متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المطلب الرابع : في الجلوس حزناً على الموتى من أهل الحفائظ والايادي المشكورة
الكتاب : المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره    |    القسم : مكتبة عقائد الشيعة
المطلب الرابع
في الجلوس حزناً على الموتى من أهل الحفائظ والايادي المشكورة

    وحسبك في رجحان ذلك : ما تواتر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الحزن الشديد على عمّه أبي طالب وزوجته الصديقة الكبرى أم المؤمنين ( عليهما السلام ) ، وقد ماتا في عام واحد ، فسمّي عام الحزن ، وهذا معلوم بالضرورة من أخبار الماضين.
    وأخرج البخاري ـ في باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن من الجزء الاول من صحيحه ـ بالاسناد إلى عائشة ، قالت : لمّا جاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة ، جلس ـ أي في المسجد كما في رواية أبي داود ـ يعرف فيه الحزن.


(37)

    وأخرج البخاري ـ في الباب المذكور أيضاً ـ عن أنس ، قال : قنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شهراً حين قتل القرآء ، فما رأيته حزن حزناً قط أشدّ منه ... (1).
    والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى أو تستقصى.
    والقول : بأنه إنما يحسن ترتيب آثار الحزن إذا لم يتقادم العهد بالمصيبة.
    مدفوع : بأنّ من الفجائع ما لا تخبو زفرتها ولا تخمد لوعتها ، فقرب العهد بها وبعده عنها سواء.
    نعم يتمّ قول هؤلاء اللائمين إذا تلاشى الحزن بمرور الازمنة ، ولم يكن دليل ولا مصلحة يوجبان التعبد بترتيب آثاره.
    وما أحسن قول القائل في هذا المقام :

خلي أميمة عن ملا ما الراقد الوسنان مثـ مك ما المعزى كالثكول ـل معذب القلب العليل


1 ـ وأخرجه مسلم أيضاً في باب التشديد في النياحة من صحيحه « المؤلّف ».


(38)

سهران من الم وهـ ذوقي أميمة ما أذو

ـذا نائم الليل الطويل ق وبعده ماشئت قولي

    على أنّ في ترتيب آثار الحزن بما أصاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من تلك الفجائع ، وحلّ بساحته من هاتيك القوارع ، حكماً توجب التعبد بترتيب آثار الحزن بسببها على كلّ حال ، والادلة على ترتيب تلك الاثار في جميع الاعصار متوفرة ، وستسمع اليسير منها إن شاء الله تعالى.
    وقد علمت سيرة أهل المدينة الطيبة واستمرارها على ندب حمزة وبكائه مع بعد العهد بمصيبته ، فلم ينكر عليهم في ذلك أحد ، حتّى بلغني أنهم لا يزالوا إلى الان إذا ناحوا على ميت بدوا بالنياحة عليه ، وما ذاك إلاّ مواساة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمصيبته في عمه ، وأداءً لحق تلك الكلمة التي قالها في البعث على البكاء عليه ، وهي قوله : « لكن حمزة لا بواكي له ».
    وكان الاولى لهم ولسائر المسلمين مواساته في الحزن على أهل بيته ، والاقتداء به في البكاء عليهم ، وقد لام بعض أهل البيت ( عليهم السلام ) مَن لم يواسهم في ذلك فقال : « يا لله


(39)

لقلب لا ينصدع لتذكار تلك الاُمور ، ويا عجباً من غفلة أهل الدهور ، وما عذر أهل الاسلام والايمان في إضاعة أقسام الاحزان ، ألم يعلموا أن محمداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) موتور وجيع وحبيبه مقهور صريع » ؟ ، قال : « وقد أصبح لحمه ( صلى الله عليه وآله ) مجرداً على الرمال ، ودمه الشريف مسفوكاً بسيوف أهل الضلال ، فيا ليت لفاطمة وأبيها ، عيناً تنظر إلى بناتها وبنيها ، وهم ما بين مسلوب وجريح ، ومسحوب وذبيح ... » إلى آخر كلامه.
    ومن وقف على كلام أئمّة أهل البيت في هذا الشأن ، لا يتوقف في ترتيب آثار الحزن عليهم مدى الدوران ، لكنّا منينا بقوم لا ينصفون ، فانّا لله وإنا إليه راجعون.


(40)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net