دراسات
في
الفِكر الاقتصادي الإسلامي
الصفحة 2
الغدير للدراسات والنشر
حارة حريك ـ بناية البنك اللبناني السويسري
هاتف 644662 / 03 ـ 558215 / 01 ـ 273604 / 01
ص . ب 50 / 24 ـ بيروت ـ لبنان
E-mail: algadeer@ inco. com. Ib
* جميع حُقوق الطبع محفوظة
لمركز الغدير للدراسات الإسلاميّة
ولا يحقّ لأي شخص ، أو مؤسسة ، أو جهة ، إعادة
طبع الكتاب أو ترجمته إلاّ بترخيص من النّاشر
الطبعة الأُولى
1419 هـ ـ 1999 م
الصفحة 3
دراسات
في
الفِكر الاقتصادي الإسلامي
د . عبد الأمير زاهد
الغدير
بيروت ـ لبنان
الصفحة 4
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الصفحة 5
كلمةُ المَركز
يبحث هذا الكتاب في الفكر الاقتصادي الإسلامي ، فيُعالج خمس قضايا أساسيّة مِن قضاياه ، ولا يخفى على أيّ معنيٍّ بهذا الشأن ، أنّ قضايا الفكر الاقتصادي تُعدّ ، وبخاصّة في مجتمعات البلدان النامية ، وبلادنا منها ، من القضايا المركزيّة الكبرى المفروض أن تُولى أهمّية خاصّة ، وقد درج كثير من الباحثين في هذا المجال على استلهام النُظم الوضعيّة ، والغربيّة منها بخاصّة ، مُعتقدين أنّ الإسلام يُقدّم مجموعة نُظم جزئيّة أخلاقيّة تقتصر على معالجة قضايا التوزيع ؛ الأمر الذي جعلهم يرون استحالة تقدّم المجتمع الذي تحكمه هذه النُظم ، وبغية تأكيد وجهة نظرهم هذه يقدّمون ما عرفته البلدان الإسلاميّة من نُظم ، ومنها بخاصّة نظام الدولة العُثمانية ، ويقارنون بينها وبين ما عرفته الدول الأوروبية من نُظم مُختلفـة ، ويرون أنّ النُظم الأُولى لم توفّر ما يُلبّي حاجات الإنسان الأساسيّة ؛ بسبب فقدانها القدرة الذاتية على النموّ والتطوّر والإنتاج وتجاوز وضعها الساكن ، في حين أنّ النُظم الثانية وفّرت تلك الحاجات ، ومضت في تجاوز مستمرّ لكل وضع تصل إليه .
يدرك مؤلّف هذا الكتاب وجهة النّظر هذه ، ويتّفق مع أصحابها في القول بأنّ تقدّم المجتمع هو غايةُ أيّ نظام ، وقدرته على تحقيقها هي وسيلة فحص صلاحيّته ، لكنّه يختلف معهم في ما تبقّى مِن قول ؛ ذلك أن النُظم التي يقدّمونها ، بوصفها نماذج للنظام الإسلامي ، ليست كذلك ، فهي لا تمثّل النظام الإسلامي المُنبثق من النظرية الإسلاميّة الشاملة الرائية إلى الكون والحياة والعلاقات بين الناس ، والتي يمثّل القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة مصدرها .
مِن هنا كانت الحاجة ماسّة إلى بيان هذه النظرية في مُختلف المجالات ، وبخاصّة في مجال الفكر الاقتصادي ، الذي يقلّ البحث فيه ، وتبرز الحاجة أكثر إلحاحاً وضرورة .
الصفحة 6
وإذ يعي مؤلّف هذا الكتاب ، أ . د . عبد الأمير زاهد ( شاركه أ . د . فاضل عبّاس الحسب في تأليف البحث الأوّل ) هذه الحقيقة يعمد إلى إجراء ( دراسات في الفكر الاقتصادي الإسلامي ) ؛ ليقدّم معرفةً بالنظرية الاقتصادية الإسلامية في مجالات التنمية والحاجة والإنتاج والرّشد والجريمة الاقتصادية وسُبل الوقاية منها ، ويعتمد منهجاً يتدرّج في بحث كل قضية من عرضِ مفاهيم المذاهب المعاصرة إلى عرضِ المفاهيم المستنبطة من مصادر التشريع الإسلامي ، إلى إجراء بحث مُقارن بين وجهتي النَظر ، ما يُفضي إلى بلورة وجهة النَظر الإسلاميّة في كيفيّة النهوض الاقتصادي واستمرار النمو والتقدّم .
وتتميّز هذه الحركة النهضوية التنموية ... ، في المنظور الإسلامي ، بأنّها ترمي إلى تحقيق أهداف مختلفة عن الأهداف التي ترمي إليها النظرية التي تحكم النظريات الوضعيّة ؛ ذلك أنّ الأصل الأوّل في النظريّة الإسلامية هو عمارة الأرض وإقامة الحقّ فيها ، وهذا الأصل هو تكليف شرعي يستنبط من نصوص كثيرة ، منها قوله تعالى : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) [البقرة / 30] ، و( هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) [هود / 61] ، فقد جاء في تفسير الآية الأُولى : أنّ الله سبحانه وتعالى استخلف الإنسان في الأرض ليعمرها ويقيم الأرض عامرةً بما يحتاج إليه ، بوصفه خليفة في الأرض ، وهذا الأصل يُفيد ، علاوةً على ما ذكرناه ، أنّ هذه النظريّة لا تقتصر ، كما يزعم بعضهم ، على جُزئيات أخلاقيّة تتعلّق بالتوزيع ، وإنّما تشمل إنتاج جميع ما يحتاجه الإنسان وسُبل توزيعه وفق مبدأ إقامة الحقّ الذي يكرّم الإنسان بوصفه خليفة الله في الأرض .
إنّنا إذ نعي أهميّة ما تُقدّمه هذه الدراسات من معرفة نُقْدِم على نشرها في هذا الكتاب ، آملين أن تُسهم في تحقيق الهدف الذي يرمي إليه ، وهو خدمة ديننا الحنيف ، والله سبحانه وتعالى الموفّق إلى سواء السبيل .
مركز الغدير للدراسات الإسلامية
الصفحة 7
|