متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
السنّة النبوية وتكفير المسلم
الكتاب : بحوث قرآنية في التوحيد والشرك    |    القسم : مكتبة القرآن و الحديث

 

السنّة النبوية وتكفير المسلم


 قد وردت أحاديث كثيرة تنهى عن تكفير المسلم الذي أقر بالشهادتين فضلاً عمّن يمارس الفرائض الدينية، وإليك طائفة من هذه الروايات:

 1. بني الاِسلام على خصال: شهادة أن لا إله إلاّاللّه، وانّمحمّداً رسول اللّه، والاقرار بما جاء من عند اللّه، و الجهاد ماض منذ بعث رسله إلى آخر عصابة تكون من المسلمين...فلا تكفروهم بذنب ولا تشهدوا عليهم بشرك».(2)

2. أخرج أبو داود عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): «أيّما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً فإن كان كافراً وإلاّ كان هو الكافر».(3)
____________

 1 ـ التفتازاني: شرح المقاصد:5|227.

 2 ـ كنز العمال:1|29، برقم 30.

 3 ـ سنن أبي داود:4|221، برقم 4687، كتاب السنة.


( 19 )

3. أخرج مسلم، عن نافع، عن ابن عمر، انّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» قال: «إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما».(1)

4. أخرج مسلم، عن عبد اللّه بن دينار، انّه سمع ابن عمر، يقول: قال رسول اللّه ص: «أيّما امرءٍ قال لاَخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال، وإلاّ رجعت عليه.(2)

5. عقد البخاري باباً باسم «المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلاّ بالشرك»، يقول النبي ص: إنّك امرء فيك جاهلية، وقول اللّه: (إِنَّ اللّهَ لا يغفرُ أَن يُشْركَ بِهِ وَيَغْفرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) .(3)(4)

6. أخرج الترمذي في سننه عن ثابت بن الضحاك، عن النبي ص قال: «ليس على العبد نذر فيما لا يملك، ولا عن الموَمن كقاتله، ومن قذف موَمناً بكفر فهو كقاتله».(5)

7. أخرج ابو داود عن أُسامة بن زيد قال: بعثنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
____________

 1 ـ صحيح مسلم: 1|56، باب «من قال لاَخيه المسلم يا كافر» من كتاب الاِيمان.

 2 ـ صحيح مسلم: 1|57، باب «من قال لاَخيه المسلم يا كافر» من كتاب الاِيمان، وأخرجه الاِمام أحمد في مسنده:2|22و 60و 142؛ وأخرجه الترمذي في سننه: 5|22 برقم 2637، كتاب الاِيمان.

 3 ـ النساء|48.

 4 ـ صحيح البخاري: 1|11، باب «المعاصي من أمر الجاهلية» من كتاب الاِيمان.

 5 ـ سنن الترمذي: 5|22 برقم 2636، كتاب الاِيمان.


( 20 )

سرية إلى الحرقات، فنذروا بنا فهربوا فأدركنا رجلاً فلمّا غشيناه قال: لا إله إلاّ اللّه، فضربناه حتى قتلناه فذكرته للنبيص فقال: «من لك بلا إله إلاّاللّه يوم القيامة؟» قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّما قالها مخافة السلاح والقتل، فقال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إله إلاّ اللّه يوم القيامة؟» قال: فمازال يقولها حتى وددت انّي لم أسلم إلاّ يومئذ.(1)

8.لما خاطب ذو الخويصرة الرسول الاَعظمص بقوله: اعدل، ثارت ثورة من كان في المجلس، منهم خالد بن الوليد قال: يا رسول اللّه الا أضرب عنقه؟ فقال رسول اللّه ص: «لا، فلعله يكون يصلّي» فقال: إنّه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي لم أُوَمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم».(2)

وعلى ضوء هذه الاَحاديث المتضافرة والكلمات المضيئة عن الرسولص وعلمائنا السابقين المقتفين أثره يعلم انّ تكفير مسلم ليس بالاَمر الهيّـن بل هو من الموبقات، قال سبحانه: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ)(3)

لم يزل المسلمون منذ قرون غرضاً لاَهداف المستعمرين
____________

 1 ـ سنن أبي داود:3|45برقم 2643؛ صحيح البخاري: 5|144، باب بعث النبي اسامة بن زيد إلى الحرقات من كتاب المغازي.

 2 ـ صحيح البخاري: 5|164، باب بعث علي وخالد بن الوليد من كتاب المغازي.

 3 ـ آل عمران|105.


( 21 )

ومخطَّطاتهم في بث الفرقة بين صفوفهم وجعلهم فرقاً وأُمما متناحرة ينهش بعضهم بعضاً، وكأنّهم ليسوا من أُمّة واحدة كلّ ذلك ليكونوا فريسة سائغة للمستعمرين.وبالتالي ينهبوا ثرواتهم ويقضوا على عقيدتهم وثقافتهم الاِسلامية بشتى الوسائل، ولاَجل ذلك نرى انّه ربما يُشعلون نيران الفتن لاَجل مسائل فقهيةلا تمسّ إلى العقيدة بصلة فيكفِّر بعضهم بعضاً مع أنّالمسائل الفقهية لم تزل مورد خلاف ونقاش بين الفقهاء، فمثلاً:

 في مسألة قبض اليد اليسرى باليمنى أقوال فمن قائل بالاستحباب، إلى آخر قائل بالكراهة، إلى ثالث قائل بالتحريم. فلكل مجتهد رأيه فلا يجوز لفقيه أن يكفر فقيهاً أو اتباعه في مسألة القبض، وقس على ذلك مسائل كثيرة تعد من الاَحكام وللاجتهاد فيها مجال واسع.

 ونظير ذلك بعض المسائل العقائدية التي ليست من ضروريات الاِسلام بل للعقل والاستدلال دور في تحقيقها، مثلاً:

 عصمة الاَنبياء قبل البعثة أو بعدها، أو حدوث القرآن وقدمه، أو صفاته تعالى عين ذاته أو زائد عليها، فليست هذه المسائل محور التوحيد والشرك والاِيمان والكفر ولكلّ محقق، عقيدته ودليله ولا يجوز لآخر تكفيره، ويكفي في ذلك، الاعتقاد بما جاء به النبيإذا لم يكن من أهل التحقيق.

 


( 22 )

وبما ذكرنا يعلم انّ تكفير طائفة ، طائفة أُخرى لمسائل فقهية أو عقائدية لم يثبت كونها من ضروريات الدين، أمر محظور وزلَّة لا تغتفر وخدمة للاستعمار الغاشم لا غير.

 ونحن لا نريد الاِطالة في الكلام وتكثير الاَمثلة، و تكفي في الاطلاع دراسة وضع المسلمين وتشتتهم ضمن اختلاف بعضهم مع بعض في فروع فقهية أو عقائدية ليست من الضروريات.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net