الروايات الواردة حول إسلامه
* رواية اكمال الدين * رواية ابن أبي الحديد ( شرح النهج ) * رواية ابن الأثير ( أسد الغابة ) * رواية الحاكم النيشابوري المختصرة * روايته الثانية
(50)
(51)
رواية : إكمال الدين
عن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن موسى بن جعفر عليه السلام : (1) قال : قلت يا ابن رسول الله ، ألا تخبرنا كيف كان إسلام سلمان ؟ فقال : حدثني أبي عليه السلام ، أن أمير المؤمنين قال لسلمان ، يا أبا عبد الله ، ألا تخبرنا بمبدأ أمرك . ؟ فقال له : لو غيرك سألني ، ما أخبرته . أنا رجل من أهل شيراز ، من أبناء الدهاقين ، وكنت عزيزاً على والديَّ ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيدٍ لهم ، إذا أنا بصومعةٍ ، وإذا فيها رجل يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن عيسى روح الله ، وأن محمداً حبيب الله ! فرسخ وصف محمد في لحمي ودمي ، فلم يهنئني طعام ولا شراب . فقالت لي أمي : ما لك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس . ؟ قال: فكابرتها حتى سكتت ، فلما انصرفت إلى منزلي ، إذا أنا بكتاب معلق بالسقف . فقلت لأمي : ما هذا الكتاب . ؟ ____________ 1 ـ إكمال الدين / 159 إلى 164 وحقائق الإيمان ص : 192 .
(52)
فقالت : يا روزبه ، لما رجعنا من عيدنا ، رأيناه معلقاً في ذلك المكان ، فلا تقربه ، فانك إن قربته ، قتلك أبوك ! قال : فجاهدتها ، حتى جن الليل ، فنام أبي وأمي ، فقمت ، وأخذت الكتاب ، وإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا عهد من الله إلى آدم ، إنه خالق من صلبه نبياً ، يقال له : محمد ، يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن عبادة الأوثان . يا روزبه ، أنت وصي عيسى . !! فصعقت صعقةً ، وزادني شدة . فعلم بذلك أبي وأمي ، فأخذوني وجعلوني في بئر عميق وقالوا : إن رجعت ؛ وإلا قتلناك ! فقلت لهم : أفعلوا ما شئتم ، حب محمدٍ لا يذهب من صدري . قال سلمان : وما كنت أعرف العربية قبل قراءتي الكتاب ، وقد فهَّمني الله عز وجل العربية من ذلك اليوم . قال : فبقيت في البئر ، وجعلوا يُنزلون إليّ أقراصاً صغاراً ، ولما طال أمري رفعت يدي الى السماء ، فقلت : يا ربي ، إنك حببت محمداً ووصيه إلي ، فبحق وسيلته عجِّل فرجي وأرحني مما أنا فيه . فأتاني آتٍ عليه ثياب بيض ، فقال : قم يا روزبه ؛ فأخذ بيدي ، وأتى بي إلى الصومعة ، فأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن عيسى روح الله ، وأن محمداً حبيب الله . فأشرف علي الديراني ، فقال : أنت روزبه ؟ قلت : نعم . فأصعدني إليه ، وخدمته حولين كاملين ، فلما حضرته الوفاة ، قال : إني ميت . فقلت له : فعلى من تخلفني . ؟
(53)
فقال : لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً في أنطاكية ، فأذا لقيته فاقرأه مني السلام ، وادفع إليه هذا اللوح . وناولني لوحاً . فلما مات ، غسلته ، وكفنته ، ودفنته ، وأخذت اللوح وسرت به إلى أنطاكية ، وأتيت الصومعة وأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن عيسى روح الله ، وأن محمداً حبيب الله . فأشرف علي الديراني وقال : أنت روزبة . ؟ فقلت : نعم . فأصعدني إليه ، فخدمته حولين ، ولما حضرته الوفاة قال لي : إني ميت ! فقلت : على من تخلفني . ؟ فقال : لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بالأسكندرية . فإذا أتيته فاقرأه من السلام ، وادفع إليه هذا اللوح . فلما توفي ، غسلته ، وكفنته ، ودفنته ، وأخذت اللوح ، واتيت الصومعة فأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن عيسى روح الله ، وأن محمداً حبيب الله . فأشرف علي الديراني فقال : أنت روزبة . ؟ فقلت : نعم . فأصعدني إليه ، فخدمته حولين ، فلما حضرته الوفاة ، فقال : إني ميت . فقلت : على من تخلفني . ؟ فقال : لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه في الدنيا ، وان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته . فان أتيته ، فاقرأه السلام ، وادفع إليه هذا اللوح . ولما توفي ، غسلته ، وكفنته ، ودفنته ، وأخذت اللوح ، وخرجت . فصحبت قوماً ، فقلت لهم : يا قوم ؛ اكفوني الطعام والشراب ، أكفكم الخدمة . قالوا : نعم .
(54)
قال : فلما أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة ، فقتلوها بالضرب ، ثم جعلوا بعضها كباباً وبعضها مشوياً ، فامتنعت من الأكل .! فقالوا : كُل . فقلت : اني غلام ديراني ، وان الديرانيين لا يأكلون اللحم . فضربوني ، وكادوا أن يقتلوني ! فقال ( أحدهم ) أمسكوا عنه حتى يأتيكم الشراب ، فانه لا يشرب . ! فلما أتوا بالشراب ، قالوا له إشرب ! فقال : قلت لهم ، اني غلام ديراني ، وان الديرانيين لا يشربون الخمر . فشدوا علي وأرادوا قتلي . فقلت لهم : لا تضربوني ، فاني أقر لكم بالعبودية . فأقررت لواحد منهم ، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي ، فسألني عن قصتي ، فأخبرته ، وقلت له : ليس لي ذنب إلا أني أحببت محمداً ووصيه . فقال اليهودي : واني لأبغضك وأبغض محمداً ! ، ثم أخرجني إلى خارج الدار ، وإذا رمل كثير على بابه ، فقال : والله يا روزبه ، لئن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع ، لأقتلنك ! قال : فجعلت أحمل طول ليلتي ، فلما أجهدني التعب ، رفعت يدي إلى السماء ، وقلت : يا ربي ، إنك حببت محمداً ووصيه إلي ، فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما أنا فيه . فبعث الله ريحاً قلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال عنه اليهودي ، فلما أصبح ، نظر إلى الرمل وقد نقل ، فقال : يا روزبة ؛ أنت ساحر وأنا لا أعلم فلأخرجنك من هذه القرية لئلا تهلكها .
(55)
قال : فأخرجني ، وباعني لإمرأةٍ سَلمية ، فأحبتني حباً شديداً ، وكان لها حائط فقالت : هذا الحائط لك ، كل منه ماشئت ، وتصدق بما شئت !! . قال : فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله ، فبينا أنا ذات يوم في الحائط ، وإذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة . فقلت في نفسي : والله ما هؤلاء كلهم أنبياء ، وان فيهم نبيّاً . قال : فأقبلوا ، حتى دخلوا الحائط ، والغمامة تسير معهم ، فلما دخلوا ، إذا فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمير المؤمنين ، وأبو ذر ، والمقداد ، وعقيل بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وزيد بن حارثة . فجعلوا يتناولون من حشف النخل ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لهم : كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئاً . فدخلت على مولاتي فقلت لها : هبي لي طبقاً من رطب . فقالت لك ستة أطباق ! قال : فحملت طبقاً من رطب ، فقلت في نفسي : إن كان فيهم نبي ، فإنه لا يأكل الصدقة ، ويأكل الهدية . فوضعته بين يديه فقلت : هذه صدقة . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كلوا . وأمسك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين ، وأخوه عقيل وعمه حمزة . فقلت في نفسي : هذه علامة . فدخلت إلى مولاتي ، فقلت : هبي لي طبقاً آخر . فقالت : لك ستة أطباق ! فحملت طبقاً ، ووضعته بين يديه ، وقلت : هذه هدية . فمد يده وقال : بسم الله كلوا . ومد القوم جميعاً أيديهم ، فأكلوا .
(56)
فقلت في نفسي : هذه أيضاً علامة أخرى . قال : ورجعت إلى خلفه ، وجعلت أتفقد خاتم النبوة ، فحانت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلتفاتة ، فقال : يا روزبة ؛ تطلب خاتم النبوة . قلت : نعم . فكشف عن كتفيه ، فإذا بخاتم النبوة معجون بين كتفيه ، عليه شعرات . قال : فسقطت على قدم رسول الله أقبلها . فقال : يا روزبة ؛ أدخل إلى هذه المرأة ، وقل لها : يقول لك محمد بن عبد الله : أتبيعيني له . ؟ فدخلت ، فقلت لها : إن محمد بن عبد الله يقول لك : أتبيعيني له . ؟ فقالت : لا أبيعك إلا بأربعمائة نخلة ، منها مائتان صفراء ، ومنها مائتان حمراء . ! قال : فجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما أهون ما سألت ، ثم قال : قم يا علي فاجمع هذا النوى كلَّه . فأخذه وغرسه . ثم قال : إسقه ، فسقاه أمير المؤمنين ، فما بلغ آخره حتى خرج النخل ، ولحق بعضه بعضاً . فقال لي : أدخل إليها ، وقل : يقول محمد بن عبد الله ، هذا شيئك فاستلميه ، وسلمينا شيئنا . قال : فدخلت عليها ، وقلت لها ذلك . فخرجت ونظرت إلى النخل ، فقالت : والله لا أبيعك له إلا بأربعمائة نخلة صفراء . قال : فهبط جبرئيل ( ع ) ومسح النخل بجناحه ، فصار كله أصفر .
(57)
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قل لها إن محمداً يقول لك : خذي شيئك ، وادفعي لنا شيئنا . قال : فقلت لها ذلك . فقالت : والله لنخلة من هذه أحب إلي من محمد ومنك . فقلت : والله ليوم واحد مع محمدٍ أحب إلي منك ومن كل شيء أنت فيه . فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسماني سلمان .
(58)
(59)
|