الفصل الثاني
الأحكام العملية لبناء الاُسرة
تبدأ العلاقة الزوجية شرعاً من حين العقد ، وهو التعبير العلني عن الالتزام الجدي بمضمون محدّد اتجاه الطرف الآخر الذي يتعاقد معه.
صيغة العقد : أجمع العلماء على توقف العقد على الايجاب والقبول اللفظيين ، والايجاب : أن تقول الزوجة : (زوَّجتُكَ وأنكَحتُكَ نفسي على المهر المعلوم). والقبول : أن يقول الزوج : (قَبِلتُ التزويج ، أو قَبِلتُ النكاح). ولا يكفي مجرد التراضي القلبي ، ولا الكتابة ، ولا الاشارة المفهمة لمن يستطيع النطق. والعقد الصحيح يجب أن يكون باللغة العربية لمن يتمكّن منها ، ويصح
(32)
بغير العربية لغير المتمكن منها (1). وفي عصرنا الراهن تعارف الناس على اجراء العقد من قبل المأذون ، فتيسر الأمر لجميع أبناء المجتمع.
الاشهاد في العقد : الاشهاد في العقد سُنّة سنتها الشريعة الإسلامية ، والتزم المسلمون بها ، وتوارثوها جيلاً بعد جيل ، وهي ليست شرطاً في صحة العقد (2). سُئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام : في الرجل يتزوج بغير بيّنة ، قال : « لا بأس » (3). واستحباب الاشهاد والاعلان إنما سُنَّ من أجل إثبات الأنساب ، والميراث ، وايجاب النفقة ، ودرء الحدود ، وإزالة الشبهات (4). سُئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام : عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود ، فقال عليه السلام : « لا بأس بتزويج البتَّة فيما بينه وبين الله ، إنّما جعل الشهود في تزويج البتَّة من أجل الولد ، لولا ذلك لم يكن به بأس » (5). وقال أيضاً : « إنّما جعلت البينات للنسب والمواريث » ، وفي رواية أُخرى « والحدود » (6).
1 ـ جامع المقاصد 12 : 67. والصراط القويم : 199. ومنهاج الصالحين / السيد السيستاني ، المعاملات ، القسم الثاني : 16 ـ 30. 2 ـ الانتصار : 281. وجامع المقاصد 12 : 84. 3 ـ الكافي 5 : 387. 4 ـ المقنعة : 498. وجواهر الكلام 29 : 40. 5 ـ الكافي 5 : 387 / 1. 6 ـ الكافي 5 : 387.
(33)
شروط العقد الذاتية والاضافية : 1 ـ يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعاً ، فلو تظاهرت الزوجة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صحّ العقد ، ولو تظاهرت بالرضا مع العلم بكراهتها واقعاً بطل العقد. ولو أُكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا العقد صحّ ، وكذلك الحال في إكراه أحدهما ، والأفضل اعادة العقد بعد الاجازة (1). 2 ـ لا يشترط أن يكون المجري لصيغة العقد ذكراً ، فيجوز للمرأة أن تكون مجرية للعقد (2) ، ولكنّ ذلك مخالف للعرف ، فلم نسمع أن امرأة قامت بذلك في مختلف المراحل الزمنية لمسيرة المسلمين. 3 ـ يجب الوفاء بالشروط الخارجة عن أصل العقد ، فإذا اشترط أحد الزوجين على الآخر شروطاً خارجة عن أصل العقد وجب الوفاء بها ، إن كانت شروطاً موافقة للشريعة ، ولا يبطل العقد بعدم الوفاء (3). سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن ذلك فقال : « يفي لها بذلك » (4). وإن شرطت أو شرطا شرطاً يخالف الشريعة فلا يصح الشرط ، فلو شرطا عدم التوارث وعدم النفقة ، فالشرط باطل (5) لأنّه يخالف سنن التشريع.
1 ـ منهاج الصالحين ، المعاملات : 20. 2 ـ مهذب الاحكام 24 : 226. 3 ـ الجامع للشرائع : 443. 4 ـ الكافي 5 : 402 / 2. 5 ـ الجامع للشرائع : 442. وجواهر الكلام 31 : 95 وما بعدها.
(34)
|