الدرس الحادي والأربعون في الغفلة واللهو
الغفلةعن الشيء معروف ، والمراد هنا : غفلة القلب عن الله تعالى وعن أحكامه وأوامره ونواهيه ، وبعبارة أخرى : عما ينبغي أن يكون متوجهاً إليه ويكون حاضراً عنده. ولها مراتب مختلفة : يلازم بعضها الكفر والطغيان ، وبعضها الفسق والعصيان ، وبعضها النقص والحرمان ، فالغفلة عن أصول الإيمان بمعنى عدم التوجه إلى لزومها وإلى قبولها ، كفر ، سواء كان الغافل قاصراً أو مقصراً وإن لم يعاقب على الأول ، والغفلة عن أداء الواجب وترك الحرام مع التقصير ، فسق ، والغفلة عن الإقبال والتوجه إلى آيات الله تعالى الآفاقية والأنفسية ، وعن الاهتداء بذلك إلى وجوده تعالى وصفات جلاله وجماله وعن التقرب بذلك لحظة بعد لحظة ، وآناً بعد آن إلى قربه ورحمته ، وعن كونه حاضراً عنده بجميع شؤون وجوده وخواطر قلبه ، ولحظات عينه ، ولفظات لسانه ، وحركات أركانه ، نقص وبعد وحرمان عن مقام
(226)
السعداء والأولياء. وهل ترى أهل الدنيا اليوم إلا غافلين عن الحق ، لاهين عن التوحيد والإذعان بالرسل والملائكة والكتاب والنبيين واليوم الآخر مع اختلافهم في مراتب الغفلة والبعد ، كما كانوا كذلك في الأمس وما قبل الأمس ، ويلازم هذا العنوان الإتراف بالنعم والفرح والمرح بها واللعب واللهو ونحوها. وقد قال تعالى في كتابه : ( إقترب للناس حسابهم فهم في غفلة معرضون إلى قوله : لاهية قلوبهم ) (1) وقال خطاباً لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : ( فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ) (2) وقال تعالى : ( والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار ) (3) وقال : ( ولا تكن من الغافلين ) (4) وقال : ( واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين ) (5). وورد في النصوص : أنه : إن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا ؟ (6) وأن كلما ألهى عن ذكر الله فهو ميسر (7) ( أي : مثل المقامرة في انقطاع النفس عن الله والتوجه إلى غيره ). وأن بينكم وبين الموعظة حجاباً من الغرة (8).
1 ـ الأنبياء : 1 ـ 3. 2 ـ الزخرف : 83. 3 ـ يونس : 7 ـ 8. 4 ـ الأعراف : 205. 5 ـ هود : 116. 6 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص157. 7 ـ الأمالي : ج1 ، ص345 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص157 وج79 ، ص230. 8 ـ نهج البلاغة : الحكمة 282 ـ غرر الحكم درر الكلم : ج3 ، ص268 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص157.
(227)
|