زوجـتـه وأولاده
* موقف الإسلام من الزواج . * قصة : جويبر ، وجُلبيب ، وتزويجهما . * تزويج المقـداد . * بين الأشعث بن قيس والإمام علي عليه السلام .
(124)
(125)
موقف الإسلام من الزواج
كانت مشكلة الشعور بالتفوق العرقي لدى العرب تحول دون شد الأواصر فيما بينهم فضلاً عن تثبيتها بينهم وبين القوميات الأخرى ، فكان العربي الذي ينتمي الى قبيلةٍ ما ، يأنف من تزويج كريمته إلى عربي آخر من جنسه ينتمي إلى قبيلةٍ أخرى يراها دونه في الحسب والنسب والمحتد ، فضلاً عن أن يزوجها إلى رجل حليف ، أو غير عربي ، فإنه يرى في ذلك مجلبةً للمهانة عليه ، بل ومدعاة للصغار والذلة بين القبائل الآخرى . فكانوا يطلقون على سلالة العربي إذا تزوج من غير العرب : الهجناء ! ولم تكن هذه المشكلة الإنسانية قائمة لدى المجتمع العربي فقط ، بل عند الفرس أيضاً ، وما ذلك إلا إمعاناً في الغيّ . وتجريحاً في نقاء الإنسانية . فكانت العرب في الجاهلية لا تُورث الهجين ، كما كانت الفُرسُ تطرحه ولا تعده ، ولو وجدوا له أمّا أمةً على رأس ثلاثين أمّاً حرة ، ما أفلح عندهم ! (1) فالمأساة إذن كانت عامة وغير مختصة بالعرب .* ____________ 1 ـ راجع العقد الفريد 6 / 130 . * ـ كانت بنو أمية لا تستخلف بني الإماء . . وكانوا يتحرون أن يكون من تقلد الخلافة منهم من أم عربيةٍ ، وكان أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك من رجالهم المعدودين ، إلا أن كونه ابن أمة حال بينه وبين الخلافة . وعرض مسلمة على عَمرَة بنت الحارس أن يتزوج منها ، فقالت : يا بن التي تعلم ! وانك لهناك ؟ تعني أن امه أمة . ( بلاغات =
(126)
وجاء الإسلام ، فكان لا بد له من كلمة فصل تخفف من مآسي الإنسانية في شتى المجالات ، فكان له في هذا الأمر دور كبير ابتدأه ____________ = النساء ـ 190 ) وسابق عبد الملك بين مسلمة وأخيه سليمان ، فسبق سليمان ، فقال عبد الملك . ألم أنهكم ان تـحمـلـوا هجنـاءكـم * على خيلكم يـوم الـرهـان فتـدركُ وما يستوي المرآن هـذا بـن حـرة * وهـذا بن أخرى ظهرهـا متشـركُ
فأجابه ابنه مسلمة بقول حاتم الطائي :
وما انـكحـونا طـائعيـن بنـاتهـم * ولكن خطبنـاها بـأسيـافنـا قسـرا فـما زادهـا فينا الـسبـاء مـذلـةً * ولا كُلـّفت خبزاً ولا طبخـت قـدراً ولكن خلـطنـاهـا بخيـر نسـاءنـا * فجاءت بهم بيضاً وجـوههـم زهـرا . .
الأبيات / العقد الفريد 6 / 130 . ولما تنقص هشام بن عبد الملك ، الإمام زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام ، لم يجد ما يعيره فيه إلا قوله : أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة ، وأنت ابن أمة ( مروج الذهب 2 / 162 ) ثم أختلف الحال في آخر أيام الأمويين ، فإن آخر من تقلد الخلافة منهم ابراهيم بن الوليد ، ومروان بن محمد ، كانا من أبناء الإماء ( خلاصة الذهب المسبوك 46 و 47 ) أما الخلفاء في الدولة العباسية ، وعددهم سبعة وثلاثون ، فلم يكن فيهم من هو عربي الأم الا ثلاثة ، الأول : ابو العباس السفاح ، أمه ريطة بنت عبد المدان الحارثي ( خلاصة الذهب 53 ) وكان يدعى ابن الحارثية ، وكانت عروبة امه السبب في تقدمه على أخيه المنصور الذي يكبره في السن فإن أم المنصور بربرية اسمها : سلامة ، ( خلاصة الذهب 59 ) والثاني : المهدي بن المنصور ، وأمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله الحميري ( خلاصة الذهب 90 ) والثالث : محمد الأمين بن هارون الرشيد ، أمه : زبيدة بنت جعفر بن المنصور ، قالوا : لم يلي الخلافة هاشمي من هاشميين الا ثلاثة : الإمام علي بن أبي طالب ، وابنه الحسن ، ومحمد الأمين ، ( خلاصة الذهب 171 ) أما بقية الخلفاء العباسيين فكلهم أبناء امهات أولاد . راجع الفرج بعد الشدة ج 1 / 245 تحقيق عبود الشالجي .
(127)
صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله بنفسه ليكون عبرةً للآخرين وسُنَّةً يقتدى بها المسلمون عبر العصور . وقد أوضح الإمام زين العابدين عليه السلام ذلك في كتاب بعثه إلى هشام بن عبد الملك حين لامه على زواجه من أمته ، كتب يقول : « ولنا برسول الله أسوة ، زوّج زينب بنت عمه زيداً مولاه ، وتزوج مولاته بنت حيي بن أخطب . » (1) وكتب إليه أيضاً : « إنه ليس فوق رسول الله صلى الله عليه وآله مرتقىً في مجدٍ ، ولا مستزادٌ في كرم . . » (2) ____________ 1 ـ الوسائل 14 ب 27 من أبواب النكاح ح 10 / ص 50 . 2 ـ الوسائل 14 ب 27 من أبواب النكاح ح 2 / 48 .
(128)
|