متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
3 ـ التصوّر والمُعالجة في النُّظم الاقتصاديّة المُخطّطة
الكتاب : دراسات في الفكر الإقتصادي الإسلامي    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

 

3 ـ التصوّر والمُعالجة في النُّظم الاقتصاديّة المُخطّطة

إنّ مُجمل الاقتصاديّين السوفيت يرون أنّ الفهم الرأسماليّ للمشكلة الاقتصاديّة يُمثّل واحدة من المبالغات التي يروّجها الفكر الاقتصاديّ الرأسماليّ ؛ لأنّ حركة السكّان تؤدّي إلى حركة الإنتاج ، وتتمّ الزيادة فيه إذا حصلت ظروف توزيعيّة متكافئة موازية للإنتاج .

ومنهم رابوشكين ( Raboshkin ) ، الذي يحدّد ( أنّ التنظيم الاقتصادي الكفؤ والعمل المتواصل ؛ يؤدّي إلى تنمية الناتج بمعدّلات تفوق بكثير معدّلات النموّ السكّاني ) ( 2 ) .

وهذا التصوّر لا يرى أن الندْرة التكوينيّة ـ على ما يبدو ـ حالة مستعصية تقتضي أن يُركّز المنظّر الاقتصاديّ بحوثه على تنظيم الحاجة ، بحيث تشكّل متناسبة معها بوصفها مسلّمة نهائيّة ، بل المستفاد ممّا تقدّم أنّ العمل الإنسانيّ كفيل برفع مرونة المعطيات إلى ما يكفي سداد الحاجات ؛ لذا يعلّق الأمر على توظيف حركة السكّان لصالح حركة الإنتاج من خلال ظروف توزيعيّة مُتكافئة


الصفحة 48

وموازية للإنتاج ، بحيث ينال كلٌّ حَسَب طاقته ( لكلّ حسب عمله ) ، وهذا يتطلّب تنظيماً اقتصاديّاً يعتمد العمل المتواصـل .

وهذا الأساس النظريّ لجنس المُعالجة قائم على إناطة مسؤولية اختبار أنماط الإنتاج وهياكله ، وتوزيع نِسَب عناصر الإنتاج واستخداماتها ، وتحديد حَجم المشروعات ، وأخيراً تقسيم المنتجات على الأفراد وتوفير سُبل التقدّم بالدولة بوصفها ممثّلة للمصلحة العامّة ، فهي المالكة لكلّ وسائل الإنتاج ، وصاحبة التصرّف والسلطان في إدارة الموارد ، وترتيب سُلّم الحاجات ، وأُسس التوزيع ، ومقادير الاستثمارات ، باستخدام التخطيط الشامل والمركزي .

إلاّ أنّ هذه المعالجة جوبهت بانعدام الحافز قياساً بقرينتها ( المعالجة الفرديّة ) ، وترتيب الحاجة بقرار إداريّ ، وليس بقرار اقتصاديّ ، ولا يُمكن عدّ الوسائل الإحصائيّة مؤشّراً بديلاً ؛ لأنّه يفتقد في المُعالجة الجماعيّة إلى صدق النتائج وثباتها لعدّة أسباب ، لكن الذي لا خلاف فيه أنّ هذه المُعالجة نجحت تماماً في حالات الأزمات ، وخصوصاً الحُروب .

ولأغراض تبيّن وجوه الالتقاء والافتراق في وجهات النظر ـ المُنطلقات والنتائج ـ فإنّ عرض مُجمل التصوّر والمعالجة التي تعتمدها النُظم المُعاصرة يمهّد الدرب ؛ لاستعراض تفصيليّ للتصوّر والمُعالجة الإسلاميّة للمشكلة الاقتصاديّة في جانبَي العرض والطلَب ، أي جانبَي تقدير أثر عامل الندرة ، وأثر مفهوم الحاجة ودورها في النشاط الاقتصاديّ للإنسان المسلم .

ـــــــــــــــ

(2) د . نامق ( صلاح الدين ) ، اقتصاديّات السكّان ، ص : 205 و206 ، دار المعارف ـ مصر ، 1970م .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net