متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
برنامج النضال من أجل اقامة الحكومة الإسلامية
الكتاب : الحكومة الإسلامية    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

برنامج النضال من أجل اقامة الحكومة الإسلامية

 نحن مكلفون بالعمل الجدي لأجل إقامة الحكومة الإسلامية، ويعتبر العمل الدعائي أول أنشطتنا في هذا الطريق، فيجب أن نتقدم من خلال العمل الاعلامي، ففي جميع أنحاء العالم كان الأمر كذلك على الدوام. إذ يلتقي عدة أشخاص ويفكرون في الأمر، ثم يقررون ويقومون بعد ذلك بالعمل الدعائي، فيزدادون شيئاً فشيئاً، إلى أن ينتهي الأمر بأن يصيروا قوة نافذة في حكومة كبيرة ـ أو يحاربونها ـ ومن ثم يسقطونها. لقد قضوا على محمد علي ميرزا[1] وأقاموا حكومة المشروطة. ولم يكن منذ البداية ثمة جيش وقوة، وإنّما تقدَّموا من خلال العمل الدعائي. وأدانوا المتسلطين والمتفرعنين، وقاموا بتوعية الشعب، وأفهموا الناس أنّ هذا التفرعن أمر مرفوض. وأخذت دائرة العمل الدعائي (التوعية) بالاتساع شيئاً فشيئاً، حتى شملت جميع طبقات المجتمع، وتحول الشعب إلى قوة يقظة وفاعلة، ومن ثم حققوا النتيجة المطلوبة.

أنتم الآن لا تملكون حولاً ولا قوة، لكن يمكنكم القيام بالعمل الدعائي. والعدو لا يستطيع سلبكم جميع وسائل الدعاية. بالطبع يجب أن تقوموا بتعليم المسائل العبادية، لكن المهم هو المسائل السياسية للإسلام، المسائل الاقتصادية والحقوقية للإسلام. فإنها محور العمل، ويجب أن تكون كذلك. تكليفنا هو السعي لتأسيس دولة إسلامية حقيقية، ويجب علينا أن نقوم بالدعاية والارشاد وتوحيد التوجهات، وايجاد تيار دعائي وفكري من أجل تحقيق ظاهرة اجتماعية، لكي تنتظم الجماهير الواعية والعارفة لدورها والمتدينة شيئاً فشيئاً في نهضة إسلامية تثور وتقيم الحكومة الإسلامية.

الدعاية والتوجيه نشاطان أساسيان ومهمان بالنسبة لنا. فوظيفة الفقهاء هي نشر العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية وتعليمها للناس، من أجل تهيئة الأرضية لتطبيق الأحكام، وإقامة الإسلام في المجتمع. لقد رأيتم أنّه ورد في الرواية في وصف خلفاء النبي الأكرم (ص) أي الفقهاء قوله أنهم "يعلمونها الناس" أي يعلمون الناس الدين، خصوصاً في هذه الظروف حيث يسعى المستعمرون والحكام الظلمة والخونة واليهود والنصارى والماديّون لتحريف حقائق الإسلام وإضلال المسلمين. ففي هذه الظروف تزداد مسؤوليتنا في التبليغ والتوجيه أكثر من أي وقت. نحن نرى اليوم أن اليهود ـ خذلهم الله ـ قد تصرَّفوا في القرآن، وأحدثوا بعض التغييرات في نسخ القرآن التي طبعوها في الأراضي المحتلة. ونحن مكلفون بالتصدي لهذه التصرفات الخيانية. فيجب رفع الصوت وتنبيه الناس، لكي يتضح أنّ اليهود وحماتهم الأجانب أناس معادون للإسلام، ويريدون إقامة حكومة اليهود في الدنيا.

وبما أنّهم جماعة مؤذية وفاعلة أخشى ـ والعياذ بالله ـ أن يصلوا في يوم من الأيام إلى هدفهم، وأن يؤدي تقاعس بعضنا إلى أن يحكمنا حاكم يهودي ـ لا جعل الله ذلك اليوم ـ، ومن ناحية أخرى فإنّ عدداً من المستشرقين ـ الذين هم العملاء الثقافيون للمؤسسات الاستعمارية ـ ناشطون لتحريف حقائق الإسلام وقلبها. مبلغو (دعاة) الاستعمار يعملون بنشاط، ويقومون بإبعاد شبابنا عنا بدعاياتهم السيئة في كل زأوية من زوايا البلاد الإسلامية. إنهم لا يقومون بتنصيرهم أو تهويدهم، وإنّما هم يفسدونهم ويجعلونهم بلا دين ولا أباليين، وهذا يكفي بالنسبة للمستعمرين. لقد ظهرت في مدينتنا طهران مراكز دعاية السوء الكنسية والصهيونية[2] والبهائية[3] لكي يضلوا الناس ويبعدوهم عن الأحكام والتعاليم الإسلامية.

أفلا يكون هدم هذه المراكز المضرة بالإسلام من وظيفتنا؟ فهل يكفينا أن تكون "النجف" لنا فحسب؟ مع أنها ليست لنا أيضاً. هل علينا أن نجلس في "قم" ونكتفي بإقامة العزاء، أم يجب أن نكون على العكس من ذلك يقظين وفاعلين؟

أنتم جيل الشباب في الحوزات العلمية يجب أن تكونوا أحياء، وأن تقوموا بحفظ استمرارية أمر الله حيّاً.

أنتم جيل الشباب، تحركوا باتجاه النضج والتكامل الفكري، ودعوا التفكير الهامشي الذي التصق بكثير من العلوم لأنّ هذه النظرة الضيقة تعيق الكثير منا عن القيام بمسؤولياته المهمة. لبُّوا نداء الإسلام، وأنقذوا المسلمين من الأخطار المحدقة. إنّ الأعداء يقومون بتصفية الإسلام، ويقضون عليه باسم الأحكام الإسلامية، وباسم الرسول الأكرم (ص). لقد توجه الدعاة من مختلف الأنواع ـ سواء من أهل البلاد أو الأجانب، وسواء التابعين للاستعمار، أو دعاتهم الداخليين ـ إلى جميع القرى والمناطق الإيرانية، ويقومون بإضلال أبنائنا وشبابنا الذين يمكن أن يستفيد منهم الإسلام، فقوموا بانقاذهم. أنتم مكلفون بنشر ما تفقهتم به بين الناس، وتعليمهم الأمور التي تعلمتموها. وكل ذلك المدح والتمجيد للفقهاء الوارد في أحاديثنا[4] إنّما هو بسبب كون الفقيه مبيِّناً لأحكام الإسلام وعقائده وأنظمته، ومعلِّماً لسنة رسول الله (ص) للناس. عليكم أن تجدّوا في الارشاد والتعليم لأجل نشر الإسلام، وشرح مفاهيمه.

نحن مكلفون بإزالة الإبهام الذي "ألصقوه" بالإسلام، وما لم نزل ذلك الإبهام فإننا لن نتمكّن من تحقيق أية نتيجة. علينا أن نقوم ـ نحن والأجيال الآتية ـ بإزالة الابهام الملصق بالإسلام، والمرتكز في أذهان الكثيرين، حتى من المثقفين، نتيجة مئات السنين من دعايات السوء، وأن نبيّن الرؤى الإسلامية للكون وأنظمته الاجتماعية والحكومة الإسلامية، لكي يعرف الناس ماهية الإسلام ونوعية قوانينه. فالحوزات العلمية اليوم في قم ومشهد والأماكن الأخرى مكلفة بالعمل على بيان واقع الإسلام، وشرح مبادئه. إنّ الناس لا يعرفون الإسلام. فعليكم أن تعرّفوا شعوب الدنيا على أنفسكم وعلى إسلامكم وأئمتكم وحكومتكم الإسلامية، وخصوصاً لطبقة المثقفين والجامعيين الواعين. واطمئنوا إلى أنّكم لو بيَّنتم هذا المذهب كما هو في الواقع، والحكومة الإسلامية على واقعها، فإنّ هؤلاء سوف يتقبلونهما. إذ أنّ الجامعيين معارضون للاستبداد وللحكومات العميلة للاستعمار، ومعارضون للتسلط، ونهب الأملاك العامة، والسرقة والكذب. ليس هناك جامعة أو جامعيون يخالفون الإسلام الذي يمتلك ذلك الطراز من الحكومة والتعاليم الاجتماعية.

إنّهم يمدُّون أيديهم إلى صورة حوزة النجف طالبين منها الحل. فهل نجلس بانتظار أن يأمرونا هم بالمعروف، ويدعوننا إلى تأدية التكليف؟ إنّ شبابنا في أوربا يأمروننا بالمعروف، ويقولون لنا إنّهم قد قاموا بتشكيل المراكز الإسلامية طالبين منا العون والمساعدة.

إنّنا مكلفون بالتذكير بهذه الأمور، وببيان نمط الحكومة الإسلامية، وطريقة أولياء الأمر في صدر الإسلام، وأن دار إمارتهم ودكة القضاء عندهم (وزارة العدل) كانت في زأوية من زوايا المسجد، بينما كانت دولتهم تشمل إيران ومصر والحجاز واليمن.

ومن المؤسف أنّه عندما انتقلت الحكومة إلى الطبقات الأخرى، تحولت إلى سلطنة، بل أسوأ. علينا أن نوضح الصورة عن تلك الحكومة التي نريدها، وعن شروط الحكام الذين يجب أن يحكمونا ويتولوا أمورنا، وعن تصرفاتهم وسياستهم التي يتبعونها. إنّ الحاكم في المجتمع الإسلامي هو ذاك الذي يقوم بما قام به الإمام علي (ع) مع أخيه عقيل[5] لكي يمنعه من طلب أي تفضيل مادي على الآخرين، ومن طلب معونة إضافية من بيت المال. والذي يسترد العقد الذي تأخذه ابنته كعارية مضمونة من بيت المال، ويقول لها لو لم تكن عارية مضمونة لكنت أول هاشمية تقطع يدها في الإسلام[6] فنحن نريد حاكماً كهذا. حاكماً يطبق القانون، لا لأهوائه وميوله، ويرى الجميع متسأوون أمام القانون، وذوي حقوق أساسية ووظائف متسأوية، فلا يفرق ولا يميز بين أحد وأحد، وينظر إلى أقاربه والآخرين نظرة واحدة. لو سرق ابنه، فإنّه يقطع يده، ولو تاجر أخوه أو أخته بالمخدرات لأعدمهم. لا أنه يعدم عدة اشخاص لأجل عشرة غرامات من الهيروئين، بينما غيرهم يمتلك المقادير الكبيرة، ويستورد الشحنات تلو الشحنات.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net