الدرس الثامن والثلاثون في اليأس من روح الله والأمن من مكره
روح الله تعالى هو : رحمته وفرجه وإحسانه في الدنيا ، وشفاعتة أنبيائه وملائكته ، وغفرانه وجنته في الآخرة. والمكر : أخذه في الدنيا بنحو الإستدراج وغيره ، وعقابه في الآخرة. ويظهر من النص والفتوى تحريم الأمرين ، وقد عدهما أصحابنا في الفقه من المعاصي الكبيرة ، وظاهرهما كون نفس الحالتين معصية محرمة فتحرم التسبيب لحدوثهما ، ويجب السعي في إزالتهما لو اتفق حصولهما بالتأمل والتفكر في مفاد النصوص الواردة فيه ، في الكتاب والسنة والعقل الحاكم بقبحهما بعد ملاحظة سعة رحمة الله تعالى وشمول عفوه وغفرانه ، وبعد التوجه إلى قدرته وسطوته وما يقتضيه ذنوب عباده ، ولو لم يقدر على التأمل في ذلك فعليه أن يراجع أهله من علماء الدين ورواة الأحاديث وحملة العلوم والمعارف الاسلامية ، وأطباء النفوس من علماء الأخلاق وغيرهم.
(206)
وقد قال تعالى : ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ، (1) وقال : ( فلا تكن من الفانطين ... قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) (2) ، وقال : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي ) ، (3) وقال : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) ، (4) وقال : ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ). (5) وروي : أن الله يبعث المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم ، يعني : غلبة السواد على البياض ، فيقال لهم : هؤلاء المقنطون من رحمة الله (6).
1 ـ يوسف : 87. 2 ـ الحجر : 55 ـ 56. 3 ـ العنكبوت : 23. 4 ـ الزمر : 53. 5 ـ الأعراف : 99. 6 ـ بحار الأنوار : ج2 ، ص55 وج72 ، ص338.
(207)
|