متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
اولاً : العراق تحت حكم الاستعمار العثماني
الكتاب : من تاريخ العراق الحديث ج1    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

اولاً : العراق تحت حكم الاستعمار العثماني :

   كانت الحقبة التي حكم فيها العثمانيون العراق ، والتي استمرت قرابة الأربعة قرون ، من أسوأ الحقبات في تاريخ العراق ، فقد كان عصر من التخلف قاتم الظلمة ، عانى خلاله الشعب العراقي صنوفاً من الاضطهاد البشع ، تجلى في سياسة التتريك، ومحاولة طمس اللغة العربية ، وتجنيد شبابه في حروب استعمارية لا مصلحة للشعب العربي فيها ، واستغلال خيرات البلاد وثروات ، أبشع استغلال ، مما أعاد العراق إلى القرون الوسطى ، بعد أن كان قبلة العالم في تطوره وتقدم ، في الوقت الذي كانت أوربا تغوص في ظلامها الدامس .

   لم يكن الشعب العراقي راضياً بالاستعمار العثماني ، رغم محاولة الحكام العثمانيون تغليف حكمهم بجلباب الدين الإسلامي ، وكان يسعى جاهداً للإفلات من ذلك الطوق البشع ، فقد ظهرت عدة حركات وطنية ترمي إلى التحرر من ربقة الاستعمار التركي، وإقامة حكم وطني متحرر ، كما قامت العديد من الانتفاضات ، في الأرياف والمدن ، ضد الأتراك ، كان أشهرها ثورة بغداد ، في 13 حزيران 1831. (1)

كما قامت عدة انتفاضات في الريف العراقي بقيادة بعض شيوخ العشائر ذوي النزعة الوطنية التحررية ، سواء في المناطق العربية أم الكردية ، لكن الحكومة العثمانية كانت تلجأ إلى أقسى درجات العنف لقمع تلك الانتفاضات ، وتنفذ موجات من الاعدامات بحق النشطين من الوطنيين .

   وفي أواخر القرن التاسع عشر ، أوائل القرن العشرين أخذت الإمبراطورية العثمانية بالتفكك والانحلال ، حتى دُعيت [بالرجل المريض ] وأثار ضعف هذه الإمبراطورية  شهوة المستعمرين الأوربيين للحصول على موطئ قدم لهم في هذه البلاد الغنية بثرواتها إضافة إلى موقعها الاستراتيجي ، عن طريق الشركات التجارية ، وشركات الملاحة، مستخدمين العديد من الجواسيس والعملاء ، واستطاعوا عن طريق الرشاوى والهبات أن يبسطوا نفوذهم على العديد من الولايات والسلاطين العثمانيين المتفسخين .

واشتد التكالب على النفوذ بين الإمبرياليين الإنكليز والألمان والفرنسيين بشكل خاص ، للهيمنة على ممتلكات الإمبراطورية العثمانية، وكان للعراق نصيب في هذا التنافس والتكالب الذي بلغ أشده عندما استطاعت ألمانيا الحصول على امتياز سكة حديد الشرق ، والذي أثار قلق الحكومة البريطانية الشديد .

كان الصراع بين الإمبرياليين الجدد لتقسيم نفوذهم وسيطرتهم على العالم يتصاعد شيئاً فشيئاً حتى بلغ ذروته في عام 1914، عندما لجأ الإمبرياليون إلي قعقعة السلاح فيما بينهم ، فقامت الحرب العالمية الأولى ، التي اكتوى بلهيبها العالم اجمع ، وكان أن دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا ، ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية .كان الصراع بين المستعمرين رهيباً جداً ، دفع خلاله العالم الملايين من الضحايا على مائدة أطماع الإمبرياليين ، الذين حاولوا جرّ العرب لإعلان الثورة ضد الأتراك، واعدين إياهم بتحريرهم من ربقة الاستعمار العثماني ، ومنحهم حريتهم واستقلالهم، واستطاع الإنكليز النجاح في مسعاهم هذا ، وجرّ جانب كبير من الزعماء العرب إلى جانبهم ، وكان على رأس أولئك [الملك الحسين بن علي]، ملك الحجاز، الذي أعلن الثورة العربية ضد الأتراك ،إ ثر اتفاق  [مكماهون ]عام 1916 ، وقاتل إلى جانب بريطانيا ، اعتماداً على التعهد الذي قطعته له بضمان استقلال البلاد العربية ، وتنصيبه ملكاً عليها بعد نهاية الحرب .

لكن الإمبرياليين كانوا قد رتبوا أمورهم ، وتقاسموا النفوذ والسيطرة على البلاد العربية فيما بينهم ، بموجب معاهدة [ سايكس بيكو ]السرية، عام 1916، ومن ثم بموجب معاهدة [ سان ريمو ] في عام 1920، كما سنرى فيما بعد .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net