2- عيون أخبارالرضا: 1/92 ح 30.
( 546 )وخلقت النار لأهل الكفر، فهو
ـ عليه السَّلام ـ قسيم الجنّة والنار، لهذه العلّة فالجنة لا يدخلها إلاّأهل محبّته ، والنار لا يدخلها إلاّ أهل بغضه.
قال المفضل: فقلت: يابن رسول اللّه فالأنبياء والأوصياء
ـ عليهم السَّلام ـ كانوا يحبّونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه؟
قال: نعم.
قلت: فكيف ذلك؟ قال: أماعلمت أنّ النبيّ
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال يوم خيبر: لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحبُّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله ما يرجع حتى يفتح اللّه على يديه، فدفع الراية إلى عليّ ـ عليه السَّلام ـ ففتح اللّه عزّوجلّ على يديه؟
قلت: بلى. قال: أما علمت أنّ رسول اللّه
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لمّا أتى بالطائر المشوي قال: اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الطائر، وعنى به عليّاً ـ عليه السَّلام ـ ؟
قلتُ: بلى. قال: فهل يجوز أن لا يحبّ أنبياء اللّه ورُسُله وأوصياؤهم
ـ عليهم السَّلام ـ رجلاً يحبّه اللّه ورسوله ويحبّ اللّه ورسوله؟
فقلت له: لا، قال: فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أُممهم لا يحبّون حبيب اللّه وحبيب رسوله وأنبيائه
ـ عليهم السَّلام ـ ؟
قلت: لا، قال: فقد ثبت أن جميع أنبياء اللّه ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعليّ بن أبي طالب
ـ عليه السَّلام ـ محبّين، وثبت أنّ أعداءهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبّتهم مبغضين؟
قلت:نعم . قال: فلا يدخل الجنّة إلاّ من أحبّه من الأوّلين و الآخرين ولا يدخل النار إلاّمن أبغضه من الأوّلين والآخرين، فهو إذن قسيم الجنة و النار.
( 547 )قال المفضّل بن عمر: فقلت له: يا بن رسول اللّه فرّجت عني فرّج اللّه عليك فزدني ممّاعلّمك اللّه.قال: سل يا مفضّل .
فقلت له: يا ابن رسول اللّه فعليّ بن أبي طالب
ـ عليه السَّلام ـ يُدخل محبّه الجنّة ومبغضه النار؟ أو رضوان و مالك؟.
فقال: يا مفضّل أما علمت أنّ اللّه تبارك و تعالى بعث رسول اللّه
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وهو روح إلى الأنبياء ـ عليهم السَّلام ـ وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام؟ قلت: بلى.
قال: أما علمت أنّه دعاهم إلى توحيد اللّه وطاعته واتّباع أمره ووعدهم الجنّة على ذلك، وأوعد مَن خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار؟ قلت: بلى.
قال: أفليس النبي
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ضامناً لما وعد وأوعد من ربّه عزّوجلّ؟ قلت: بلى.
قال: أو ليس علي بن أبي طالب
ـ عليه السَّلام ـ خليفته وإمام أُمّته؟ قلت: بلى.
قال: أو ليس رضوان ومالك من جملة الملائكة المستغفرين لشيعته الناجين بمحبّته؟ قلت: بلى.
قال: فعلي بن أبي طالب إذن قسيم الجنّة و النار عن رسول اللّه
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر اللّه تبارك و تعالى.
يا مفضّل خذ هذا فإنّه من مخزون العلم و مكنونه لا تخرجه إلاّ إلى أهله.
(1)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- علل الشرائع 1/162 ـ 163.
( 548 )
المعاني:
فيه مسائل:
الأُولى : تنكير «مولى» للتعظيم.
الثانية: تقديم «له» على مابعده إن كان متعلّقاً بـ«مأمورة»، للحصر و الوزن والتوجيه وتقريب الضمير من مرجع والابتداء بالعائد في الصفة والتبرّك، لرجوع الضمير إلى من تبرّك باسمه وصفاته، وكذا تقديم «مِن إجلاله» على «تفزع» وفيه رعاية القافية أيضاً.
الثالثة: إن كان «مأمورة» تمييزاً ففيه إيضاح بعد إبهام.
البيان:
إن كان «مأمورة» تمييزاً فإسناد «له» إلى «الجنّة» مجازي فإنّ فاعله حقيقة هو المأمورية : مأموريّة الجنة، إمّا بمعناه الحقيقي، لجواز أن يجعلها اللّه قابلة للخطاب والأمر، وإمّا بمعنى تعلّق التقدير الإلهي كماعرفت سابقاً، وكذا نسبة الفزع إلى النار إمّا بمعناها الحقيقي، أو النّار مجاز عن أهلها، أو فيه مجاز الحذف أو الاسناد مجازي، أو الفزع مجاز عن المطواعية المراد بها تحقيق ما أراده
ـ عليه السَّلام ـ فيها.