متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
فصل في ذكر ما يتعلّق بالقصيدة
الكتاب : اللآلي العبقرية في شرح العينيّة الحميرية    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
روى الشيخ أبو عمرو الكشي في كتاب «الرجال» قال:

حدّثني نصر بن الصباح، قال: حدثنا إسحاق بن محمد البصري، قال: حدّثني علي بن إسماعيل، قال: أخبرني فضيل الرسّان(1)، قال: دخلت على أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ بعد ما قتل زيد بن علي رحمة اللّه عليه فأُدخلت بيتاً جوف بيت، فقال لي: يا فضيل قتل عمّي زيد؟

قلت: نعم جعلت فداك.

قال: رحمه اللّه أما إنّه كان مؤمناً، وكان عارفاً، وكان عالماً، وكان صادقاً، أما إنّه لو ظفر لوفى، أما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعها.

قلت: يا سيّدي ألا أنشدك شعراً؟

قال: أمهل، ثم أمر بستور فسدلت وبأبواب ففتحت، ثمّ قال: أنشد،

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- هو الفضيل بن الزبير الرسان: من أصحاب الباقر ـ عليه السَّلام ـ كما في رجال الشيخ (برقم2) ومن أصحاب الصادق ـ عليه السَّلام ـ أيضاً (برقم22)


( 82 )
فأنشدته:

لأُمِّ عَمرو باللِّوى مَرْبَعُ * طامِسَةٌ أَعْلامُهُ بَلقَعُ

لَمّا وقفت(1) العيسُ في رَسْمِهِ * والعينُ مِنْ عِرفانِهِ تَدمَعُ

ذَكرت مَنْ قد كُنتُ ألْهُو(2) بهِ * فَبِتُّ والقلبُ شَج مُوجَعُ

عجبتُ مِنْ قَوم أَتَوا أحمداً * بِخطبة ليس لَها مدفَعُ

قالوا لَهُ لو شِئتَ أَخْبَرتَنا * إلى مَن الغايةُ والمفزعُ

(إذاتُوفِّيت وفارقتنا)(3) * ومنهم في المُلكِ مَن يَطمَعُ

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- كذا في الأصل والمصدر وتنقيح المقال للمامقاني، وفي إحدى نسخ التنقيح«وقفن» . انظر رجال المامقاني:1/143.
2- «أهوى»: المصدر وتنقيح المقال.
3- ما بين القوسين من المصدر.


( 83 )
(و)(1) قــالَ لَو أخبرتُكُمْ مَفْزَعــاً * ماذا عَسيتم فيهِ أن تَصنَعُوا

صَنيعُ أهلِ العِجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أوْدَعُ

فالناسُ يومَ البعث راياتُهُم * خَمسٌ فمنهاهالكٌ أربعُ

قائدها العِجل وفِرعَونُها * وسامِريُّ الأُمّة المفظعُ

ومُخدعٌ من دينهِ مارِقٌ * أخدع عبد لُكَعٌ أوْكَعُ(2)

ورايةٌ قائدُها،وجهُهُ * كأنّه الشمسُ إذا تَطلَعُ(3)

قال:فسمعت نحيباً من وراء الستر وقال: من قال هذا الشعر؟

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- ما بين القوسين من المصدر.
2- الأوكع: اللئيم.
3- هذه الأبيات ليست هي المختارة بالتحديد للشارح في هذا الكتاب، وفيهاأيضاً بعض الاختلاف مع المشروح.


( 84 )
قلت: السيد ابن محمد الحميري.

فقال: رحمه اللّه.

قلت: إنّي رأيته يشرب النبيذ!

فقال: رحمه اللّه. قلت: إنّي رأيته يشرب النبيذ الرستاق!

قال: تعني الخمر؟ قلت: نعم.

قال:رحمه اللّه، وما ذلك على اللّه أن يغفر لمحبّ عليّ.(1)

وفي «الأغاني»: قال عباد بن صُهَيب(2):

كنت عند جعفر بن محمد، فأتاه نعي السيد، فدعا له وترحَّم عليه، فقال له رجل: يابن رسول اللّه (تدعو له)(3) وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرجعة! فقال: حدَّثني أبي عن جدّي أنّ مُحِبِّي آل محمد لا يموتون إلاّتائبين وقد تاب، ورفع مُصَلّى كانت تحته، فأخرج كتاباً من السيد يُعرِّفه فيه أنّه قد تاب ويسأله الدعاء له.(4)

وروى بعض أصحابنا بسنده عن سهل بن ذبيان قال: دخلت على الإمام عليّ بن موسى الرضا ـ عليه السَّلام ـ في بعض الأيّام قبل أن يدخل عليه أحد من الناس فقال لي: مرحباً بك يا ابن ذبيان ، الساعة أراد رسولي أن يأتيك لتحضر عندنا فقلت: لماذا يا ابن رسول اللّه؟

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الكشي: الرجال: 2/569ـ 570.
2- عبّاد بن صهيب أبوبكر التميمي الكليني (الكليبي) اليربوعي: بصري، ثقة روى عن أبي عبد اللّه (الصادق ـ عليه السَّلام ـ ). (معجم رجال الحديث: 9/214 رقم 6136).
3- ما بين القوسين من المصدر.
4- أبو الفرج علي بن الحسين الاصبهاني: الأغاني: 7/277.


( 85 )
فقال: لمنام رأيته البارحة، وقد أزعجني وأرَّقني. فقلت: خيراً يكون إن شاء اللّه تعالى؟

فقال: يا ابن ذبيان، رأيت كأنّي نُصِب لي سُلَّم فيه مائة مرقاة، فصعدت إلى أعلاه.

فقلت: يا مولاي أُهنّئك بطول العمر، ربّما تعيش مائة سنة، لكلّ مرقاة سنة، فقال لي ـ عليه السَّلام ـ : ما شاء اللّه كان.

ثمّ قال: يا ابن ذبيان، فلمّا صعدت إلى أعلى السلّم رأيت كأنّي دخلت قبّة خضراء يُرى ظاهرها من باطنها، ورأيت جدِّي رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ جالساً فيها وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان يُشرق النور من وجههما،ورأيت امرأة بهيّة الخلقة، ورأيت بين يديه شخصاً بهيّ الخلقة جالساً عنده، ورأيت رجلاً واقفاً بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة :(لأُمِّ عَمرو بِاللِّوى مَربَعُ).

فلمّا رآني النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال لي: مرحباً بك يا ولدي يا عليّ بن موسى الرضا سلِّم على أبيك عليّ، فسلّمت عليه.

ثم قال لي: سلّم علي أُمِّك فاطمة الزهراء، فسلّمت عليها.

ثمّ قال لي: وسلّم على أبويك الحسن والحسين، فسلّمت عليهما.

ثمّ قال لي: وسلّم على شاعرنا و مادحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري، فسلمت عليه; وجلست فالتفت النبيُّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إلى السيد إسماعيل وقال: أعد إليّ ما كنّا فيه من إنشاد القصيدة، فأنشد يقول:

لأُمِّ عَمرو باللِّوى مَرْبَعُ * طامِسةٌ أعلامُــهُ بَلْقَـعُ

فبكى النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فلمّا بلغ إلى قوله: و وجهٌ كالشمسِ إذْتَطْلَع


( 86 )
بكى النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وفاطمة ـ عليها السَّلام ـ معه و من معه، ولمّا بلغ إلى قوله:

قالُوا لَه لو شِئتَ أعلمْتَنا * إلى مَن الغايــة والمفزَعُ

رفع النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يديه وقال: إلهي أنت الشاهد عليّ وعليهم أنّي أعلمتهم أنّ الغاية والمفزع عليّ بن أبي طالب(1)، وأشار بيده إليه، وهو جالس بين يديه صلوات اللّه عليه.

قال عليّ بن موسي الرضا عليمها السَّلام : فلمّا فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفت النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إليَّ وقال لي: يا علي بن موسى احفظ هذه القصيدة ومُر شيعتنا بحفظها، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على اللّه تعالى.

قال الرضا ـ عليه السَّلام ـ : ولم يزل يكرّرها عليّ حتّى حفظتها منه.(2)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1-
«إن كان دين محمد فيه الهدى * حقّـاً فحبّـك بابـه والمـدخــل»

البيت من حاشية المخطوطة، وفيه فوق «فحبّك»: «يا علي».
2- ذكر الحديث في البحار: 47/328 دون ذكر مصدر له، قائلاً:«أقول: وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنّه روى باسناده ـ ثمّ ذكر الحديث ـ» . وجاء في هامش البحار ما يلي:«نقل القاضي نور اللّه في مجالسه:2/508 عن رجال الكشي حديث سهل بن ذبيان وقصّة المنام ولم نقف عليه في المطبوع من رجال الكشّي، كما أنّ أبا علي في رجاله ص 59 والمامقاني في رجاله:1/143 نقلاً عن العيون لشيخنا الصدوق قصة المنام، وذكر شيخنا الأميني في الغدير2/223 خلو نسخ العيون المخطوطة والمطبوعة من ذلك. ونقل عن جماعة ذكر المنام في مؤلّفاتهم فراجع».


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net