5- هو أبوعمر الزاهد محمد بن عبد الواحد المطرّز الباوردي (261 ـ 345هـ) المعروف بـ «غلام ثعلب» (السيد بحر العلوم: الفوائد الرجاليّة: 3/8 ـ 9).
( 79 )مخالد هذه الأبيات فقال له أبو مخالد: يا هذا إنّ الشاعر لم يمدح صاحبك وإنّما هجاه في موضعين:
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
أحدهما: أنّ عليّاً مجبول على البرّوالتُّقى، ومن جُبل على أمرلم يُمدح عليه لأنّه لم يكسبه بسعيه.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وثانيهما :أنّه ادّعى أنّه أُيِّد في حروبه بالملائكة ولا فضيلة له حينئذفي الظفر لأنّ حيّة النميري لو أُيِّد بهؤلاء لقهر الأعداء.
(1)
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
ولا يخفى على كلّ كبير وصغير أنّ ما ذكره من الإيرادين من السّخافة بمكان، و أنّهما ممّا تستهجنه الأذهان وتمجّه الآذان.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
أمّا الأوّل فمن وجوه:
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
الأوّل: إنّ من المعلوم عند أُولي الفهوم أنّ أمثال هذه العبارات شائعة في المبالغة على المواظبة على الأمر حتى كأنّه مجبول عليه، كما قال تعالى:
(خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَل)(2) وقد اشتهر أنّ العادة كالطّبيعة الثابتة(3) ، فالمجبوليّة هنا ليست على حقيقتها كما فهمه هذا المورد الأحمق، بل إنّما هي نهاية في المبالغة في الوصف بالمواظبة والاعتياد.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
والثاني: إنّ من المشهور المسطور أنّ المدح لا يجب أن يكون على ما يكون بالسعي والاختيار، إنّما ذلك الحمد على ما هو المشهور، فأيّ وجه لما قاله من أنّهعليه السَّلام إذا كان مجبولاً عليهما لم يستحقّ المدح عليهما؟!
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
والثالث: إنّ غاية ما ألزمه هذا الأحمق أن لا يكون الوصف بذلك ممّا يسمى مدحاً، وهو إنّما نصر السيّد لو صرّح بكونه مدحاً أو أشار إليه وليس وإن قال إنّه
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- لم يتوفرالمصدر بأيدينا.
2- الأنبياء:37.
3- في الأصل: «الثانية» وهو تصحيف.
( 80 )لا يمكن الوصف بأمثاله، لم يستحق الجواب
(1).
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
وأمّا الثاني فمن وجهين:
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
الأوّل: إنّ السيّد سلام اللّه عليه لم يتعرّض لتأييد الملائكة له
ـ عليه السَّلام ـ لا تصريحاً ولا تلويحاً وإنّما أفاد أنّهم سلّموا عليه إجلالاً له وتبجيلاً.
![](http://www.imamsadeq.org/book/sub8/al-homeyria/blank.gif)
والثاني: أنّا لو سلّمنا أنّه تعرّض لذلك فمنع، انّه لا فضيلة له في ذلك، بمنزلة منع أن يكون تأييد الملائكة والنّصر بالرعب وغير ذلك من جنود اللّه، من فضائل رسول اللّه
ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، مع أنّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ افتخر بذلك في غير موطن، نعم لوكان في مقام مدحه ـ عليه السَّلام ـ بأنّه هزم الكفار وظفر عليهم لكان للإيراد توجيه، ولا شبهة في أنّه لا نصّ عليه ولا إشارة إليه في الشعر، مع أنّه على ذلك أيضاً ظاهر الاندفاع، فإنّ المدح بأنّه هزم الكفّار وظفر عليهم بتأييد الملائكة ممّا تقبله الطباع، بل هو أولى بالمدح من الظفر شدة بأسه وقوّة شجاعته(فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ ولكنْ تَعْمى القُلوبُ التي في الصُّدُورِ) (2) . ثمّ من العجب العجيب أنّ هذا المغفّل الجهول لم يقتصر على إبطال المدح بل ادّعى أنّه هجاه بهذين الوصفين!! أترى أحداً من المجانين يفوه بمثل هذا؟!
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- هنا عبارة غير مقروءة.
2- الحج:46.