متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المقصد السادس في المجمل والمبين
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول
المقصد السادس في المجمل والمبين

    وقد عرف المجمل بتعاريف : منها : ان المجمل عبارة عما لايكون بحجة ولا يستطرق به إلى الواقع فيقابله المبين وهو الذي يستطرق به إلى الواقع.
    ومنها : ولعله هو الظاهر أنه عبارة عما لايكون له الدلالة والظهور في معنى خاص والمبين في قباله وهو الكلام الذي كان له الدلالة والظهور على المعنى. والمراد من الدلالة والظهور انما هو الدلالة التصورية التي هي بمعنى انسباق المعنى من اللفظ في الذهن عند اطلاقه ، لا الدلالة التصديقية التي هي موضوع الحجية ، ولعله إليه أيضا يرجع ما في الفصول من تعريفه بأنه عبارة عما دل على معنى لم يتضح دلالته. وعليه فيخرج المهملات طرا لأنها ليس لها معنى أصلا ، والظهور والدلالة فرع أصل وجود المعنى للفظ ، كما أنه يخرج أيضا عن هذا التعريف الألفاظ الظاهرة التي قام على خلافها القرينة الخارجية المنفصلة ، كالعمومات المخصصة بالمنفصل ، وموارد تعارض الظهورين المنفصلين ، ويدخل ذلك كله في المبين ، من جهة ان مجرد قيام القرينة الخارجية على عدم إرادة الظاهر منه على هذا التعريف لا يخرجه عن المبين. وهذا بخلافه على التعريف الأول فإنه عليه يدخل الموارد المزبورة في المجملات نعم يدخل فيه المشتركات اللفظية بل المعنوية والكلام المحفوف بالقرينة المجملة ونحوها مما لايكون له ظهور في معنى وان علم من الخارج ما أريد منه ، هذا.
    ولكن الذي يسهل الخطب هو عدم ترتب ثمرة مهمة على هذا النزاع ، لان موضوع الحجية بعد ما كان عبارة عن الظهور التصديقي الملازم لاحراز كون المتكلم في مقام الإفادة


(584)

والاستفادة ، فلا جرم كان تمام العبرة في مقام الحجية والاستطراق وجودا وعدما على هذا الظهور ، قلنا بكون المجمل عبارة عما لا يستطرق به إلى الواقع وكون موارد تعارض الظهورين المنفصلين من المجملات حقيقة ، أو بكونه عبارة عما لايكون له ظهور ودلالة على المعنى المراد بالظهور التصوري وان الموارد المزبورة مبينات حقيقة ولكنها محكومة بحكم الاجمال ، من جهة انه ليس لنا حكم في آية أو رواية كان مترتبا على العنوانين المزبورين حتى يصح لأجله النزاع والنقض والابرام في تعريفهما ، كما هو واضح.
    ومن ذلك ظهر عدم المجال أيضا لما أفادوه من النقض والابرام في بعض الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة في أنها من المجملات أو المبينات كآية السرقة ، وآية تحريم الأمهات ، وقوله : لا صلاة الا بطهور ، ونحو ذلك ، من حيث حكم بعضهم باجمال اليد في الآية وترددها بين الكف والزند والمرفق ، وحكم بعض آخر بعدم الاجمال فيها ، وهكذا في آية تحريم الأمهات ، وقوله : لا صلاة الا بطهور ، وذلك لما عرفت من عدم ترتب ثمرة مهمة على ذلك بعد كون مدار الحجية في باب الظهورات وجودا وعدما على الظهور التصديقي ، هذا ، مع امكان دعوى كون الأمثلة المزبورة أيضا من المبينات بالمعنى الذي شرحناه ، نظرا إلى ظهور اليد في المجموع حسب الظهور التصوري الذي بمعنى الانسباق ، وظهور استناد تحريم الأمهات والأخوات إلى خصوص وطيها ، وحلية البهيمة إلى اكلها ، وظهور النفي في لا صلاة الا بطهور في نفى الحقيقة ، وعليه فكانت الأمثلة المزبورة من قبيل المبينات من غير أن يضر بذلك قيام القرينة في بعضها على الخلاف كما في آية السرقة ، حيث علم من الخارج بعدم إرادة مجموع اليد في الآية المباركة ، وعدم إرادة نفى الحقيقة مثلا في تركيب لا صلاة الا بطهور ونحوه ، وذلك من جهة ما عرفت مرارا من عدم اقتضاء القرائن المنفصلة كلية لكسر صولة الظهورات رأسا وجعلها حقيقة من المجملات بل وانما غايتها اقتضائها لعدم حجيتها.
    تنبيه : لايخفى عليك ان الاجمال والتبيين في الكلام أمران إضافيان بالنسبة إلى الاشخاص فربما يكون الكلام مجملا بالإضافة إلى شخص لمكان جهله وعدم معرفته بالوضع أو من جهة تصادم ظهوره عنده بما يصلح للقرينية عليه من الأمور المحفوفة بالكلام ، ومبينا عند شخص آخر لعلمه ومعرفته بالوضع وعدم تصادم ظهوره بما حف به بنظره ، وهو واضح.


(585)

    هذا تمام الكلام في مباحث الألفاظ على ما تيسر لنا من تحرير ما استفدناه بفهمنا القاصر. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
    وقد وقع الفراغ عن تسويده في التاسع عشر من ربيع المولود على يد الأقل محمد تقي البروجردي ابن عبد الكريم عفى الله عنهما انشاء الله تعالى بجاه محمد وآل محمد سنة 1356.

بسمه تعالى
لقد فوض إلي امر تصحيح النسخة الأصل
من حيث رعاية أصول اللغة العربية فأجلت
النظر فيها وصححت ما وجدت منها غير موافق
لتلك الأصول ، الا ما زاغ عنه البصر ، مراعيا
لكمال الأمانة وربما غيرت بعضا طفيفا من
الألفاظ بما لا يخرج عن حد الاصلاح أو التزيين.
ومن اليقين رضي المؤلف قدس سره وابتهاجه به
رزقنا الله تعالى الاخلاص في القول والعمل
بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم
أجمعين.
قم المشرفة ـ محمد مؤمن
20 / 9 / 1362

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net