومحمد حسن كبه وعبد الرسول كبه، وعبد الرزاق الأزري، طلباً الى الحكومة بتأسيس {حزب النهضة العراقية }، ومثل هذان الحزبان المعارضة الوطنية العراقية لسياسة الهيمنة البريطانية.
وفي 3 أيلول 1922 تقدمت مجموعة ثالثة بطلب تأسيس حزب موالي للحكومة النقيبية دُعي {الحزب العراقي الحر }، غير أن هذا الحزب لم يلقَ أي تجاوب من قبل أبناء الشعب ، الذين استنكفوا الانتماء الى حزب موالي للحكومة وللإنكليز، على الرغم من جميع المحاولات التي بذلتها الأجهزة الإدارية لدعمه، وضغطها على الناس وحثها على تأييده والانتماء إليه ، لكنها فشلت في مسعاها ، وبقي هذا الحزب بعيداً عن الجماهير الشعبية، ولا يمثل إلا مؤسسيه، والسلطة الحاكمة والموالين للإنكليز ، في حين استقطب الحزب الوطني العراقي، وحزب النهضة العراقية الكثير من العناصر الوطنية ، ذات الفكر التقدمي والعناصر القومية المعارضة لكل أشكال الهيمنة الأجنبية،وبشكل خاص الهيمنة البريطانية .
|