حسُن ظنّ :
وربَّما اطَّلع الله جلَّ وعلا على قلبه ، فرأى فيه صدقاً في طلب الحقِّ ، وهِمَّةً في إصابة الحقيقة .. فجلَّى له فطرتَه ، ونقَّى له جِبلَّتَه ، وهيَّأ له ما يُبصر به الحقَّ ، ويُغلغله في أعماق قلبه .. وإنْ كان يعيش في وسط الضلال والفساد . حتَّى شبَّهه السيِّد الشهيد نور الله التُستريّ بمؤمن آل فرعون ، وقال : بأنَّ معرفته بأحقِّيَّة أهل البيت بالخلافة كانت عن إلهام ربَّانيّ ، وفطرةٍ سليمةِ المباني ( 1 ) . وكأنَّه يُريد أنْ يقول : إنّ ( معاوية الثاني ) كان مؤمن آل أبي سفيان .
ومِن هنا .. ترحَّم عليه كثيرٌ مِن علماء الخاصَّة والعامَّة ، وذكروه بعبارات المدح والثناء والتجليل :
* فقال ابن حجر : مات ( يزيد ) سنة أربع وستِّين ، لكنْ عن ولدٍ شابٍّ صالح ... ومِن صلاحه الظاهر أنَّه لمَّا وُلِّي صعِد المنبرَ فقال : إنَّ هذه الخلافةَ حبلُ الله ، وإنَّ جدِّي نازع الأمرَ أهلَه ومَن هو أحقُّ به منه .. عليَّ بن أبي طالب ، وركب بكم ما تعملون ، حتَّى أتته منيَّتُه فصار في قبره رهيناً بذنوبه . ثمَّ قَلَّد أبي الأمرَ وكان غيرَ أهلٍ له ، ونازع ابن بنت رسول الله ( صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم ) ، فقُصف عُمرُه ، وانبتر عقبه ، وصار في قبره رهيناً بذنوبه . ( إلى آخر الخُطبة .. ثمَّ قال ابن حجر : ) ثمَّ
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ مجالس المؤمنين 2 : 252 .
الصفحة 212
تغيَّب في منزله حتَّى مات بعد أربعين يوماً . فرحمه الله أنصفُ مِن أبيه ، وعرف الحقَّ لأهله ( 1 ) .
* وذكره الخوارزميّ فوصفه بأنَّه كان بارَّاً فاضلاً ( 2 ) .
* كما أثنى عليه اليعقوبيّ فقال : وكان له مذهب جميل ( 3 ) .
* وعرَّفه به عماد الدين الحسن بن عليّ الطبرسيّ ( مِن علماء القرن السابع الهجريّ ) ، فذكره في فصل خُلفاء بني أُميَّة ، فقال : .. ثمَّ معاوية بن يزيد ، وكان شيعيَّاً ، أخذ التشيُّع مِن أديبه المُتشيِّع ( أي عمر بن مقصوص ) ، واستُخلف أربعين يوماً وسَمُّوه فمات منه ، وقُتل بعده أديبه ، ودُفنا في حُفرةٍ واحدة ، فصعد المنبر يوماً ولعن أباه وجدَّه وجدَّ جدِّه ، وكانت أُمُّه حاضرة ، قالت : يا ليتك كنت حيضة في خرقة ! فسمع منها هذا الكلام ، قال : وددت ـ يا أُمَّاه ـ أنِّي كنتُ كذلك ! ( 4 ).
* وتعرَّض له الدميريّ بشيءٍ مِن التفصيل ، فقال فيه : ثمَّ قام بالأمر بعده ـ أيْ بعد يزيد ـ ابنُه معاوية ، وكان خيراً مِن أبيه ، فيه دينٌ وعقل ( 5 ) .
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ الصواعق المُحرقة : 134 .
2 ـ يُراجع : أدب الطفِّ 3 : 13 .
3 ـ تاريخ اليعقوبيّ 2 : 254 .
4 ـ أسرار الإمامة 300 . وانظر : حياة الحيوان1 : 88 ـ 89 ، وتاريخ اليعقوبيّ 2 : 254 .
5 ـ حياة الحيوان 1 : 88 .
الصفحة 213
* ومدحه السيِّد نور الله القاضي التستريّ ، فقال ما ترجمته : معاوية بن يزيد بن معاوية الأُمويّ .. المُلقَّب بـ ( الراجع إلى الله ) ، بمُقتضى الكلام المُعجز ، قوله تعالى : ( ... يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ... )( 1 ) . وقد كان ذا سيرة حَسَنة وصاحبَ دين ، وكان مُحبَّاً لآل سيِّد الأبرار ( صلَّى الله عليه وآله ) ( 2 ) .
ولذلك .. يُظَنَّ أنَّه لا تشمله اللعناتُ المُنصبَّة على بني أُميَّة ، ممَّا جاءت في صريح الأدعية والزيارات ، والأخبار والروايات ، إنْ كان ( معاوية الثاني ) قد تنازل عن الخلافة لعرفانه بأنَّه ليس أهلاً لها ، وإنَّما الذين هُمْ أهلٌ لها مَن أوصى بهم النبيُّ ( صلَّى الله عليه وآله ) ، وكان منهم في زمانه الإمام زينُ العابدين ، عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) ، والذي تظافرت روايات العامَّة والخاصَّة أنَّ رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) قد ذكره بالاسم واللقب أنَّه وصيُّه بعد الإمام الحسين ( عليه السلام ) ( 3 ) .
وإذا كان ( معاوية الثاني ) ناقماً على بني أُميَّة ؛ لِما أَتوا به مِن ظلمٍ في حقِّ الرسول وآله ( صلوات الله عليه وعليهم ) .. فهو ليس مِن بني أُميَّة ، ولا ينتمي إلى آل أُميَّة ؛ ذلكَ لأنَّ آلَ الرجل أتْباعُه ، والفعل منه :
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ الروم : 19 .
2 ـ مجالس المؤمنين 2 : 252 .
3 ـ يُراجَع في ذلك على سبيل المثال : ينابيع المودَّة ـ الباب 76ص 440و 443 طبع سنة 1302ه ، والباب 93ص 486 . وفرائد السمطين ، للحموينيّ . وكفاية الطالب ، للكنجيّ الشافعيّ .
الصفحة 214
آلَ يَؤول أَوْلاً وماَلاً ، أي رجع ، وآلُ فلان مَن يؤولون إليه ويرجعون إليه أَولى فأَولى ، بالهوى والاعتقاد والمُناصرة .
وقد جاء عن بعض أهل المعنى والمعرفة : إنَّ آل النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله ) كلُّ مَن يؤول إليه ، وهُمْ قسمان :
الأوَّل : مَن يؤول إليه ( صلَّى الله عليه وآله ) ماَلاً صوريَّاً جسمانيَّاً ، كأولاده ( صلَّى الله عليه وآله ) ومَن يحذو حذَوَهم مِن أقاربه الصوريِّين ، الذين يحرم عليهمُ الصدقة في الشريعة المُحمديّة .
الثاني : مَن يؤول إليه ( صلَّى الله عليه وآله ) معنويَّاً روحانيَّاً ، وهم أولاده الروحانيُّون مِن العلماء الراسخين ، والأولياء الكاملين ، والحكماء المُتألِّهين المُقتبسين مِن مشكاة أنواره .. ولا شكَّ أنَّ النسبة الثانية آكد مِن الأُولى ، وإذا اجتمعت النسبتان كان نوراً على نور ، كما في الأئمَّة المشهورين مِن العِترة الطاهرين ( صلوات الله عليهم أجمعين ) .
وكما حُرِّم على الأولاد الصوريِّين الصدقةُ الصوريَّة .. كذلك حُرِّم على الأولاد المعنويِّين الصدقةُ المعنويَّة ، أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف ( 1 ) .
فمعاوية الثاني .. إنْ لم يكن أمره قد آل إلى بني أُميَّة فهو ليس مِن بني أُميَّة ، ولا تُصيبه اللعنات التي أصابتهم . جاء عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( ... أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ
ــــــــــــــــــ
1 ـ كتاب الأربعين ، للشيخ البهائيّ : 165 .
الصفحة 215
الْعَذَابِ ) ( 1 ) قال : ( واللهِ ما عنى إلاَّ ابنتَه ) ( 2 ) .
ذلك أنَّ امرأة حزقيل ( مؤمن آل فرعون ) كانت ماشطة لبنت فرعون ، فوقعت المشْطةُ يوماً مِن يدها فقالت : بسم الله ، فقالت بنت فرعون : أبي ؟! قالت : لا ، بلْ ربِّي وربُّكِ وربُّ أبيكِ . فأخبرتْ فرعونَ فدعا بها وبوِلْدها وقال : مَن ربُّكِ ؟ فقالت : إنَّ ربِّي وربَّك الله . فأمر بتنُّورٍ مِن نحاسٍ فأُحمي ، فدعا بها وبوِلْدها ... فأُلقيتْ في التنُّور مع وِلْدها ( 3 ) .
ولم تكنِ امرأةُ فرعون مِن آل فرعون .. فقد كانت ( آسية بنت مزاحم ) مِن بني إسرائيل ، وكانت مؤمنةً خالصة ، وكانت تعبد اللهَ سرَّاً ، إلى أنْ قتل فرعونُ امرأة حزقيل . فدخل عليها فرعون يُخبرها بما صنع ، فقالت : الويل لك ـ يا فرعون ـ ! ما أجرأك على الله جلّ وعلا ! فقال لها : لعلَّكِ اعتراكِ الجنونُ الذي اعترى صاحبتَكِ ؟! فقالت : ما اعتراني جنون .. بلْ آمنتْ باللهِ ربِّي وربِّكَ وربِّ العالمين ... فأمر بها فرعونُ حتَّى مُدَّت بين أربعة أوتاد ، ثمَّ لا زالت تُعذَّب حتَّى ماتت ( 4 ) .
وإنَّما آلُ فرعون مَن آل إليه ، يَدينُ بدينه ويُصدِّق ادِّعاءَه بالربوبيَّة . وآل أبي سفيان مَنْ آلُوا إليه ، يُناصرونه على مُحاربة الإسلام ، وقتل
ــــــــــــــــــــ
1 ـ غافر : 46 .
2 ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق : 94ح 2 .
3 ـ قصص الأنبياء ، للجزائريّ : 260 .
4 ـ قصص الأنبياء ، للجزائريّ : 260 ـ 261 .
الصفحة 216
رسول الله وأهل بيته ( عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ) ، فأولئك هُمُ المشمولون باللعنات .
* روي أنَّ النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله ) لعنَ يوماً ( آل فلان ) فقيل : يا رسولَ الله ، إنَّ فيهم فلاناً ، وهو مؤمن . فقال : ( إنَّ اللعنة لا تُصيب مؤمناً ) ( 1 ) .
* وفي ذكر المواطن السبعة التي لعن فيها رسولُ الله ( صلَّى الله عليه وآله ) أبا سفيان : يومَ جاء أبو سفيان بجمع مِن قريش ، وجاء عُيينة بن حصن بن بدر بغطَفان ، فلعنَ رسولُ الله ( صلَّى الله عليه وآله ) القادةَ والأتْباع والساقةَ إلى يوم القيامة . فقيل : يا رسولَ الله ، أمَا في الأتْباع مؤمن ؟! قال : ( لا تُصيب اللعنةُ مؤمناً مِن الأتباع ، أمَّا القادةُ فليس فيهم مؤمنٌ ولا مُجيبٌ ولا ناجٍ ) ( 2 ) .
فآلُ أُميَّة مَن آبُوا إليهم يُوافقونهم على الكفر والظلم ، ويُعاضدون على الإثم والعدوان ، لا مَن يُنكرون عليهم ذلك ، ويُخالفونهم بالقول والعمل ، ويُحبُّون أهلَ بيت النبيِّ الأكرم ( صلَّى الله عليه وآله ) .
*عن أبي حمزة ، قال : دخل سعد بن عبد الملك ـ وكان أبو جعفر ( الباقر ) ( عليه السلام ) يُسمِّيه ( سعدَ الخير ) ، وهو من ولْدِ عبد العزيز بن مروان ، على أبي جعفر ( عليه السلام ) . فبينا ينشج كما تنشج النساء قال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( ما يُبكيك يا سعد ؟! ) ، قال : وكيف لا أبكي وأنا مِن الشجرة
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ المُحتضر ، للشيخ حسن بن سليمان الحلِّيّ ( مخطوطة ) .
2 ـ الاحتجاج : 274 .
الصفحة 217
الملعونة في القرآن ؟! فقال له : ( لستَ منهم ، أنت أُمويّ منَّا أهل البيت ، أمَا سمعتَ قولَ الله عزَّ وجلَّ يحكي عن إبراهيم ( عليه السلام ) : ( ... فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ... ) ) ( 1 ) .
فالانتساب .. إنَّما يكون بالاعتقاد والمُجاراة في الأفعال ، أمَّا مَن كان نسبُه السُّلاليّ والعِرقيّ إلى فلان ، وهو مُخالف له ، فهو ليس منه ولا مِن آله ، فالمرء يؤول إلى مَن يتَّبع عقيدةً وعملاً .
ويبدو أنَّ ( معاوية الثاني ) تخلَّى قلباً وعقلاً عن بني أُميَّة ، وتبرَّأ منهم روحاً وعقيدةً وضميراً ، وتجرَّد عن معائب أُسرته ومثالبها ومخازيها وجرائمها في حقِّ هذا الدين ، وأئمَّته ، وفي حقِّ المسلمين .
على النهج :
وهنا يحفظ له التاريخ موقفه ذاك ، ويُكرمُه ويُكْبره على ما صدر منه ، مِن إعلاءٍ لكلمةِ الحقِّ ، ودحضٍ لكلمة الباطل . فأصبح يفتخر به مَن هو على هواه ونهجه ، ومنهم الشاعر الأبيورديّ .
ومِنْ هو ـ يا تُرى ـ الشاعر الأبيورديّ ؟!
هو المُظفّر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد ، المُلقَّب
ـــــــــــــــــــ
1 ـ الاختصاص ، للشيخ المُفيد : 85 ، والآية في سورة إبراهيم : 36 . ونشج الباكي نشيجاً : تردَّد البكاء في صدره مِن غير انتحاب .
الصفحة 218
بـ ( الأُموي المُعاويّ ) و ( الأبيورديّ ) . قيل : ينتهي نسبه إلى ( عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب الأُمويّ ) .. وفيه يقول في قصيدة يرثي بها الحسين ( عليه السلام ) :
وجَدِّي وهْو عنبسةُ بن صخرٍ بريءٌ مِن يزيدَ ومِن زيادِ ( 1 )
لم تُعرف سنة مولده ، لكنْ ذُكِر أنَّه مات بـ ( إصبهان ) ، في العشرين مِن شهر ربيع الأوَّل ، عام 507 هـ .
و ( الأبيورديّ ) نسبةً إلى ( أَبيورْد ) .. مدينة في خُراسان . قال ياقوت الحمويّ : كان الأبيورديّ إماماً في كلِّ فنٍّ مِن العلوم ، عارفاً بالنحو واللُّغة والنَّسَب والأخبار ، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء ، وله تصانيف في جميع ذلك ، وشعره سائر مشهور ( 2 ) .
كان ( الأبيورديّ ) نسَّابةً ، وكان يكتب في نسبه ( المُعاويّ ) ، يُنسَب إلى ( معاوية الصغير ) أو ( معاوية الثاني ) في عمود نسبه . أمَّا وفاته .. فكانت بأصبهان ، قضى بها مسموماً .
قيل : جاء إلى بغداد ، وتولَّى فيها الإشراف على خُزانة دار الكتب النظاميَّة ، بعد القاضي أبي يوسف بن سليمان الإسفرائينيّ المُتوفَّى سنة 498 هـ . وخاف أخيراً مِن سعي أعدائه عند الخليفة المُستظهر
ـــــــــــــــــــ
1 ـ مُعجم الأُدباء ، لياقوت الحمويّ 17 : 235 .
2 ـ يُراجَع : أعيان الشيعة ، للسيِّد محسن الأمين العامليّ . والكُنى والألقاب ، للشيخ عبّاس القُمِّيّ . وأدب الطفِّ 3 : 10 وما بعدها . ومُعجم الأُدباء 17 : 235 ـ 244 .
الصفحة 219
العبَّاسيّ المُتوفَّى سنة 512 هـ ، لاتِّهامه بهجو الخليفة ومدح صاحب مصر .. ففرَّ إلى همدان ، ثمَّ سكن إصفهان ، حتَّى تُوفِّي فجأة أو مسموماًً سنة 507 هـ .
وأخذ الأبيورديّ عن جماعة ، وذكروا أنَّه كان مِن أخبر الناس بعلم الأنساب ، مُتصرِّفاً في فنونٍ جمَّة مِن العلوم ، وافرَ العقل .
له ديوان مطبوع مشهور ، قسَّمه إلى : ( العراقيَّات ، والنجديَّات ، والوجديَّات ) . وله تصانيفُ كثيرة ، منها : كتاب ( ما اختلف وائتلف في أنساب العرب) ، و( تاريخ أبيورد ونسا ) ، و( قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان ) ، و( الطبقات في كلِّ فنٍّ ) ، و( تَعِلَّة المُشتاق إلى ساكني العراق ) ، و( المُجتبى مِن المُجتنى ) في الرجال ، و( نُهزة الحافظ ) ، و( الدُّرَّة الثمينة ) ، و( كوكب المُتأمِّل ) يصف فيه الخيل ، و( تَعِلَّة المقرور ) يصف فيه البرد والنيران ، و( صهلة القارح ) يردُّ فيه على أبي العلاء المعرِّيّ .
كان فيه تيه وعزَّة نفس وعلوٌّ هِمَّة . ومِن شعره :
يا مَن يُساجلني وليس iiبمُدركٍ شأْوي وأين له جلالةُ iiمنصبي لا تَـتعَبنَّ فـدونَ مـا أمَّـلتَه خرطُ القَتادة وامتطاءُ iiالكوكبِ الـمجدُ يـعلم أيُّـنا خـيرٌ iiأباً فاسألْه تعلمْ أيَّ ذي حسَبٍ iiأبي جَـدِّي معاويةُ الأغرُّ سمَتْ iiبه جرثومةٌ مِن طينِها بُغض النبي وورثْـتُه شـرفاً رفعتُ iiمنارَه فـبنو أُمـيَّةَ يفخرون به iiوبي
الصفحة 220
قيل : إنَّه كان يفتخر بجدِّه ( معاوية الأصغر ) ، ويرثي الإمام الحسين ( عليه السلام ) ويمدح أهل البيت ( عليهم السلام ) .
ومِمَّن مدح أهل البيت ( عليهم السلام ) أيضاً : مروان بن محمّد السروجيّ . قال المرزبانيّ : هو مِن بني أُميَّة مِن أهل سروج بديار مُضر ، كان شيعيَّاً .. وهو القائل :
يـا بـني هاشمِ بنِ عبد منافٍ إنَّـنـي مَـعْكُمُ بـكلِّ مـكانِ أنـتمُ صـفوة الإلـهِ iiومـنكم جـعفرٌ ذو الـجناحِ والطَيَرانِ وعـليٌّ وحـمزةٌ أسـدُ iiالـل هِ وبـنتُ الـنبيِّ iiوالـحسَنانِ فـلئن كـنتُ مِـن أُمـيَّةَ iiإنِّي لَبريءٌ منها إلى الرحمانِ ( 1 )
وذكر هذه الأبيات القاضي صفيّ الدين أحمد بن صالح اليماني ، في كتابه ( مطالع البدور ومجمع البحور ) ، وقال : قال بعض الموالين للعترة الطاهرة ، وهو مِن بني أُميَّة ( الأبيات ) .
وقال أبو الفرج الإصبهانيّ : أبو عَدِيّ الأُمويّ شاعر بني أُميَّة .. وهو عبد الله بن عمرو بن عديّ بن ربيعة بن عبد العزَّى بن عبد شمس . كان يكره ما يجري عليه بنو أُميَّة مِن ذكْر عليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وسبِّه على المنابر ، ويُظهر الإنكار لذلك ، فشهد عليه قوم مِن بني أُميَّة ذلك وأنكروا عليه ، ونهَوه عنه فلم ينتهِ فنفوه مِن مَكَّة إلى المدينة ، فقال في ذلك :
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ مُعجم الشعراء ، للمرزبانيّ : 321 .
الصفحة 221
شـرَّدوا بي عند امتداحي iiعليَّاً ورأوا ذاك فــيَّ داءً دويَّــا فـوربِّي لا أبـرح الدهرَ حتَّى تـمتلي مُـهجتي بـحُبِّي iiعليَّا وبـنـيهِ لـحُبِّ أحـمدَ إنِّـي كـنتُ أحـببتُهم لـحُبِّي iiالنبيِّا حبُّ دِينٍ لا حُبُّ دنيا وشرُّ iiال حـبِّ حُـبَّاً يـكون iiدنـياويَّا صـاغني الله في الذُؤابة منهم لا زنـيماً ولا سـنيداً iiدَعِـيَّا عـدويَّاً خالي صريحاً iiوجدِّي عـبدُ شـمس وهـاشمٌ أبـوَيَّا فـسواءٌ عـلَيَّ لـستُ iiأبـالي عبشميَّاً دُعيتُ أَم هاشميَّا ( 1 )
وذاك الخليعيّ أبو الحسن جمال الدين عليّ بن عبد العزيز الموصلي الحلّيّ، صار شاعر أهل البيت المفلَّق، نظم فيهم فأكثر، ومدحهم حتّى كان مجموع شعره ليس فيه إلاّ مدحهم ورثاؤهم.
ــــــــــــــــــــ
1 ـ مِن مجموعة المرحوم الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، مُختار مِن كتاب الأغاني .
|