الدرس السابع والاربعون في العصبية والحمية
عصب الشيء عصباً من باب ضرب ، شده بالعصب والحبل ، والعصب بفتحتين : أطناب منتشرة في الجسم كله وبها تكون الحركة والحس ، والعصبية قد استعير للتحامي عن الشيء وأخذ جانبه والمدافعة عنه والمراد بها هنا : حالة حب وعلقة باطنة في النفس تدعوا صاحبها إلى التحامي عن مورد حبه ومتعلق ودّه. وتنقسم إلى قسمين : مذموم وممدوح ، والأول هو ما يقتضي التحامي عن الشيء بغير حق ، كأن يتحامى عن قومه وعشيرته وأصحابه في ظلمهم وباطلهم ، أو عن مذهبه وملته مع علمه بفساده ، أو عن مطلب ومسألة بلا علم بصحته ، أو مع العلم ببطلانه لكونه قوله ومختاره مثلاً وهكذا. والثاني : هو التعصب في الدين والحماية عنه ، وكذا في كل أمر حق كالعلوم والمعارف الاسلامية والأعمال والسنن الدينية التي قد علم صحتها وحقيقتها ، بل
(248)
والحماية عن أهل الحق والدين ودعاتهما ورعاتهما ، وكذا التحامي عن الأقوام وغيرهم مع العلم بحقيتهم وصدقهم. ثم إن مما يلازم العصبية التفاخر بما يتعصب له وحكمه حكمها. وقد ورد في النصوص : أنه من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الأيمان من عنقه (1) ( الربقة : عروة الحبل والحديث ذو مراتب ، فمن ادعى مقاماً ليس له كالنبوة والإمامة والقضاوة ونحوها وتحامى عنه غيره قولاً أو عملاً أو قلباً ، فكلاهما خلعاً ربقة الإيمان من عنقهما أي : خرجا عن الإيمان بالكلية في بعض الموارد أو عن كماله في بعضها الآخر ). وأنه : من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية (2). وأن من تعصب عصبه الله بعصابة من نار (3). وأن العصبية التي يأثم صاحبها : أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم (4). وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتعوذ في كل يوم من الحمية. وأن الله يعذب العرب بالعصبية (5).
1 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص298 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص283. 2 ـ الكافي : ج2 ، ص308 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص296 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص284. 3 ـ الكافي : ج2 ، ص308 ـ جامع الأخبار : ص162. 4 ـ الكافي : ج2 ، ص308 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص298 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص288. 5 ـ الكافي : ج8 ، ص162 ـ الخصال : ص325 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص297 ـ بحار الأنوار : ج2 ، ص108 وج72 ، ص190 وج75 ، ص339 وج78 ، ص59.
(249)
وأنه أهلك الناس ، طلب الفخر (1). وأنه : ألق من الناس المفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم (2). وأن الفخر بالأنساب من عمل الجاهلية (3). وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوم فتح مكة ، وقال : إن الله قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية والتفاخر بآبائها وعشائرها ، إنكم من آدم ، وآدم من طين ، وخيركم أتقاكم (4). وأنه ما لابن آدم والفخز ، أوله نطفة وآخره جيفة (5).
1 ـ الخصال : ص69 ـ بحار الأنوار : ج72 ، ص39. 2 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص291. 3 ـ وسائل الشيعة : ج5 ، ص169 وج11 ، ص335 ـ بحار الأنوار : ج58 ، ص315 وج73 ، ص291. 4 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص293. 5 ـ نهج البلاغة : الحكمة 454 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص294.
(251)
|