* المقداد بن عمرو . . لماذا سمي بابن الأسود الكندي
* صفـاتـه وأخـلاقـه
* إســلامـه
(14)
(15)
المقداد بن عمرو البهرائي
هذا هو اسمه الحقيقي ، واسم أبيه وقبيلته . فهو المقداد بن عمرو ، بن ثعلبة ، بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود (1) البهرائي (2) . ولكن ، له إسم آخر إشتهر به ، وهو : « المقداد بن الأسود الكندي » . فما هي حكاية هذا الإسم وهذه الشهرة . . ؟ كان عمرو بن ثعلبة من شجعان بني قومه ، يتمتع بجرأة عالية ربما لم تتهيأ لأحد غيره منهم ، دفعته لأن ينال فيهم دماً ، فاضطر إلى الجلاء عنهم حفاظاً على نفسه ، وحمايةً لها من طلب الثأر ، فلحق بحَضرَمَوت (3) ____________ 1 ـ الإصابة 3 / 454 ـ 455 . 2 ـ على الأشهر ، نسبة إلى بهراء بن عمرو ، بطن من قضاعة ، كانت منازلهم شمالي « بلي » من الينبع إلى عقبة أيله ، ثم جاوروا بحر القلزم ، واشتروا ما بين بلاد الحبشة وصعيد مصر وكثروا هناك ، وغلبوا على بلاد النوبة . . وقدم وفد من بهراء على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سنة 9 هـ : راجع معجم قبائل العرب 1 / 110 . 3 ـ حضرموت : ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف وبها قبر هود عليه السلام . قال ابن الكلبي : إسم حضرموت في التوارة ، حاضرميت . . . وقيل : حضرموت ، إسم لعامر بن قحطان ، وانما سمي كذلك ، لأنه كان إذا حضر حرباً أكثر فيها من القتل ، فلقب بذلك . . وقال أبو عبيدة : حضرموت بن قحطان نزل هذا المكان فسمي به . « معجم البلدان 2 / 270 » .
(16)
وحالف قبيلة كندة التي كانت تتمتع بهيبةٍ مميزة من بين القبائل . وهناك تزوج إمرأةً منهم ، فولدت له المقداد . (1) نشأ الفتى في ظل أبيه ورعايته ، وحنان أمه وعطفها ، ضمن مجتمع ألِفَ مقارعة السيوف ، ومطاعنة الرمح ، فكانت الشجاعة احدى سجاياه التي إتصف بها فيما بعد ، حتى إذا بلغ سن الشباب أخذت نوازع الشوق إلى أرومته ومضارب قومه في بهراء تدب في نفسه فتدفعه إلى تخطي آداب « الحلف » غير مكترثٍ ولا مبالٍ . فقد أحس أن اغترابه هذا ، وبعده عن الأهل والوطن إنما حدث نتيجة لذنبٍ إقترفه أبوه حيال قومه ، وأن الحلف لا يعني أكثر من قيدٍ « مهذب » يضعه الحليف في عنقه ، وأعناق بنيه ! . بالرغم من براءة ساحتهم . . كان هذا الشعور يراوده بين الفينة والفينة فتستيقظ في نفسه رغبة الإنتقام من حلفائه والتمرد على تقاليدهم ، لذا ، فلم يكن هو الآخر اسعد حظاً من أبيه ، حيث اقترف ذنباً مع مضيفيه « وأخواله » فاضطر إلى الجلاء عنهم أيضاً . فقد ذكروا أنه : حين كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي ـ أحد زعماء كندة ـ خلافٌ ، فما كان من المقداد إلا أن تناوله بسيفه ، فضرب رجله وهرب إلى مكة (2). حين وصل إلى مكة ، كان عليه أن يحالف بعض ساداتها كي يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ، لكن طموحه كان يدفعه إلى إختيار الرجل القوي المرهوب الجانب ، فكان يتريث في ذلك ، وكان يقول : لأحالفنَّ أعزّ ____________ 1 ـ الإصابة 3 / 454 ـ 455 . 2 ـ نفس المصدر .
(17)
أهلها ! ولم يخنع ولم يضعف فحالف الأسود (*) بن عبد يغوث الزهري (1) فتبناه ، وكتب إلى أبيه بذلك ، فقدم عليه مكة . منذ ذلك اليوم صار إسمه المقداد بن الأسود ، نسبة لحليفة ، والكندي ، نسبةً لحلفاء أبيه . وقد غلب عليه هذا الإسم ، واشتهر به ، حتى إذا نزلت الآية الكريمة : ( أدعُوهُم لآبائِهم ) قيل له : المقداد بن عمرو . وكان يكنى أبا الأسود ، وقيل : أبو عمرو ، وأبو سعيد (2) وأبو معبد . ومن أهم ألقابه : « حارس رسول الله » (3). ____________ * ـ الأسود بن عبد يغوث الزهري : كان من جبابرة قريش ، وأحد كبار المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا خمسة ، وقد كفى الله نبيه إياهم ، فحين نزلت الآية « أنا كفيناك المستهزئين » أصيب الأسود هذا بالاستسقاء حتى هلك ، أما الأربعة الباقية ، فهم : الأسود بن المطلب ، أصيب بالعمى ، والوليد بن المغيرة كان قد جرح بأسفل قدمه جرحاً قديماً فانتقض عليه ومات . والعاص بن وائل ، اصيب بشوكة في رجله فقتلته والحارث بن طلالة امتخض رأسه قيحاً فقتله . راجع السيرة لإبن هشام 2 / 41 . 1 ـ المستدرك 3 / 348 . 2 ـ نفس المصدر . 3 ـ نفس المصدر ، كما يستفاد ذلك من مطاوي الحديث .
(18)
|