إسـلامـه
الذي يظهر من مجمل النصوص أن المقداد كان من المبادرين الأُول لاعتناق الإسلام ، فقد ورد فيه : أنه أسلم قديماً ، (1) وذكر ابن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة ، وعدّ المقداد واحداً منهم . إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد يغوث خوفاً منه على دمه شأنه في ذلك شأن بقية المستضعفين من المسلمين الذين كانوا تحت قبضة قريش عامة ، وحلفائهم وساداتهم خاصة ، أمثال عمار وأبيه وبلالٍ وغيرهم ممن كانوا يتجرعون غصص المحنة ؛ فما الذي يمنع الأسود بن عبد يغوث من أن يُنزل أشد العقوبة بحليفه إن هو أحس منه أنه قد صبأ إلى دين محمد ؟ ؟ سيما وأن الأسود هذا كان أحد طواغيت قريش وجباريهم ، وأحد المعاندين لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمستهزئين به وبما جاء ، إنه ـ ولا شك ـ في هذا الحال لن يكون أقل عنفاً مع حليفه من مخزوم مع حلفائها . لأجل هذا كان المقداد يتحين الفرص لإنفلاته من ربقة « الحلف » الذي أصبح فيما بعد ضرباً من العبودية المقيتة ، ولوناً من ألوان التسخير المطلق للمحالف يجرده عن كل قيمة ، ويُحرم معه من أبسط الحقوق . وفي السنة الأولى للهجرة قُيّضت له الفرصة لأن يلتحق بركب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأن يكون واحداً من كبار صحابته المخلصين . ____________ 1 ـ الإصابة 3 / 454 وكذلك في أسد الغابة 3 / 410 .
(21)
« فقد عقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعمه حمزة لواءً أبيض في ثلاثين رجلاً من المهاجرين ليعرضوا عِير قريش ، وكان هو وصاحب له ، يقال له : عمرو بن غزوان لا زالا في صفوف المشركين ، فخرجا معهم يتوصلان بذلك ، فلما لقيهم المسلمون إنحازا إليهم » (1) فكانت بداية الجهاد الطويل ! . ____________ 1 ـ الكامل 2 / 111 وقيل : التحقا بالمسلمين في شوال حين بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سريةً بقيادة عبيدة بن الحارث . راجع نور اليقين / 108 .
(22)
(23)
|