متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
سياسة عثمان في اختيار الولاة
الكتاب : أبو ذر الغفاري ، رمز اليقظة في الضمير الإنساني    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة


سيَـاسـَة عُثمان في إختِيَار الوُلاة

 لقد اختار عثمان الولاة والعمال الاداريين ، على غير القاعدة المتعارفة لدى المسلمين ، ولدى من سبقه من الخلفاء .
 فالمعروف ، أن القاعدة التي ينطلق منها هذا الاختيار ، تبتني على أسس بعيدة عن منطق القرابة ، والرحم ، والعشيرة ، بل ترتكز على دعائم اسلامية ، يجمعها التقى والصلاح ، وحسن الادارة والأمانة ، فالولاية لا تعدو كونها ممثلية صغرى للخلافة التي هي أول ممثلية ـ في المفهوم الاسلامي ـ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . لذلك ، فان اختيار الولاة كان ينصبّ على ذوي السابقة في الدين ، والجهاد في الاسلام .
 والملاحظ ، أن عثمان خالف القاعدة في ذلك ، فاختار أقاربه ، وذوي رحمه ممن كانوا متهمين في دينهم ، بل كان فيهم من أمره في الفسق معروف مشهور .
 فمن هؤلاء الولاة :
 1 ـ عبد الله بن سعد بن أبي سرح : ولاَّه عثمان على مصر .
 وكان عبد الله هذا ، قد أسلم وكتب الوحي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكان أذا أملى عليه : عزيز حكيم . يكتب : عليم حكيم ، وأشباه ذلك . ثم ارتد ، وقال لقريش : إني أكتب أحرف محمد في قرآنه حيث شئت ، ودينكم خير من دينه .


(108)

 فلما كان يوم الفتح ، فرَّ الى عثمان بن عفان ، وكان أخاه من الرضاعة ، فغيبه عثمان حتى اطمأن الناس ، ثم أحضره عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطلب له الأمان ، فصمت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طويلا ، ثم أمَّنه ، فأسلم وعاد ، فلما انصرف ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأصحابه : لقد صَمَتّ ليقتله أحدكم . . » (1)
 2 ـ معاوية ابن أبي سفيان : وكان عاملا لعمر على دمشق والاردن ، فضمَّ اليه عثمان ولاية حمص وفلسطين والجزيرة ، وبذلك مدَّ له في أسباب السلطان الى أبعد مدى مستطاع (2) . وأمر معاوية واضح غير خفي .

 3 ـ الوليد بن عقبة :
 ولاه عثمان الكوفة سنة 25 للهجرة . والوليد هذا ، هو الذي وصفه القرآن الكريم بالفسق . ففيه نزلت الآية الكريمة « يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا » وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد بعثه في صدقات بني المصطلق، فخرجوا لاستقباله ، فظن انهم أرادوا قتله ، فرجع الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأخبره انهم منعوا صدقاتهم ، الخ . . » (3)
 وقد ولاه عثمان الكوفة بعد عزل سعد بن ابي وقاص ، فالتفت الوليد الى سعد مسلياً اياه ، قائلا له : « لا تجزعن أبا اسحاق كل ذلك لم يكن وانما هو الملك يتغداه قوم ، ويتعشاه آخرون » .
 قال المسعودي : ثم عزله عثمان فيما بعد ، لما شاع وذاع من فسقه ، فقد كان يشرب مع ندمائه ومغنيه الى الصباح . وذات يوم آذنه المؤذنون
____________
1 ـ الكامل 2 / 249 .
2 ـ ثورة الحسين / 40 .
3 ـ مجمع البيان 9 / 132 / الحجرات .


(109)

بصلاة الصبح ، فخرج متفضلا في غلائله ، فتقدم الى المحراب ، فصلى بهم الصبح أربعاً ، وقال أتريدون أن أزيدكم ؟
 فقال له بعض من كان في الصف الاول خلفه : ما تزيد ؟ لا زادك الله من الخير ، والله لا أعجب إلا ممن بعثك الينا والياً وعلينا أميراً . . » (1) الى آخر الحكاية .

 4 ـ سعيد بن العاص :
 عيَّنه عثمان والياً على الكوفة ، بعد أن عزل الوليد عنها ولم يكن سعيد ، ليخفي ما في نفسه من الرغبة في التسلط على فيئ المسلمين إن امكنت الفرصة من ذلك . بل أكد على ذلك بقوله لبعض جلسائه : « انما هذا السواد بستان قريش » (2)

 5 ـ عبد الله بن عامر بن كريز :
 وكان عبد الله هذا من أبرز الدعاة الى سياسة التضييق والافقار والاشغال ، التضييق على المسلمين الذين نادوا مطالبين عثمان بالعدالة ، ورفع الجور ، وعزل العمال .
 فقد أشار على عثمان بذلك حين استشاره ، بقوله : « أرى لك يا أمير المؤمنين ، أن تشغلهم بالجهاد عنك ، حتى يذلوا لك ، ولا يكون هِمَّةُ أحدهم إلا في نفسه ، وما هو فيه من دُبُر دابته وقُمَّل فروته . . » (3)
____________
1 ـ مروج الذهب 2 / 334 .
2 ـ للتفصيل راجع الكامل 3 / 139 .
3 ـ نفس المصدر / 150 .


(110)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net