من كـلامه رضي الله عـنه
عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهم السلام ، قال : جلس جماعة من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينتسبون ويفتخرون وفيهم سلمان رحمه الله فقال له عمر : ما نسبتك أنت يا سلمان ، وما أصلك ؟ فقال : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالاً ، فهداني الله بمحمد ، وكنت عائلاً ، فأغناني الله بمحمد ، وكنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمد ، فهذا حسبي ونسبي يا عمر . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فذكر سلمان ما قال عمر وما أجابه به . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يا معشر قريش ؛ إن حسب المرء دينه ، ومروته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله تعالى : « يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم » . ثم أقبل على سلمان فقال له : « سلمان ، إنه ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل ، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه . » (1) ____________ 1 ـ الدرجات الرفيعة 205 / 206 .
(142)
البلاذري بسنده عن أحمد بن يحيى الجوني : « قال سلمان الفارسي حين بويع أبو بكر « كرداذ وناكرداذ » ـ أي عملتم وما عملتم ـ لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم . » (1) قال عمر لسلمان : أملك أنا أم خليفة . ؟ قال له سلمان : إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر ووضعته في غير حق ، فأنت ملك غير خليفة . فبكى عمر . (2) وكان إذا قيل له : ابن من أنت ؟ يقول : أنا سلمان بن الإسلام أنا من بني آدم . (3) صنع سلمان طعاماً لإخوانه ، فجاء سائل ، فأراد بعضهم أن يناوله رغيفاً ، فقال سلمان : ضع ، إنما دعيت لتأكل . ثم قال : وما علي أن يكون لي الأجر ، وعليك الوزر .(4) ولا يخفى ما في هذه الفقرة من الدقة الفقهية ، فللضيف الحق في أن يأكل هو ، ولا يجوز له التصرف في أكثر من ذلك إلا بإذن المضيّف . ولو تصرف المرء بمال غيره وتصدق به ، فإن الأجر يكون للمالك ، والوزر على المتصدق لأنه غاصب . وروى الكشي بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : تزوج سلمان إمرأةً من كندة ، فدخل عليها فإذا لها خادمة وعلى بابها عباءة . فقال سلمان : إن في بيتكم هذا لمريضاً ، أو قد تحولت الكعبة فيه . فقيل : إن المرأة أرادت أن تستر على نفسها فيه . ____________ 1 ـ الأنساب / 591 . 2 ـ الكامل 3 / 59 . 3 ـ شرح النهج 18 / 34 . 4 ـ الأنساب / 591 .
(143)
قال : فما هذه الجارية . ؟ قالوا : كان لها شيء فأرادت أن تخدم . قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أيما رجل كانت عنده جارية ، فلم يأتها أو لم يزوجها من يأتيها ، ثم فجرت كان عليه وزر مثلها . ومن أقرض قرضاً فكأنما تصدق بشطره ، فان أقرضه الثانية ، كان رأس المال وأداء الحق إلى أن يأتيه به في بيته أو في رحله فيقول : ها خذه (1) . عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال سلمان رحمة الله عليه : عجبت بستّ ، ثلاث أضحكتني وثلاث أبكتني . فأما التي أبكتني ، ففراق الأحبة محمد وحزبه . وهول المطلّع . والوقوف بين يدي الله عز وجل . وأما التي أضحكتني ، فطالب الدنيا والموت يطلبه . وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك ملئ فيه لا يدري أرضي الله أم سخط . (2) ____________ 1 ـ أعيان الشيعة 35 / 345 ـ 346 . 2 ـ الخصال / 326 .
(144)
(145)
|