حقوق المجتمع في رسالة الحقوق :
وضع الإمام علي بن الحسين عليه السلام في رسالة الحقوق منهجاً متكاملاً في خصوص الحقوق الاجتماعية المترتبة على الفرد باعتباره جزءاً من الاُسرة ومن المجتمع ، ومما ورد في قوله عليه السلام : « وأمّا حق أهل ملتك عامة: فاضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرفق بمسيئهم ، وتألّفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه واليك ، فإن إحسانه إلى نفسه
(123)
إحسانه إليك إذا كفّ عنك أذاه وكفاك مؤونته ، وحبس عنك نفسه ، فعمهم جميعاً بدعوتك ، وانصرهم جميعاً بنصرتك. وأنزلهم جميعاً منك منازلهم ؛ كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه. وأمّا حق أهل الذمّة ، فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله ، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأُجيروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة ، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله حائل ، فإنّه بلغنا أنّه قال : من ظلم معاهداً كنت خصمه » (1).
الآثار الايجابية لمراعاة حقوق المجتمع :
فيما يلي نستعرض بعض الروايات التي وردت في ثواب من راعى حقوق أفراد المجتمع. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من ردّ عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنة ألبتة » (2). وقال الإمام محمد الباقر عليه السلام : « من كفّ عن أعراض الناس كفّ الله عنه عذاب يوم القيامة، ومن كفّ غضبه عن الناس أقاله الله نفسه يوم
1 ـ تحف العقول : 195 ـ 196. 2 ـ ثواب الأعمال / الصدوق : 175 ، مكتبة الصدوق ، طهران 1391 هـ.
(124)
القيامة » (1). وقال الامام الباقر عليه السلام : « أربع من كنّ فيه بنى الله له بيتاً في الجنّة : من آوى اليتيم ، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه » (2). وقال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : « من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ، ومن كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر » (3). وقال الإمام الباقر عليه السلام : « البر والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء » (4). ولمراعاة الحقوق الاجتماعية مزيد من الآثار الايجابية التي تنعكس على الفرد والاُسرة والمجتمع في دار الدنيا والآخرة ، وردت في كتب الحديث ، سيّما في كتاب (ثواب الأعمال) للشيخ الصدوق ، لا مجال لذكرها جميعاً في هذا المختصر.
1 ـ ثواب الأعمال : 161. 2 ـ ثواب الأعمال : 161. 3 ـ ثواب الأعمال : 164. 4 ـ ثواب الأعمال : 169.
(125)
|