مقدمة الناشر
انطلاقاً من إتمام هذا العمل المبارك، إصدار كتاب قبسات من سيرة الإمام الخميني (قده)، تواصل الدار الإسلامية رفد المثقف والقارئ العزيز بإصدارها الجديد من القبسات، وهو يتناول الجوانب العبادية والمعنوية من حياة الإمام العظيم والتي تجلّت فيها الروح العالية للإمام، والنفس الكبيرة التي عزمت على تجسيد الإسلام سلوكياً والتي قهر فيها الإمام نوازع عالم المادة وأطلق لها نوازع السمو إلى الكمال محكماً فيها العقل الكبير مما أذهل الكثير وبان عجزهم عن مباراته في سيرة التكامل، وقد انطلق بسيره المبارك مقتدياً بالصالحين من آبائه الغّر الميامين الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والدار الإٍسلامية إذ تنشر هذا الكتاب ـ قبسات من سيرة الإمام الخميني ـ الإمام في ميدان التعليم الحوزوي والمرجعية، تأمل ان يزداد القارئ العزيز غوراً في شخصية الإمام الراحل (قده)، واستشراف مضامين سلوكه العظيم وتعاهد القارئ الكريم على مواصلة السعي الدؤوب في نشر الثقافة الهادفة التي تبني الإنسان في أعماقه الخيرة.
ومن الله نستمد العون
الدار الإسلامية
مقدمة المترجم
بسم الله الرحمن الرحيم
يختص هذا الجزء ـ الرابع من هذه الموسوعة ـ بعرض لطائفة من الذكريات التي تبين جوانباً من سيرة الإمام في الوسط الحوزي في إثنتين من أهم الحوزات العلمية الشيعية هما حوزة النجف الأشرف وحوزة قم المقدسة. ولا يخفى ان لهذه الحوزات دوراً مهماً ومحورياً في حفظ الإسلام والدفاع عنه وترويجه وتعريف الناس بأحكام مدرسة أهل البيت عليهم السلام في الحوادث الواقعة المستجدة وفي شؤونهم الحياتية المختلفة وخدمتهم وقيادتهم على الصراط المستقيم، فهي التي تخرج الفقهاء الذين هم حصون الإسلام، والعلماء الربانيين الذين يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ولا يخشون سواه، وطلبة العلم المجاهدين المرتوين من فقه الكتاب والسنة المحمدية النقية التي حفظها أئمة العترة النبوية الطاهرة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ. كما لا يخفى ان مثل هذه المراكز الإلهية ودور نشر وإشعاع الأنوار الربانية هي أهم الأهداف التي تستهدفها سهام شياطين الأنس والجن الساعية إلى تدميرها او أصابتها بالأمراض المهلكة المانعة لها عن القيام بدورها الإلهي المقدس ولذلك فقد شاءت حكمة الله جلت قدرته أن يبعث فيها بين الحين والآخر من يجدد حياتها ويعالج جراحها ويزودها بوقود إلهي خالص للقيام بدورها الريادي المقدس، فيظهر فيها عالماً ربانياً فذاً من خلّص أتباع مدرسة الثقلين ـ القرآن والعترة النبوية ـ، ليجسد بسيرته القيم التي ينبغي أن يلتزم بها حصون الإسلام وورثة الأنبياء ونواب خاتم الأوصياء المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ. والفقيه العارف روح الله الخميني ـ رضوان الله عليه ـ هو أحد الأفذاذ من هؤلاء العلماء الربانيين، وقد جاءت سيرته في الوسط الحوزوي ـ أستاذاً ومربياً ـ منصبة في اتجاه إحياء تلك القيم في الوسط الحوزوي وتطهيره من سهام الشياطين الأنس والجن والدفاع عن كيان الحوزات وحرمة علمائها ومجاهدة أشكال حب الرئاسة والمتاجرة بالدين سعياً للدينا، فجسد خصال العالم الرباني المخلص الذي سحق كل أهواء )الأنا) الظاهرة منها والخفية، وانبرى للاجتهاد في العمل ـ بكل ما استطاع ـ لإعداد الحوزويين لخدمة الأمة وعبادة الله ومواكبة طموحاتهم المشروعة، واجتهد ـ بكل سعيه ـ بكل جهوده ـ لتربية المجتهدين القادرين على مواكبة متطلبات العصر، واندفع بكل وجوده ـ لحفظ وحدة الموقف الحوزوي وحفظ مكانته ودعم مرجعياته بإخلاص مقرون بكامل الورع والتنزه عن كل عمل فيه شائبة السعي لمقام المرجعية أو الرغبة فيه. ومما لا شك فيه أن ما يشتمل عليه هذا الجزء من ذكريات لا يفي بإعطاء صورة كاملة تظهر جميع ابعاد الدور الخميني في هذا المجال، فإنجاز ذلك يحتاج إلى دراسة أوسع لسيرة الإمام ـ رضوان الله عليه ـ وتراثه الفكري إلاّ أنه يفي ـ بلا شك ايضا بإعطاء صورة مشرقة عامة عن هذا الدور، كما أن القبسات النورانية التي اشتمل عليها من سيرة هذا العالم الرباني تحمل الكثير من الدورس التربوية لطلبة العلم الإلهي من الحوزويين وغيرهم، وتبين لهم الخصال التي ينبغي أن يتحلى بها علماء الدين الربانيون، فتعين طلبة العلم على نحو التخصص الحوزوي على التحلي بها من خلال تعريفهم بأسوة حسنة معاصرة، كما انها تعين سائر المؤمنين على معرفة وتمييز العالم الديني الرباني الذي يرجعون إليه. أعاننا الله وإياكم على التدبر في سيرة روح الله الخميني فهو من أفذاذ العلماء والعباد الصالحين، ووفقنا الله وأياكم على الاستضاءة بأنوارها في السير إلى الحياة الكريمة في الدارين بحرمة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، إنه سميع مجيب.
عرفان محمود
24، صفر الخير / 1423للهجرة المباركة
|