من مواقفه البطولية
* في سرية « نخلة » . ينقذ أسيراً فيسلم . * في غزوة بدر الكبرى * غزوة احد * غزوة الغابة * عزوة خيبر
(58)
(59)
في سرية « نخلة » * ينقذ أسيراً ، فيسلم !
بعد سبعة عشر شهراً من الهجرة ، أراد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يتتبع أخبار قريش ، ويتحسس تنقلاتها ، ويرصد تحركاتها في المنطقة ، فدعا عبد الله بن جحش ، وأمره أن يوافيه مع الصباح بكامل سلاحه . قال : فوافيت الصبح وعلي سيفي ، وقوسي ، وجعبتي ، ومعي درقتي ، فصلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصبح بالناس ، ثم انصرف فوجدني قد سبقته واقفاً عند باب داره ومعي نفر من قريش . فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبي بن كعب ، فدخل عليه ، فأمره أن يكتب كتاباً . ثم دعاني ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأعطاني صحيفةً من أديم خولاني فقال : قد استعملتك على هؤلاء النفر ، فامضي حتى إذا سرت ليلتين ، فانشر كتابي ، ثم امضي لما فيه . قلت : يا رسول الله ، أي ناحية أسير ؟ فقال : اسلك النجدّية ، تؤم رُكيّة ( بئر ) . فانطلق عبد الله ، حتى إذا صار ببئر ضمرة نشر الكتاب فإذا فيه : « سر حتى تأتي بطن نخلة على إسم الله وبركاته ، ولا تكرهنَّ أحداً من ____________ * ـ سميت باسم المكان ، وهو بطن نخلة : « قرية قريبة من المدينة » . هكذا قال ياقوت .
(60)
أصحابك على المسير معك ، وامضِ لأمري فيمن تبعك حتى تأتي « بطن نخلة » فترصَّد بها عِيرَ قريش » . فقرأ عبد الله الكتاب على أصحابه ، ثم قال : لست مستكرهاً منكم أحداً ، فمن كان يريد الشهادة ، فليمضِ لأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن أراد الرجعة ، فمن الآن . ! فقالوا جميعاً : نحن سامعون ومطيعون لله ولرسوله ولك ، فسر على بركة الله حيث شئت . فسار حتى جاء نخلة ، فوجد عيراً لقريش فيها عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، ونوفل بن عبد الله وهم من بني مخزوم . وكان ذلك اليوم مشتبها في أنه آخر يوم من رجب ، أو اول يوم من شعبان . ورجب من الأشهر الحرم ، فقال قائل : لا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم ، أم لا ؟ وقائل يقول : إن اخرتم عنهم هذا اليوم ، دخلو في الحرم ـ حرم مكة ـ وإن أصبتموهم ، ففي الشهر الحرام . هذا ، مع أن النبي صلوات الله عليه لم يأمرهم بالقتال ، وانما أمرهم بمراقبة تحركاتهم . وكان رأي واقد بن عبد الله ، وعكاشة بن محصن مقاتلتهم ، وأخيراً غلب رأيهم على رأي من سواهم ، فشجُعَ القوم ، فقاتلوهم . فخرج واقد بن عبد الله يقدم القوم ، قد أنبض قوسه وفوّق بسهمه ـ وكان لا يخطئ رميته ـ فرمى عمرو بن الحضرمي بسهم ، فقتله . وأسِرَ عثمان بن عبد الله ، وحكم بن كيسان ، وأفلت نوفل بن عبد الله .
(61)
واستاق المسلمون العِير ـ وكانت تحمل خمراً وزبيباً وجلوداً ـ إلى رسول الله فوقّفها ولم يأخذ منها شيئاً . وقال لهم : ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام أما الأسيران ، فحبسهما عنده ، لأن اثنين من المسلمين كانا قد ضلا وتأخرا عن أصحابهم ، فظن الناس أن قريشاً قد حبستهما أو قتلتهما . وأرسلت قريش إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في فداء أصحابهم ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لن نفديهما حتى يقدما صاحبانا . وكان المقداد رضي الله عنه هو الذي قد أسر الحكم بن كيسان ، وأنقذه من القتل ، وذلك كما يحدثنا هو فيقول : أراد أمير الجيش أن يضرب عنقه ، فقلت : دعه نقدم به على رسول الله . فقدمنا به على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعوه إلى الإسلام ، فأطال رسول الله كلامه . فقال عمر بن الخطاب : تكلم هذا يا رسول الله ؟ والله لا يسلم هذا آخر الأبد ! دعني اضرب عنقه ، ويقدم الى أمه الهاوية . ! فجعل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يقبل على عمر . قال الحكم : وما الإسلام ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تعبد الله وحده لا شريك له ، وتشهد أن محمداً عبد ورسوله . قال : قد أسلمت . فالتفت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أصحابه ، فقال : لو أطعتكم فيه آنفاً فقتلته . دخل النار . قال عمر : فما هو إلا أن رأيته قد أسلم ، وأخذني ما تقدم وتأخر وقلت :
(62)
كيف أرد على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمراً هو أعلم به مني ، ثم أقول : إنما أردت بذلك النصيحة لله ولرسوله . قال عمر : فأسلم والله ، فحُسن إسلامه ، وجاهد في الله حتى قتل شهيداً يوم بئر معونة ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) راضٍ عنه . (1) ____________ 1 ـ المغازي : 15 .
(63)
|