قال سلـمان ، فـصدق !
قال سلمان مخاطباً المسلمين حين غزوا بلنجر وغنموا وفرحوا بالغنائم : « إذا أدركتم سيد شباب أهل محمد ، فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم اليوم من الغنائم . . » قال المسيب بن نجبة الفزاري : لما أتانا سلمان الفارسي قادماً ، تلقيناه فسار حتى انتهى إلى كربلاء ، فقال ما تسمون هذه الأرض ؟ قالوا : كربلاء . فقال : هذه مصارع اخواني ، هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق دمائهم ، يقتل بها ابن خير الأولين ، ويقتل بها خير الآخرين . (1) قال سلمان ذلك قبل أن يكون هناك قتال في كربلاء ، فقد كانت غزوة بلنجر في سنة اثنتين وثلاثين للهجرة أي قبل واقعة كربلاء بثلاثين سنة تقريباً كما يظهر (2) ومرت السنين تتوالى ، ومات خليفة وقام خليفة حتى جاء عهد يزيد الطاغية ، فكانت ثورة الإمام الحسين الخالدة . . . وبينما الحسين في طريقه إلى كربلاء إذ به ينزل على ماء ويخيم مع أهل بيته هناك ، وكان زهير بن القين قادماً من الحجاز بعد أن أنهى مناسك حجه فيها ، فنزل بالقرب من الحسين ____________ 1 ـ فتوح البلدان / 406 . 2 ـ الكامل 3 / 132 .
(146)
وكان عثماني العقيدة منحرفاً عن أهل البيت عليهم السلام إلا أن الماء جمعهم في ذلك المكان ، وعلم الحسين به فاستدعاه ذات يوم . فشق عليه ذلك ، ثم أجابه على كره ، فلما عاد من عنده نقل ثقله إلى ثقل الحسين ، ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يتبعني ، وإلا فانه آخر العهد ، وسأحدثكم حديثاً : غزونا بلنجر ففتح علينا وأصبنا غنائم ففرحنا ، وكان معنا سلمان الفارسي ، فقال لنا : إذا أدركتم سيد شباب أهل محمد فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم اليوم من الغنائم . فأما أنا فأستودعكم الله . ، ثم طلق ـ زهير ـ زوجته وقال لها : الحقي بأهلك فاني لا أحب أن يصيبك في سببي إلا خير ، ولزم الحسين حتى قتل معه » (1) قـال سلمان : « لتحرقن هذه الكعبة على يدي رجل من أهل الزبير » (2) أي بسببه . قالها قبل زمن بعيد من دعوة عبد الله بن الزبير الناس إلى نفسه ولجوئه إلى الكعبة المشرفة . وفي سنة أربع وستين للهجرة حوصر ابن الزبير ومن معه من أصحابه في البيت ، واستمر القتال بينه وبين أهل الشام قرابة الشهرين « حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ، رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار وأخذوا يرتجزون ويقولون :
خطـارة مثـل الفنيـق*المـزبـد * نـرمـي بهـا أعـواد هذا الـمسجد
وقيل : إن الكعبة إحترقت من نار كان يوقدها أصحاب عبد الله حول ____________ 1 ـ الكامل 4 / 42 . 2 ـ أخبار مكة 1 / 197 . * : الفنيق : فحل الناقة .
(147)
الكعبة وأقبلت شررة هبت بها الريح فاحترقت ثياب الكعبة وأحترق خشب البيت . (1) ومر سلمان ـ في طريقه إلى المدائن ـ بالكوفة ، فسأل من كان معه : هذه الكوفة . ؟ قالوا نعم . قال : قبة الإسلام . « يأتي على الناس زمان لا يبقى مؤمن إلا وهو بها ، أو يهوي قلبه إليها . . » (2) ____________ 1 ـ الكامل 4 / 124 . 2 ـ فتوح البلدان / 406 وأعيان الشيعة م 35 / 250 ـ 251 والقصة فيه مفصلة .
(148)
(149)
|