متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
شرح البيت الثامن
الكتاب : اللآلي العبقرية في شرح العينيّة الحميرية    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر


[8]

عجبتُ مِن قوم أتَوا أحمدا * بخطبــة ليس لهَا موضِـعُ

اللّغة:

«العجب» بالفتح وبفتحتين، والتعجّب : انفعال للنّفس من إدراك الأشياء النادرة الخفيّة الأسباب، أو كيفيّة تابعة لذلك الانفعال، وفي القاموس أنّه إنكار ما يرد عليك.

ثمّ لمّا كان المتعجّب منه ممّا يعظم في نفس المتعجّب ورد في الخبر: عجب ربّك من قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل(1)، أي عظم عنده، وفيه أيضاً: عجب ربّك من شاب ليست له صبوة.(2)

«من» للابتداء، أي ابتداء عجبي، ونشأ من قوم.

«القوم»، اختلف فيه أهل اللغة فقيل: هو الجماعة من الرجال والنساء أو منهما.

و قيل: بل هو الجماعة من الرجال خاصّة، و هو المتصوّر، لقوله تعالى: (لا يَسْخَرْقَومٌ مِنْ قَوْم ...وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساء) (3) و لقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: 3/183.
2- ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: 3/183.
3- الحجرات:11، والآية: (...لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوم عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساء...).


( 211 )
وَ ما أَدْرِي وَ سَوْفَ إِخالُ أدري * أقومٌ آلُ حِصْن أَمْ نِساءُ(1)

وهو في الأصل مصدر ،وصف به ثمّ غلب على الرجال لقيامهم بأمور النساء، كما قال سبحانه: (الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساء) .(2)

«أتيته» إتياً وإتياناً وإتيانة وإتياً، كعنى ـبضمّ العين أو كسرهاـ : جئته بسهولة، و منه: تأتّى له الأمر، إذا تسهّل وتهيّأ له، وأتيت الماء تأتيه وتأتياً: إذا سهّلت طريقه.

وواتيته مواتاة إذا وافقته، ثمّ اتّسع فاستعمل في مطلق المجيئ ، وجاء أتوته أتوه بمعناه، قال الرّاجز:

يا قَوْمِ ما لي و أباذُؤَيبِ * كُنْتُ إذا أتوته مِنْ غَيْبِ

يَشَمُّ عطفي و يَبَزُّ ثوبي * كَأَنَّني أَرَبْتُهُ بُريْبِ (3)

«الواو» هنا ضمير جمع المذكر العاقل، وذهب المازني إلى أنّها علامة الجمع كما «التاء» علامة التأنيث، وإنّ الضمير مستكن كاستكنانه في: زيد قام، وهند قامت، وكما يقوله الجمهور في نحو: قاما أخواك، وقاموا أخويك، و قمن الهندات.

ومن النّحاة من قال: إنّ بعض العرب يقول في الجمع: الزيدون قام ـ بضمّ الميم ـ فيكتفى به عن «الواو» ، و التزموا في الكتابة أن يريدوا بعد «واو»الجمع المتطرّفة في الفعل: «ألفاً»، فرقاً بينها و بين «واو» يكون لام الفعل،وبينها و بين واو

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- البيت من قصيدة للشاعر زهير بن ربيعة، الملقّب بأبي سلمى، مطلعها:

عفا من آل فاطمة الجواءُ * فَيَمْنٌ فالقوادِمُ فالحِساءُ

(شرح ديوان زهير: ص 97، و ديوانه: ص7).
2- النساء:34.
3- ذكره الخليل في كتاب العين:8/145، و في هامشه نسب البيتان لـ «خالد بن زهير الهذلي» كما في لسان العرب أيضاً:1/442، و ذكره ابن جرير الطبري في جامع البيان: 12/83.


( 212 )
العطف في نحو: إن عبروا ضربتهم، بخلاف ما إذا لم تكن متطرفة ولذا كتبوا نحو: ضربوهم، بلا ألف إذا كان هم مفعولاً، وبالألف إذا كان تأكيداً.

وأمّا واو الجمع اللاحقة للأسماء نحو: شاربو الماء، فالأكثرون لا يكتبون بعدها «ألفاً»لقلّة استعمالها بالنسبة إلى المتّصلة بالفعل، فلم يبال بالالتباس بها.

ومنهم من لا يكتب الألف في اسم ولا فعل.

«أحمد» من أعلام النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ التي نصّ عليها في القرآن المجيد(1)، وهو منقول من «أفعل» الذي هو اسم تفضيل من الفعل المجهول، أي أكثر محموديّة لكثرة خصاله الحميدة، أو المعلوم أي أكثر حمداً للّه سبحانه، أو بمعنى اكسب للحمد، لكثرة خصاله المحمودة كما يقال في قولهم: العود أحمد(2)، أنّه بمعنى اكسب للحمد.

و«الألف» التي بعده لإشباع الفتحة.

«الباء» إمّا للتعدية، أو المصاحبة، أو السببية.

«الخطبة» ـ بالضم وبالكسر ـ من الخطب والمخاطبة والتخاطب بمعنى المراجعة في الكلام، إلاّأنّ المضمومة اختصّت بالكلام المتضمّن وعظاً وإبلاغاً، والمكسورة بما تضمّن طلب نكاح امرأة وأصلها الحالة التي عليها الخاطب حين يخطب، كالحلة والعقدة. ويقال من المضمومة: خاطب وخطيب، ومن المكسورة: خاطب لا غير، وقد اتّسع فيهما فاستعملت المضمومة في كلّ كلام كما ورد في الخبر:

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- في الآية الشريفة، من سورة الصف:6 (وَ إذْ قالَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إسرائِيلَ إنّي رسُولُ اللّهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُول يَأتي مِنْ بَعْدىِ اسْمُهُ أَحْمَد...).
2- في الدرّ المنثور للسيوطي: 5/15 في حديث... فأتاهم أبوبكر فقال: هل لكم في العود، فإنّ العود أحمد. و ذكره الشوكاني في: فتح القدير: 4/216.


( 213 )
أنّ أعرابياً جاء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فقال: يا رسولاللّه علّمني عملاً يدخلني الجنّة، قالصلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم:لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة(1).

والأكثر استعمالها في الكلام الطويل، لأنّ الخطب في الأغلب طوال واستعملت المكسورة في طلب كلّ شيء، يقال: فلان يخطب عمل كذا أي يطلبه.

«ليس» عند الجمهور: فعل ناقص أصله «لَيِسَ» كَهَيِبَ فَخفّف، كما قيل: علم في علم، وصيّد في صيّد، ولا يجوز أن يكون مضموم الياء في الأصل، فإنّ الأجوف اليائي لم يجئ مضموم العين; ولا أن يكون مفتوحها لأنّ الفتحة لا تسكن فلا يقال في ضرب ضرب، وإنّما لم يقلب ياؤه ألفاً مع تحرّكها وانفتاح ما قبلها للدلالة على مفارقته لأخواته، لعدم تصرفه.

وعن أبي علي في أحد قوليه: إنّه حرف(2)، بدليل أنّه لو كان فعلاً لكانت الياء منه متحرّكة في الأصل، ولو كانت كذلك لعادت إلى حركتها عند اتّصال الضمير به كما يقال: صيدت. أو حذفت مع كسر الفاء كـ «هبت»، قال: وأمّا اتصال الضمير به فلتشبّهه بالفعل لكونه على ثلاثة أحرف، وكونه بمعنى «ما كان»، و كونه رافعاً ناصباً.

والجمهور استدلّوا على فعليّته باتّصال الضمائر، وأجابوا عن دليل أبي علي بأنّ ذلك لمفارقته أخواته في عدم التصرّف.

وعن الكوفيين والبغداديّين أنّه قد يكون حرف عطف يقال: ضربت عبد اللّه ليس زيداً، وقال عبد اللّه ليس زيد، و مررتُ بعبد اللّه ليس بزيد، ولا يجوّزون نحو: إنّ زيداً ليس عمراً قائم، لأنّهم يقدّرون العامل بعد المعطوف فيصير التقدير:

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسير القرطبي: 8/183، الطبرسي: تفسير مجمع البيان: 10/365.
2- شرح ابن عقيل:1/262، و «أبو علي» هو «الفارسي».


( 214 )
إنّ زيداً ليس عمراً ان قائم، وأن لا يعمل فيما قبلها. وأجازوا، نحو: ظننت زيداً ليس عمراً قائماً، فإنّ «ظنّ» يعمل فيما قبله.

وأمّا غيرهم فإن وقع مثل هذه الأمثلة قدّروا لـ«ليس» اسماً أو خبراً. وأوّل بعضهم كلام الكوفيين بمثل ذلك وجعل قولهم: إنّه حرف، بمعنى أنّه جرى مجرى الحرف.

ومن المعربين من ذهب إلى أنّه في باب الاستثناء حرف بمعنى «إلاّ».

ثمّ إنّ معنى «ليس» عند سيبويه النفي مطلقاً، تقول في الماضي: ليس خلق اللّه مثله، وقال عزّ قائلاً: (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(1) في المستقبل ومنهم من جوّز المستقبل فقط.

وعند الجمهور أنّه للنفي في الحال. وذهب أبو علي إلى أنّه إن لم يقيّد بزمان فهو لنفي الحال وإلاّ فيجب القيد، واختاره أبوحيان ونجم الأئمة رضي اللّه عنه.

وادّعى الأندلسي أنّه لا نزاع بين القبيلين فإنّ الأوّلين إنّما يعممونه بحسب القيود والآخرين يخصّصونه بالحال إذا لم يكن قيد، فهم متّفقون على أنّه مع عدم القيد يحمل على الحال ومع القيد يكون بحسبه.

«اللام» للاستحقاق.

«الموضع» ـ بكسر الضاد ـ : اسم مكان أو زمان من وضعه يضعه بفتح الضاد فيهما، وضعاً وموضعاً بكسر الضّاد وموضوعاً أي حطه، وقد يفتح ضاد الموضع: اسم مكان وزمان ومصدر، أو الأكثر على كسر مفعل مصدراً، أو اسم مكان أو زمان من المثال الواوي.

وإن كان مضارعه على يفعل بالفتح قال سيبويه: إنّما قال الأكثرون

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- هود:8.


( 215 )
«موجل» بالكسر، لأنّهم ربّما غيّروه في توجل و يوجل فقالوا :ييجل ويأجل، فلمّا أعلوه بالقلب شبّهوه بواو «يوعد» المعلّ بالحذف، فكما قالوا هناك: موعد ـبالكسرـ، قالوا هيهنا : موجل(1).

والمراد به هنا إمّا الزّمان أو المكان حقيقة أو الأمر الداعي إلى المتكلّم فإنّ الأمر الدّاعي قد يشبه عند أهل المعاني بالزمان فيسمّى الحال، وقد يشبّه بالمكان فيسمّى بالمقام.

الأعراب:

المراد بالتعجّب من القوم التعجب من حالهم وصنيعهم إمّا تقديراً أو عناية من مجرّد لفظ القوم، أو من وصفهم بما بعدهم على أن يكون المقصود بالإثبات هو القيد، كما يكون المقصود بالنفي في الأكثر القيد فكأنّه قال: عجبت من قوم كذا، من حيث إنّهم كذا ما بعد قوم، من قوله «أتوا» إلى ما سيأتي من قوله تبّاً لما كان به أزمعوا; صفة لهم.

و«الباء» في «بخطبة» إن كانت للتعدية فمدخولها مفعول «أتوا».

وإن كانت للسببيّة كانت متعلّقة به.

وإن كانت للمصاحبة كان الظرف مستقراً حالاً مع عامله المقدّر عن فاعله، وما بعد خطبة صفة لها.

والبيت مستأنف إمّا خبر، أو إنشاء للتعجّب.

المعنى : حصل لي العجب، أي الكيفيّة المخصوصة أو الانفعال المخصوص من صنيع، أو حال قوم جاءوا إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بكلام أو بطلب ليس له

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- شرح شافية ابن الحاجب لرضي الدين الاسترابادي:1/170. دارالكتب العلمية، بيروت 1395هـ.


( 216 )
موضع، أوجاءُوه بسبب كلام أو طلب، أو مصحوبين بكلام أو طلب، أو عجبت من قوم فعلوا كذا من جهة أنّهم فعلوا كذا لكون هذا الصنيع منهم أمراً نادراً خفي السّبب، أو أنكرتُ منهم هذا الصّنيع، أو عظم عندي لغرابته جدّاً وإنّما لم يكن له موضع لأنّه كان معلوماً من حال النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و من الآيات النازلة في شأنه و من الأقاويل النبويّة في حقّه: أنّه الخليفة بعده، وإن كان المراد بالموضع الداعي فالمراد نفي الداعي: الحق، فإنّ الداعي إلى هذا السؤال إنّما كان رجاء أن ينصّ على أحد منهم أو يفوّض الأمر إليهم .

المعاني:

فيه مسائل:

الأُولى: الإتيان بالجملة الفعلية للإيجاز و للدلالة على التجدّد، ولكونها أقرب إلى الإنشاء من الاسمية، وذلك لتقاربهما من جهة أنّ مضمونها متجدّد حادث بعد أن لم يكن، كما في مضمون الإنشاء، وللتصريح بالزمان المقصود مع الاختصار.

الثانية: تنكير قوم لتحقيرهم بإيهام أنّهم لحقارتهم لا يعرفون ولا يعهدون، وللدلالة على نكارتهم، لنكارة صنيعهم كأنّهم لمّا صنعوا ما نُكر و لا يعرف، فكأنّهم ينكرون ولا يعرفون، وليتعيّن وصفهم بالنكرة، إذ لو عرفهم، لوصفهم بالموصول وصلته; والأصل في الصلة أن تكون معلومة للمخاطب; والأصل في الصفة أن تكون مجهولة له، ولذا قيل: إنّ الأوصاف بعد العلم بها صلات، والصلات قبل العلم بها صفات، فأراد أن يدلّ على أنّ هذا الفعل الشنيع الغريب العجيب ليس ممّا يعرفه المخاطب فإنّه من الغرابة بحيث ينكره العقلاء، فنكر القوم ليقع صفته نكرة فيفيد هذه الفائدة.


( 217 )
الثالثة: في الإتيان بلفظ «أتوا» الدالّ على المجيئ بسهولة، دلالة على أنّهم إنّما طلبوا النصّ على الخليفة بأنفسهم من غير إجبار ولا إكراه، وعلى أنّهم كانوا يتمكّنون من استفسار المطالب الدينية بسهولة، وأنّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لم يكن يمنعهم عن ذلك بوجه فيكون أدخل في ذمهم، فإنّهم إمّا أن استفسروا واستعلموا الوصي واستيقنوه ثمّ أنكروه، أو لم يبالغوا في استعلامه.

وعلى كلّ تقدير فهم المفرطون الغاصبون.

الرابعة: التصريح باسم النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ للتبرّك والاستلذاذ. والتصريح باسم المختصّ به لئلاّ يبقى اشتباه وتردد فإنّه مقام التسجيل عليهم بعصيانهم الرسولصلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم، ولتعظيم عصيانهم فإنّهم عصوا مثل أحمد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كما يقال: أمير المؤمنين يأمرك بكذا، وللكناية باسمه الشريف على أنّه أحمد الخلائق خصالاً وفعالاً، فلم يكن من شأنه أن يبهم عليهم أمر الخليفة، أو ينصّ عليه لهم بما يبقى لهم فيه شكّ وارتياب، أو ينصّ على من لم يؤمن بالنص عليه من اللّه سبحانه ويتبع في ذلك هواه، أو تكلم به على لسانهم تنبيهاً على أنّهم لم يكونوا مؤمنين بنبوّته ليدعوه بالنبي أو الرسول و إن دعوه بهما لم يكن ذلك على وفق اعتقادهم بل اللائق بحالهم أن يدعوه باسمه.

الخامسة: إنّما عبّر عن مقالهم بالخطبة. أمّا إن كانت بضم الخاء فللدلالة على أنّهم طوّلوا الكلام وبالغوا في ذلك، أو أنّهم قالوا ذلك في صورة الوعظ، وفيه دلالة على سوء أدبهم مع نبيّ اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، وإن كانت بكسر الخاء فلدّلالة على غاية رغبتهم في التنصيص كرغبة الخاطب فيمن يخطبها لنفسه.

السّادسة: تقديم الظرف، أعني: خبر ليس على اسمه للقافية، وتقريب الضمير من مرجعه وزيادة تخصيص الاسم.


( 218 )

البيان:

في التعبير عن مقالتهم بالخطبة، استعارة مصرّحة، ثمّّ إن كانت الباء للتعدية أو المصاحبة كانت فيه استعارة أُخرى مكينة، فإنّه شبّه مقالهم بجسم ينتقل ويحوّل ويؤتى به أو بشيء يستصحب. أو يكون إيقاع الإتيان عليها مجازياً تنزيلاً للدّاعي إلى الإتيان منزلة مفعوله وإقامته لملابسة الداعي به مقام ملابسة المفعول به. أو يكون أتوا استعارة تبعيّة تشبيهاً لإلقاء هذا الكلام بالإتيان به. أو تكون «الباء» استعارة تبعيّة تنزيلاً لملابسة غاية الفعل والداعي إليه ، منزلة ملابسة ما يصحب الفاعل وتشبيهاً لها بها.

وإن أراد بالموضع الأمر الداعي إلى الكلام كان فيه أيضاً استعارة مصرّحة تشبيهاً للملابسة التي بين الداعي والكلام بالملابسة التي بين الظرف و مظروفه في الملازمة بينهما عند البلغاء ومساواة كلّ منهما للآخر، بحيث لا تفصل عنه عندهم، فإنّ البليغ من الكلام ما كان على وفق مقتضى المقام من غير زيادة ولا نقصان ثمّ بيّن خطبتهم، فقال:
 

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net