2- ابن كثير: البداية والنهاية: 7/383.
( 376 )إلاّ فيما يقتضي فرض الطاعة له عليهم ونفوذ أمره ونهيه فيهم،ولن يكون كذلك إلاّ من كان إماماً.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فإن قال: دلّوا على صحّة الخبر ثمّ على أنّ لفظ «مولى» محتملة لأولى وأنّه أحد أقسام ما يحتمله، ثمّ على أنّ المراد بهذه اللفظة في الخبر هو الأولى دون سائر الأقسام، ثمّ على أنّ الأولى يفيد معنى الإمامة.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قيل له:أمّا الدلالة على صحّة الخبر، فما يطالب بها إلاّ متعنّت لظهوره وانتشاره وحصول العلم لكلّ من سمع الإخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه إلاّكالمطالب بتصحيح غزوات النبيّ
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ الظاهرة المنشورة; وأحواله المعروفة; وحجّة الوداع نفسها، لأنّ ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وبعد، فإنّ الشيعة قاطبة تنقله وتتواتر به، وأكثر رواة أصحاب الحديث ترويه بالأسانيد المتّصلة، وجميع أصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفاً عن سلف نقلاً بغير اسناد مخصوص كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة وقد أورده مصنّفو الحديث في جملة الصحيح، وقد استدل هذا الخبر بما لا يشركه فيه سائر الأخبار، لأنّ الأخبار على ضربين:
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
أحدهما لا يعتبر في نقله الأسانيد المتّصلة، كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفّين،و ما جرى مجرى ذلك من الأُمور الظاهرة التي يعلمها الناس قرناً بعد قرن بغير اسناد وطريق مخصوص.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
والضرب الآخر يعتبر فيه اتّصال الأسانيد كأخبار الشريعة.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وقد اجتمع في خبر الغدير الطريقان مع تفرّقهما في غيره من الأخبار، على
( 377 )أنّ ما اعتبر في نقله من أخبار الشريعة اتّصال الأسانيد، لو فتشت عن جميعه لم تجد رواية إلاّ الآحاد، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتّصلة الجمع الكثير، فمزيّته ظاهرة.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وممّا يدلّ على صحّة الخبر: إطباق علماء الأُمّة على قبوله ولا شبهة فيما ادّعيناه من الإطباق; لأنّ الشيعة جعلته الحجّة في النصّ على أمير المؤمنين
ـ عليه السَّلام ـ بالإمامة ومخالفو الشيعة تأوّلوه على خلاف الإمامة على اختلاف تأويلاتهم!
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فمنهم من يقول: إنّه يقتضي كونه
ـ عليه السَّلام ـ الأفضل.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
ومنهم من يقول: إنّه يقتضي موالاته على الظاهر والباطن.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وآخرون يذهبون فيه إلى ولاة العتق ويجعلون سببه ما وقع عن زيد بن حارثة أو ابنه أُسامة بن زيد من المشاجرة. إلى غير ما ذكرناه من ضروب التأويلات والاعتقادات.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وما نعلم أنّ فرقة من فرق الأُمّة ردّت هذا الخبر، أو اعتقدت بطلانه، أو امتنعت من قبوله.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وما يجمع الأُمّة عليه لا يكون إلاّ حقّاً عندنا وعند مخالفينا وإن اختلفنا في العلّة والاستدلال.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فإن قال: وما في تأويل مخالفيكم للخبر ممّا يدلّ على قبولهم له أو ليس قد يتأول المتكلّمون كثيراً ممّا لا يقبلونه; كأخبار المشبّهة وأصحاب الرؤية وما المانع من أن يكون في الأُمّة من يعتقد بطلانه أو يشكّ في صحّته؟
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قيل له: ليس يجوز أن يتأوّل أحد من المتكلّمين خبراً يعتقد بطلانه أو يشكّ في صحّته إلاّبعد أن يبيّن ذلك من حاله ويدلّ على بطلان الخبر أو على فقد ما
( 378 )يقتضي صحّته، ولم نجد مخالفي الشيعة في ماض ولا مستقبل يستعملون في تأويل خبر الغدير إلاّما يستعمله المتقبّل، لأنّا لا نعلم أحداً منهم يعتدّ به قدّم الكلام في إبطاله والدفع له أمام تأويله، فإن كانوا أو بعضهم يعتقدون بطلانه أو يشكّون في صحّته، لوجب مع ما نعلمه من توفّر دواعيهم إلى ردّ احتجاج الشيعة به وحرصهم على دفع ما يجعلونه الذريعة إلى تثبيته أن يظهر عنهم دفعه سالفاً وآنفاً ويشيع الكلام منهم في تصحيح الخبر كما شاع كلامهم في تأويله، لأنّ دفعه أسهل من تأويله وأقوى في إبطال المتعلّق به وأنفى للشبهة.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فإن قال: أليس قد حكي عن ابن أبي داود السجستاني في دفع الخبر وحكي عن الخوارج مثله، وطعن الجاحظ في كتاب العثمانية فيه؟
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قيل له: أوّل ما نقول: إنّه لا يعتبر في باب الإجماع بشذوذ كلّ شاذّ عنه، بل الواجب أن يعلم أنّ الذي خرج عنه ممّن يعتبر قوله في الإجماع، ثمّ يعلم أنّ الإجماع لم يتقدّم خلافه فإنّ ابن أبي داود والجاحظ لو صرّحا بالخلاف لسقط خلافهما; بما ذكرناه من الإجماع خصوصاً بالذي لا شبهة فيه من تقدّم الإجماع وفقد الخلاف وقد سبقهما ثمّ تأخّر عنهما، على أنّه قد قيل: إنّ ابن أبي داود لم ينكر الخبر وإنّما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدّماً، وقد حكي عنه التنصّل من القدح في الخبر والتبرّؤ ممّا قذفه به محمد بن جرير.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وأمّا الجاحظ فلم يتجاسر أيضاً على التصريح بدفع الخبر، وإنّما طعن على بعض روايته، وادّعى اختلاف ما نقل من لفظه،ولو صرّح الجاحظ والسجستاني وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحاً لما قدّمناه.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فأمّا الخوارج، فما يقدر أحد على أن يحكي عنهم دفعاً لهذا الخبر وامتناعاً من قبوله، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة معروفة وهي خالية ممّا ادّعي، والظاهر من
( 379 )أثرهم حملهم الخبر على التفضيل أو ما جرى مجراه من صنوف تأويل مخالفي الشيعة، وإنّما أنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج، ما ظهر عنهم من القول الخبيث في أمير المؤمنين
ـ عليه السَّلام ـ وظنّ أنّ خلافهم له ورجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جحدوا فضائله ومناقبه، وقد أبعد هذا المدّعى غاية البعد; لأنّ انحراف الخوارج إنّما كان بعد التحكيم للسبب المعروف وإلاّ فاعتقادهم لأمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ وفضله وتقدّمه قد كان ظاهراً، وهم على كلّ حال بعض أنصاره وأعوانه ومن جاهد مع الأعداء وكان في عداد الأولياء إلى أن كان من أمرهم ما كان.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وقد استدلّ قوم على صحّة الخبر بما تظاهرت به الروايات من احتجاج أمير المؤمنين
ـ عليه السَّلام ـ به في الشورى على الحاضرين في جملة ما عدّده من فضائله ومناقبه وما خصّه اللّه تعالى به، حيث قال: أُنشدكم اللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بيده فقال: «من كنت مولاه فهذا مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه» غيري؟ فقال القوم: اللّهمّ لا(1)، وإذا اعترف به من حضر الشورى من الوجوه واتّصل أيضاً بغيرهم من الصّحابة ممّن لم يحضر الموضع كما اتّصل بهم سائر ما جرى ولم يكن من أحد نكير له ولا إظهار الشكّ فيه، مع علمنا بتوفر الدّواعي إلى إظهار ذلك لو كان الخبر بخلاف ما حكمنا به من الصحّة، فقد وجب القطع على صحّته، على أنّ الخبر لو لم يكن في الوضوح كالشمس لما جاز أن يدّعيه أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ سيما في مثل المقام الذي ذكرناه لأنّه ـ عليه السَّلام ـ كان أنزه وأجلّ قدراً من ذلك، قالوا: وبمثل هذه الطريقة يحتجّ خصومنا في تصحيح ما ذكره أبوبكر يوم السقيفة وأسنده إلى الرّسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ من قوله: الأئمّة من قريش، وما جرى مجراه من
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- وفياتالأئمّة: 32، معالمالفتن: 399.
( 380 )الأخبار.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فإن قال: كيف يصحّ احتجاجكم بهذه الطريقة، وغاية ما فيها أن يكون الحاضرون في الشورى صدّقوا خبر الغدير وشهدوا بصحّته، وأن يكون من عداهم من الصحابة الذين لم يحضروا وبلغهم ما جرى أمسكوا عن ردّه وإظهار الشكّ فيه على سبيل التصديق أيضاً وليس في جميع ذلك حجّة عندكم، لأنّكم قد رددتم فيما مضى من الكتاب على من جعل تصديق الصحابة بخبر الإجماع وإمساكهم عن ردّه حجّة في صحّته.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قيل له: إنّما رددنا على من ذكرت من حيث يصحّ عندنا لولا إطباق الصحابة على الخبر المدّعى في الإجماع، ثمّ لما سلّمنا للخصوم ما يدّعونه من إطباق الصحابة، أريناهم أنّه لا حجّة فيه على مذاهبهم وأُصولهم; لأنّهم يجيزون على كلّ واحد منهم الخطأ عقلاً و اعتقادالباطل بالشبهة، فلا أمان قبل صحّة ما يدّعونه بالسّمع من وقوع ما جاز عليهم، وأبطلنا ما يتعلّقون به من عادة الصحابة من قبول الصحيح من الأخبار وردّ السقيم، وبيّنا أنّهم لم يقولوا ذلك إلاّ عن دعوى لا يعضدها برهان، وأنّهم رجعوا في أنّ الخطأ لا يجوز عليهم إلى قولهم أو ما يجري مجرى قولهم،وهذا لا يمنعنا من القطع على صحّة ما يجمع عليه الأُمّة على مذهبنا، لأنّا لا نجيز على كلّ واحد منهم الخطأ والضلال كما اختاروه من طريق العقل، وإنّما نجيزهما على من عدا الإمام، لأنّ العقل قد دلّنا على وجود المعصوم في كلّ زمان، ومنعنا من اجتماع الأُمّة على باطل إنّما هو لأجله، فمن لم يسلك طريقتنا يجب أن يمنعه من الثقة بالإجماع وتمسكه به.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فإن قال: جميع ما ذكرتموه إنّما يصحّ في متن الخبر الّذي هو قوله
ـ عليه السَّلام ـ :«من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» دون المقدمة المتضمّنة للتقرير، لأنّ أكثر من روى الخبر لم
( 381 )يروها، والإطباق من العلماء على القبول واستعمال التأويل غير موجود فيها، لأنّكم تعلمون خلاف خصومكم فيها، وإنشاد أمير المؤمنين
ـ عليه السَّلام ـ أهل الشورى لم يتضمنها في شيء من الروايات، ودليلكم على إيجاب الإمامة في الخبر ممّا يتعلّق بها فدلّوا على صحّتها.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قيل له: ليس ينكر أن يكون بعض من روى خبر الغدير لم يذكر المقدّمة، إلاّ أنّ من أغفلها ليس لأكثر ممّن ذكرها ولا يقاربه، وإنّما حصل الإخلال بها من آحاد من الرواة، والشيعة كلّهم ينقلون الخبر ومقدّمته، وأكثر من شاركهم من رواة أصحاب الحديث أيضاً ينقلون المقدّمة، ومن تأمّل الخبر وتصفّحه علم صحّة ما ذكرناه.وإذا صحّ فلا نكرة في إغفال من أغفل المقدّمة لأنّ الحجّة تقوم بنقل من نقلها بل بعضهم.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
فأمّا إنشاد أمير المؤمنين
ـ عليه السَّلام ـ أهل الشورى وخلّوه من ذكر المقدمة فلا يدلّ على نفيها أو الشكّ في صحّتها; لأنّه ـ عليه السَّلام ـ قرّرهم بالخبر بما يقتضي الإقرار بجميعه على سبيل الاختصار، ولا حاجة إلى ذكر القصّة من أوّلها إلى آخرها وجميع ما جرى فيها لظهوره، لأنّ الاعتراف بما اعترف به منها هو اعتراف بالكلّ وهذه عادة الناس فيما يقرّرون به، ألا ترى أنّ أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ لمّا أن قرّرهم في ذلك المقام بخبر الطائر في حمل الفضائل والمناقب اقتصر على أن قال ـ عليه السَّلام ـ : أفيكم رجل قال له النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : «اللّهمّ ابعث إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي» غيري. ولم يذكر إهداء الطائر وما تأخّر عن هذا القول من كلام الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ .
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وكذلك لمّا أن قرّرهم بقول الرسول
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فيه لمّا ندبه لفتح خيبر، ذكر بعض الكلام دون بعض ولم يشرح القصة وجميع ما جرى فيها، وإنّما اقتصر ـ عليه السَّلام ـ على القدر المذكور اتّكالاً على شهرة الأمر، وإنّ في الاعتراف ببعضه اعترافاً بكلّه، فلا
( 382 )ينكر أن يكون هذا علّة من أغفل رواية المقدّمة من الرواة، فإنّ أصحاب الحديث كثيراً ما يقولون: فلان يروي عن الرسول
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كذا. ويذكرون بعض لفظ الخبر والمشهور منه على سبيل الاختصار، والتعويل على الظهور في الباقي وإنّ الجميع يجري مجرى واحداً،ويستبين فيما بعد بعون اللّه ما يقتصر من الأدلّة على إثبات الإمامة من خبر الغدير إلى المقدمة وما لا يقتصر إليها إن شاء اللّه.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وأمّا الدلالة على أنّ لفظة «مولى» تفيد في اللّغة «أولى»، فظاهر; لأنّ من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنّهم يضعون هذه اللفظة مكان «أولى»، كما أنّهم يستعملونها في ابن العم.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وما المنكر لاستعمالها في «الأولى» إلاّكالمنكر لاستعمالها في غيره من أقسامها.ومعلوم أنّهم لا يمتنعون من أن يقولوا في كلّ شيء كان أولى بالشيء، أنّه مولاه. ومتى شئت أن تفحم المطالب بهذه المطالبة فاعكسها عليه ثمّ طالبه بأن يدلّ على أنّ لفظة «مولى» تفيد ابن عم، أو الجار أو غيرهما من الأقسام، فإنّه لا يتمكّن من ذلك إلاّ بإيراد بيت شعر، أو مقاصاة إلى كتاب، أو عرف لأهل اللّغة و كلّ ذلك موجود ممكن لمن ذهب إلى أنّها تفيد«الأولى» على أنّا نتبرع بإيراد جملة تدلّ على ما ذهبنا إليه فنقول:
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
قد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى، ومنزلته في اللّغة منزلته في كتابه المعروف بـ«المجاز في القرآن» لمّا انتهى إلى قوله تعالى :
(مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوليكُمْ) أنّ معنى «مولاكم»: أولى بكم، وأنشد بيت لبيد شاهداً له:
فغدت كلا الفرجين يحسِب أنّه * مَولى المخافة خلفها و أمامها(1)
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وليس أبو عبيدة ممّن يغلط في اللّغة، ولو غلط فيها أو وهم لما جاز أن
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- شرحالمعلّقاتالعَشر: 198.
( 383 )يمسك عن النكير عليه، والردّ لتأويله غيره من أهل اللّغة ممّن أصاب ما غلط فيه، على عادتهم المعروفة في تتبّع بعضهم لبعض وردّ بعضهم على بعض، فصار قول أبي عبيدة الذي حكيناه مع أنّه لم يظهر من أحد من أهل اللغة ردّله، كأنّه قول الجميع.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
ولا خلاف بين المفسّرين في أنّ قوله تعالى:
(وَلِكُلّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَ آتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْء شَهِيداً