متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
إقامة الائمة (عليهم السلام) المأتم على الحسين (عليه السلام) وحث أولياؤهم على ذلك
الكتاب : المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره    |    القسم : مكتبة عقائد الشيعة
[ إقامة الائمة ( عليهم السلام ) المأتم على الحسين ( عليه السلام ) وحث أولياؤهم على ذلك ]


1 ـ فراجع : ص 105 وما بعدها إلى ص 232 من الخصائص الحسينية ، وإن شئت فراجع : جلاء العيون ، أو البحار ، أو غيرهما « المؤلّف ».
    وراجع : أمالي الصدوق : المجلس 92 ، كامل الزيارات : 67 و 68 و 83 و 84 و 92 و 115 و 192 ، علل الشرائع 1 / 154 ، الكافي 1 / 283 و 534 ، مناقب آل أبي طالب 4 / 55 ، المحتضر : 146 و 147 ، بحار الانوار 45 / 220 ـ 229 الباب 41.


(50)

    وأما أئمّة العترة الطاهرة : الذين هم كسفينة نوح ، وباب حطة ، وأمان أهل الارض ، وأحد الثقلين اللذين لا يضلّ من تمسك بهما ولا يهتدي إلى الله من صدّ عنهما.
    فقد استمرت سيرتهم على الندب والعويل ، وأمروا أولياءهم باقامة مآتم الحزن ، جيلاً بعد جيل.
    فعن الصادق ( عليه السلام ) ـ فيما رواه ابن قولويه في الكامل وابن شهر آشوب في المناقب وغيرهما ـ : أنّ علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بكى على أبيه مدّة حياته ، وما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى ، ولا أتي بشراب إلاّ بكى ، حتى قال له أحد مواليه : جعلت فداك يا ابن رسول الله إنّي أخاف أن تكون من الهالكين ! قال ( عليه السلام ) : « إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون ».
    وروى ابن قولويه وابن شهر آشوب أيضاً وغيرهما : أنه لما كثر بكاؤه ، قال له مولاه : أما آن لحزنك أن ينقضي ؟ فقال : « ويحك ، إن يعقوب ( عليه السلام ) كان له اثنا عشر ولداً ، فغيّب الله واحداً منهم ، فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه واحدودب ظهره من الغم ، وابنه حيّ في الدنيا ، وأنا نظرت


(51)

إلى أبي وأخي وعمومتي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي ، فكيف ينقضي حزني ».
    وعن الباقر ( عليه السلام ) (1) قال : « كان أبي ـ علي بن الحسين صلوات الله عليه ـ يقول : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) دمعة حتى تسيل على خده بوّأه الله تعالى في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً ، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لاذى مسّنا من عدوّنا في الدنيا بوّأه الله في الجنة مبوّأ صدق ، وأيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار » (2).
    وقال الرضا (3) ـ وهو الثامن من أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم ـ « إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية


1 ـ فيما أخرجه جماعة ، منهم ابن قولويه في كامله « المؤلف ».
2 ـ كامل الزيارات : 100.
    وراجع : تفسير القمي : 616 ، ثواب الاعمال : 47 ، بحار الانوار 44 / 281.
3 ـ فيما أخرجه الصدوق في أماليه وغير واحد من أصحابنا « المؤلّف ».


(52)

يحرّمون فيه القتال ، فاستُحلّت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت فيه النار في مضاربنا ، وانتهب مافيها من ثقلنا (1) ، ولم ترع لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حرمة في أمرنا.
    إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذلّ عزيزنا ....
    فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فانّ البكاء عليه يحط الذنوب العظام ».
    ثم قال ( عليه السلام ) : « كان أبي إذا دخل شهر المحرم ، لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيام ، فاذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه » (2).
    وقال ( عليه السلام ) (3) : « من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا


1 ـ الثقل : وزان سبب متاع المسافر ، وكلّ شيء نفيس مصون « المؤلّف ».
2 ـ أمالي الصدوق : المجلس 27 الرقم 2.
    وراجع : بحار الانوار 44 / 283.
3 ـ فيما أخرجه الصدوق في أماليه « المؤلّف ».


(53)

كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب » (1).
    وعن الريان بن شبيب ـ فيما أخرجه الشيخ الصدوق في العيون ـ قال : دخلت على الرضا ( عليه السلام ) في أول يوم من المحرم ، فقال لي : « يا ابن شبيب ، إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله ....
    يا ابن شبيب ، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين ( عليه السلام ) ، فانه ذبح كما يذبح الكبش (2) ، وقتل معه من أهل بيته


1 ـ أمالي الصدوق : المجلس 17 الرقم 4.
    وراجع : عيون أخبار الرضا 1 / 294 ، بحار الانوار 44 / 278.
2 ـ إنّ التعبير ـ كهذا ـ مما يدلك على غاية همجية القوم وشقائهم وبُعدهم عن العطف الانساني ، بالاضافة على قتلهم ريحانة الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهتكهم حرمته في سبطه روحي فداه.
    وقد أجمل الامام عليه أفضل الصلاة والسلام لمّا أدى عن الفاجعة واهميتها بهذا الكلام القصير ، وأشار به إلى معنى جسيم يدركه الباحث المتعمق بعد التحليل والاختبار ، ويندهش المجموع البشري لمثل هذه الرزية عندما علم أنه لم يوجد بين تلك الجموع المحتشدة في كربلاء من يردعهم عن موقفهم البغيض ، ولا أقل من تسائل بعضهم : لماذا نقاتل الحسين ؟ وبأي عمل استحق ذلك منا ؟ أو هل كان دم الحسين ( عليه السلام ) مباحاً إلى حدّ إباحة دم الكبش ؟ ويذبح ـ بأبي هو وأمي ـ بلا ملامة لاثم ومن دون خشية محاسب !! « المؤلّف ».


(54)

ثمانية عشر رجلاً مالهم في الارض من شبيه ، ولقد بكت السموات السبع لقتله ... ».
    إلى أن قال : « يا ابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ... » (1).
    وقال ( عليه السلام ) ـ فيما أخرجه الصدوق في أماليه ـ : « من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج


1 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 299.
    وراجع : أمالي الصدوق : المجلس 27 ، بحار الانوار 44 / 285.


(55)

الدنيا والاخرة ، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عزّ وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرّت بنا في الجنان عينه ... » (1).
    وبكى صلوات الله عليه إذ أنشده دعبل بن علي الخزاعي قصيدته التائية السائرة التي أغمي عليه في أثنائها مرتين ، كما نصّ عليه الفاضل العباسي في ترجمة دعبل من معاهد التنصيص وغيره من أهل الاخبار.
    وفي البحار وغيره : أنه ( عليه السلام ) أمر قبل إنشادها بستر فضرب دون عقائله ، فجلسن خلفه يسمعن الرثاء ويبكين على جدّهن سيد الشهداء ، وأنه قال يومئذ : « يا دعبل ، من بكى أو أبكى على مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله ، يا دعبل ، من ذرفت عيناه على مصابنا حشره الله معنا ».
    وحدّث محمد بن سهل ـ كما في ترجمة الكميت من


1 ـ أمالي الصدوق : المجلس 27 الرقم 4.
    وراجع : بحار الانوار 44 / 284.


(56)

معاهد التنصيص ـ قال : دخلت مع الكميت على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) في أيام التشريق ، فقال له : جعلت فداك ألا أنشدك ؟ قال : « إنها أيام عظام » ، قال : إنها فيكم ، قال : « هات » ، وبعث أبو عبد الله إلى بعض أهله فقرب ، فأنشده ـ في رثاء الحسين ( عليه السلام ) ـ فكثر البكاء ، حتى أتى على هذا البيت :

يصيب به الرامون عن قوس غيرهم فيا آخراً أسدى له الغي أول

    قال : فرفع أبو عبد الله رحمه الله تعالى يديه فقال : « اللهم اغفر للكميت ماقدّم وما أخر وما أسرّ وما أعلن حتى يرضى » (1).


1 ـ بخ بخ ، هنيئاً لمن نال من أئمّة الهدى بعض ذلك ، وأنت تعلم أنه ( عليه السلام ) لم يبتهل بالدعاء للكميت هذا الابتهال إلاّ لما دلّ عليه بيته هذا من معرفته بحقيقة الحال.
    وقد أكثر الشعراء من نظم هذا المعنى ، فنظمه المهيار في قصيدته اللامية ، وقبل ذلك نظمه الشريف الرضي فقال :
    بنى لهم الماضون أساس هذه فعلوا على أساس تلك القواعد إلى آخر ما قال.
    وكأن سيدة نساء عصرها زينب ( عليها السلام ) أشارت إلى هذا المعنى بقولها مخاطبة ليزيد : وسيعلم من سوّل لك ، ومكّنك من رقاب المسلمين.
    بل أشار إليه معاوية إذ كتب إليه محمد بن أبي بكر يلومه في تمرده على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويذكر له فضله وسابقته ، فكتب له معاوية في الجواب ما يتضمن الاشارة إلى المعنى الذي نظمه الكميت ، فراجع ذلك الجواب : في كتاب صفين لنصر بن مزاحم ، أو شرح النهج الحديدي ، أو مروج الذهب للمسعودي.
    وقد اعترف بذلك المعنى يزيد بن معاوية : إذ كتب إليه ابن عمر يلومه على قتل الحسين ، فأجابه : أما بعد ، فانا أقبلنا على فرش ممهّدة ونمارق منضدة ... إلى آخر الكتاب ، وقد نقله البلاذري وغيره من أهل السير والاخبار.
    وفي كتابنا سبيل المؤمنين من هذا شيء كثير ، فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه « المؤلّف ».


(57)

    وفي كامل الزيارات بالاسناد إلى عبد الله بن غالب ، قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فأنشدته مرثية الحسين ( عليه السلام ) ، فلما انتهيت إلى قولي :


(58)

لبلية تسقو حسيناً بمسقاة الثرى غير التراب

    صاحت باكية من وراء الستر يا أبتاه (1).
    وروى الصدوق في الامالي وثواب الاعمال ، وابن قولويه ، بأسانيد معتبرة عن أبي عمارة قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : « يا أبا عمارة ، أنشدني في الحسين » ، فأنشدته فبكى ، ثم أنشدته فبكى ، قال : فو الله ما زلت أنشده وهو يبكي ، حتى سمعت البكاء من الدار ، قال : فقال لي : « يا أبا عمارة من أنشد في الحسين بن علي ( عليهما السلام ) فأبكى خمسين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين فأبكى ثلاثين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرة فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين فأبكى واحداً فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين فبكى فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين


1 ـ كامل الزيارات : 105.
    وراجع : بحار الانوار 44 / 286.


(59)

فتباكى فله الجنة » (1).
    وروى الصدوق في ثواب الاعمال بالاسناد إلى هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) فقال لي : « يا أبا هارون ، أنشدني في الحسين ( عليه السلام ) » ، فأنشدته ، فقال لي : « أنشدني كما تنشدون » يعني : بالرقة ، قال : فأنشدته :

امرر على جدث الحسين فقل لاعظمه الزكية

    قال : فبكى ، ثم قال : « زدني » ، فأنشدته القصيدة الاخرى ، قال : فبكى ، وسمعت البكاء من خلف الستر ، قال : فلما فرغت ، قال : « يا أبا هارون ، من أنشد في الحسين فبكى وأبكى عشرة كتبت لهم الجنة ... ».
    إلى أن قال : « ومن ذكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدمع مقدار جناح ذبابة ، كان ثوابه على الله عز وجل ،


1 ـ أمالي الصدوق : المجلس 29 الرقم 6 ، ثواب الاعمال : 47 ، كامل الزيارات : 105.
    وراجع : بحار الانوار 44 / 282.


(60)

ولم يرض له بدون الجنة » (1).
    وروى الكشي بسند معتبر عن زيد الشحام قال : كنّا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فدخل عليه جعفر بن عثمان ، فقربه وأدناه ، ثم قال : « يا جعفر » ، قال : لبيك جعلني الله فداك ، قال : « بلغني أنك تقول الشعر في الحسين ( عليه السلام ) وتجيد » ، فقال له : نعم جعلني الله فداك ، قال : « قل » ، فأنشدته ، فبكى ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته ، ثم قال : « يا جعفر ، والله لقد شهدت الملائكة المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين ( عليه السلام ) ، ولقد بكوا كما بكينا وأكثر ... ».
    إلى أن قال : « مامن أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إلاّ أوجب الله له الجنة ، وغفر له » (2).
    وروى ابن قولويه في الكامل بسند معتبر حديثاً عن الصادق ( عليه السلام ) جاء فيه : « وكان جدي علي بن الحسين ( عليهما السلام )


1 ـ ثواب الاعمال : 47.
    وراجع : كامل الزيارات : 100 و 104 ، بحار الانوار 44 / 288.
2 ـ رجال الكشي : 187.


(61)

إذا ذكره ـ يعني الحسين ( عليه السلام ) ـ بكى حتى تملا عيناه لحيته ، وحتى يبكي لبكائه ـ رحمة له ـ من رآه ، وأنّ الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء ، وما من باك يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمة وأسعدها ، ووصل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأدّى حقنا ... ».
    وفي قرب الاسناد عن بكر بن محمد الازدي قال : قال أبو عبد الله ـ الصادق ـ ( عليه السلام ) لفضيل بن يسار : « أتجلسون وتحدّثون ؟ » قال : نعم جعلت فداك ، قال ( عليه السلام ) : « إنّ تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل : من ذَكَرَنا أو ذُكِرْنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ».
    وفي خصال الصدوق ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الارض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، أُولئك منا وإلينا ».
    وفي كامل الزيارات بالاسناد إلى أبي عمارة المنشد قال : ماذكر الحسين ( عليه السلام ) عند أبي عبد الله ـ الصادق ـ ( عليه السلام )


(62)

في يوم قط فرؤي متبسماً في ذلك اليوم إلى الليل ، قال : وكان أبو عبد الله ( عليه السلام ) يقول : « الحسين عبرة كل مؤمن » (1).
    وفيه بالاسناد إلى الصادق ( عليه السلام ) قال : « قال الحسين ( عليه السلام ) : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر » (2).
    إلى غير ذلك من صحاح الاخبار المتواترة عن أئمة الابرار (3).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net