متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المطلب الأوّل : الصلح لغةً واصطلاحاً
الكتاب : دراسات في الفكر الإقتصادي الإسلامي    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

المبحث الأوّل : جوهر الصُلح أهمّيته ونطاقه

المطلب الأوّل : الصُلح لُغةً واصطلاحاً

يعرّف العلماء الصُلح لغةً بأنّه : ( قطْع النزاع ) .

 واختلفوا في تعريفه اصطلاحاً على أقوال :

1 ـ عرّفه الحنفيّة ( 3 ) والإماميّة ( 4 ) والشافعيّة ( 5 ) بأنّه : ( عقْد وضْعٍ لرفْع المُنازعة ) . والتعريف اتّكأ ـ كما هو واضح ـ على الغاية مِن الصُلح ، وفيه من عدم المانعيّة أنّ أكثر العقود الشرعيّة وُضعت ابتداءً لرفع المنازعة ، فلو قيّدوها ـ بعد حصولها ـ لانصرف الذهن إلى أنّه وسيلة لضمان العقد ، وإنهاء المسؤوليّة العقديّة ، لكن ما يسوّغ القول بصحّة هذا التعريف أنّهم لم يُريدوا اعتبار المنازعة مقدّمة داخلة في شرائط صحّة الصُلح ، فمع هذا القيد ربّما يُفهم أنّه لا يصلح إلاّ عندما تسبقه خصومة ونزاع ، وهذا ما سيتبيّن في عَرْض فروض الصُلح .

2 ـ وعرّفه الحنابلة ( 6 ) بأنّه : ( معاقدة يتوصّل بها إلى الإصلاح بين المختلفَين ) .

وفيه ، أنّه يدخل فيه التعويض المدني وبقضاء القاضي ، إذا قبِل فيه قبْل النطق بالحُكم  .

3 ـ وعرّفه المالكيّة ( 7 ) بأنّه : ( انتقال عن حقٍّ أو دعوى بعوَض ، لرفعِ نزاعٍ أو خوف وقوعه ) ، وأرادوا بالانتقال نقل المركز القانوني للخصم من حيّز المطالبة ، إلى عدمها .

وهو ما يقابل التنازل عن الحقّ أو إسقاطه ، وفرّقوا بين الحقّ والدعوى ؛ لأجْل أن يوسّعوا موضوع الصُلح إلى ما يشمل الحقّ الثابت ، وغير الثابت المعبّر عنه بالدعوى ، لكنّهم لمّا قيّدوه بالعوض ، فُهِم منه أنّ الصلح على مبنى المالكيّة لا يتمّ إلاّ بعوَض . ومن هُنا يمكن وصف التعريف بعدم


الصفحة 196

الجامعيّة ؛ لأنّه يصحّ الصُلح بلا عوضٍ ، ومن جهة المقاصد نجدهم قد جعلوا رفع الخصومة الحاليّة أو المتوقّعة غرضاً للصُلح .

4 ـ وعرّفه بعض الفقهاء ( 8 ) بأنّه : ( التراضي والتسالم على أمر ، من تمليكِ عينٍ أو منفعة ، أو إسقاط دَينٍ أو حقٍّ أو غير ذلك ) .

وفي التعريف تسوية بين إتمامه عن تراضٍ أو تسالم .

5 ـ وعرّفته مجلّة الأحكام ( 9 ) أنّه : ( عقدٌ يتّفق فيه المتنازعون في حقّ على ما يَرفع النزاع بينهما ) .

ومسلك تعريف المجلّة يشير إلى عدم تحقّقه في ( دعوى ) قبل ثبوتها ، وهذا خلاف ما سيذهب إليه أكثر الفقهاء .

6 ـ وعرّفه فقهاء القانون ( 10 ) أنّه : عقدٌ يَحسم به الطرفان نزاعاً قائماً ، أو يتوقّيان به حصول نزاعٍ محتمل ، ذلك بأن ينزل كلٌّ منهما على وجه التقابل عن جزءٍ من ادّعائه .

وفي تعريف أهل القانون إدخال ( للإقالة ) في أحكام الصُلح ، واعتبار النزول عن الادّعاء بمثابة التنازل عن الحقّ ، باعتباره وسيلة الإثبات ، أو أنّه يسقط بالتنازل عنه من باب الأَولى .

والذي أختارُه : إنّه عقدٌ شرعيٌّ ينهي خصومة حاصلة أو متوقّعة غالباً ، بالتوصّل إلى ما يتراضى به الخصوم انتهـاءً ، إمّا بإسقاط بعضهم كلّ حقّه أو جزئه ، بعوَضٍ أو من دون عوَض .

لذلك يمكن القول : إنّه ذو صور متعدّدة ، منها :

إسقاط أحد الخصمَين كلّ حقِّه للآخَر بعوَض أو من دون عوض .

أو إسقاطه بعض حقّه بعوَض أو من دون عوض .

أو إنشاء معاوضة جديدة على ( حقٍّ متنازعٍ ) عليه .

 

------------------

(3) ابن عابدين ، ردّ المحتار على الدرّ المختار : 4/493 .

(4) المحقّق الحلّي ، الشرائع : 2/121 ، ظ : جواهر الكلام : 26/210 ، مفتاح الكرامة ، ص 460 ، اللمعة : 4/174 .

(5) الشربيني ، مغني المحتاج على متن المنهاج : 2/177 .

(6) ابن قدامة ، المغني : 4 / 476 ، غاية المنتهى : 2/118 .

(7) محمّد بن سعد ، دليل السالك ، ص 115 .

(8) أبو الحسن الموسوي ، وسيلة النجاة ، ص561 .

(9) علي حيدر ، مجلّة الأحكام العدليّة : 1/599 ، المادّة 1531 ، 1560 .

(10) أحمد محمّد إبراهيم ، القانون المدني ، ص604 .


الصفحة 197


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net