وفاته ( رضي الله عنه )
نيف وثلاثون سنة ، قضاها أبو معبد فارساً في ميادين الجهاد ، ابتداءً بغزوة بدر ، وانتهاءً بفتح مصر ! وقد كانت هذه السنين هي سني التأسيس ، لذلك كانت صعبةً ومرّةً قاسيةً كابد فيها المسلمون المصاعب والمتاعب ، فكان نصيب أبي معبد منها الحظ الأوفر والكأس الأوفى حيث لم تخلو منه ساحة جهاد على ما نعهد ، فقد ورد في ذلك أنه « شهد المشاهد كلها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعده إلى أن أدركته الوفاة . . » (1) وكانت وفاته في سنة 33 للهجرة أو أقل ـ على اختلاف الروايات ـ بعد أن شهد فتح مصر ، وقد بلغ من العمر سبعين سنة (2) فقد كانت له أرض في مكان قريب من المدينة يقال له : الجرف * وكان يتعاهدها زراعةً وسقياً يقضي فيها أوقات فراغه مالم يؤذن بجهاد ! وفي ذات يوم تناول جرعةً من زيت « الخروع » فأضرت به ، فمات منها (3) . فنقل على أعناق الرجال حيث دفن بالبقيع (4) وكان قد أوصى ____________ 1 ـ راجع الإصابة 3 / 454 وتهذيب الأسماء 2 / 112 والغدير 9 / 116 . 2 ـ نفس المصدر . * ـ الجرف : كل ما جرفته السيول من الأرض يقال له جرف . 3 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 163 وقيل : غير ذلك . 4 ـ الإصابة وغيرها .
(181)
إلى عمار بن ياسر ، فصلى عليه ولم يؤذن عثمان به ، فلما بلغ عثمان موته ، جاء حتى أتى قبره ، فقال : رحمك الله ، إن كنتَ وإن كنتَ يثني عليه خيراً ! فقال الزبير بن العوام :
لالـفينـك بعـد المـوت تنـدبنـي * وفـي حيـاتـي مـ زودتنـي زادي (1)
معرضاً بالعداء الذي كان بينه وبين المقداد ، فقال عثمان : يا زبير ؛ تقول هذا ؟ ! أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو عليّ ساخط !! (2) وكان عمار قد صلى على ابن مسعود من قبل ولم يؤذن به عثمان ، فساءه ذلك واشتد غضبه على عمار ، وقال : « ويلي على ابن السوداء ! أما لقد كنت به عليما » (3) . ____________ 1 ـ الطبقات 3 / 163 واليعقوبي 2 / 171 . 2 ـ سفينة البحار مادة : قدد . 3 ـ اليعقوبي 2 / 171 .
(182)
|