الأمر السابع : قال الصدوق رحمه الله : اعتقادنا في الروح أنها خلقت للبقاء لا للفناء ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « ما خلقتم للفناء ، بل خلقتم للبقاء ، وإنما تنقلون من دار إلى دار » (4). واعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقية ، منها منعمة ومنها معذبة إلى أن يردها الله إلى أبدانها ، قال الله تعالى : ( ولا
1 ـ النور : 26. 2 ـ بحار الأنوار : ج61 ، ص40. 3 ـ بحار الأنوار : ج 61 ، ص 65 ـ مرآة العقول : ج9 ، ص 25 ـ من لا يحضره الفقيه : ج 4 ، ص 380. 4 ـ بحار الأنوار : ج 6 ، ص 249.
(22)
تحسبن الذين ... ). وقال المفيد ـ رحمه الله ـ ما حاصله : إن الأرواح بعد الأجساد على ضربين : منها ما ينقل إلى الثواب أو العقاب ، ومنها ما يبطل فلا يشعر بثواب ولا عقاب. وقد روي عن الصادق عليه السلام ما ذكرنا ، وسئل عمن مات أين تكون روحه ؟ فقال عليه السلام : « من مات وهو ماحض للايمان محضاً يجعل في جنان من جنان الله ، يتنعم فيها إلى يوم المآب » (1). وشاهد ذلك ما حكاه الله تعالى عن قول حبيب النجار بمجرد قتله ودخوله في عالم البرزخ : ( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) (2) ومن ماحض الكفر محضاً يجعل في النار فيعذب بها إلى يوم القيامة ، وشاهد ذلك قوله تعالى في آل فرعون بعد أن أهلكهم الله : ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) (3) والغدو والعشي من شؤون برزخ الدنيا. وقال تعالى في الضرب الاخر : ( إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً ) (4). فبين أن قوماً عند الحشر لا يعلمون مقدار لبثهم في القبور حتى يظن بعضهم أن ذلك كان يوماً ، ولا يمكن ذلك في حق من لم يزل منعماً ، أو لم يزل معذباً إلى يوم القيامة. وهل المنعم والمعذب بعد الموت ، الروح أو الجسد الذي فيه الحياة ؟ الأظهر عندي أنه الجوهر المخاطب ، وهو الروح التي توجه اليها
1 ـ بحار الانوار : ج 61 ، ص 81. 2 ـ يس : 26. 3 ـ غافر : 46. 4 ـ طه : 104.
(23)
الأمر والنهي والتكليف. فيجعل الله للأرواح أجساماً كأجسامهم في دار الدنيا ، ينعم مؤمنيهم ويعذب كفارهم وفساقهم دون أجسامهم التي في القبور يشاهدها الناظرون وتتفرق وتندرس. وهذا مذهبي في النفس ، ومعنى الإنسان المكلف عندي ، ولا أعلم بيني وبين فقهاء الامامية وأصحاب الحديث فيه اختلافاً ، انتهى. وقال المحقق الطوسي فيما يشير إليه الإنسان بقوله : أنا : ( فيكون جوهراً عالماً والبدن وسائر الجوارح آلاته في أفعاله ، ونحن نسميه هاهنا : الروح ).
|